الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

احتراف الوجع

4 ابريل 2018 21:56
موجع بل مخيف هذا الذي يطالعنا، كلما أمعنا في قراءة مشهدنا الكروي العربي مع تنوع تضاريسه، من صور متناقضة لا تقول بوجود نسق اشتغال موحد بين المؤسسات والاتحادات الوصية على كرة القدم، وبين النوادي التي هي قاعدة الهرم، فالكثير من الأندية تتلكأ في ركوب قطار التغيير والدخول فعلياً في النظام الاحترافي، الذي لا يدخل سواه كرة القدم العربية في الزمن الحديث، وكأننا أمام قطارين لا يسيران بالسرعة نفسها. أعبر على السريع مشهدنا الكروي العربي من خليجه إلى محيطه، مستقرئاً ومستطلعاً ما يتفاعل على سطحه من إشكالات هيكلية وتنظيمية، ولا أجد سبباً لتفاقم حدة هذه الإشكالات التي تأخذ في الغالب شكل معيقات، سوى أن أنديتنا برغم ما يرصد لها من إمكانات مادية، وبرغم ما يصاغ لها من أنظمة، لا تستطيع أن تنقل نفسها للنظام الاحترافي بثقافته ومتطلباته وحتى لزومياته الاقتصادية، بل لا يبدي أغلبها أي قدرة على الخروج من جلباب الاتكالية واقتصاد الريع. تختلف دولنا العربية في مقدار الزمن الذي أنفقته من أجل شرعنة الاحتراف، ومن أجل تهيئة الأرضية القانونية التي عليها سيقف هذا الاحتراف، ويختلف شكل وحدة الصعوبة، بحسب ما ترسخ وما ترسب في الفكر الرياضي خلال الأزمنة الطويلة للهواية. ويمكن القول إن تأخر كثير من دولنا العربية في الدخول الفعلي للاحتراف يعزى إلى أسباب كثيرة، منها أولاً ضعف الحوكمة نتيجة معاناة النوادي مع نظام الخصخصة، وثانياً غياب نمط اقتصادي يتطابق مع خصوصيات كرة القدم العربية، وثالثاً عجز الأندية عن الوصول في نمط تدبيرها للمستويات التي تضمن لها نوعاً من التوازن الاقتصادي، الذي يحولها إلى مؤسسات منتجة وربحية، لا مستهلكة وعالة على غيرها. ليس القصد عند إحصاء كل هذه الأعطاب، أن أبث روح اليأس من خلال مكاشفة النفس بما هو واقع، ولكن القصد هو أن تتصدر المشهد الكروي العربي بمختلف تضاريسه، مقاربة جديدة تقوم على الصرامة في تنزيل اللوائح، وعلى الحرص الكامل على تطبيقها، وعلى التقيد بأساسيات الاحتراف بلا مواربة وبلا ديماجوجية، فقد استهلكنا ما يكفي من الوقت في المهادنة والصبر على المعطلات التي تأتي من جيوب المقاومة، من الذين شعروا فعلاً أنه بمجيء الاحتراف ستنتهي صلاحياتهم، فحملوا ألوية المقاومة والعصيان. إن ما يفصلنا عن الاحتراف الأوروبي، الذي هو من أكبر مرجعيات التدبير الكروي في العالم، أزمنة وأجيال لن نستطيع مهما فعلنا أن نلغيها أو نعبرها، لذلك هناك حاجة لأن نعامل احترافنا العربي على هيئته وبكل حقائقه مهما كانت حزينة، لنعطيه أوكسجين الحياة حتى لا يموت في المهد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©