شيفرة الإبياري

عندما قرأت رواية (الجحيم) لدان براون شعرت بندم لأنني أضعت من عمري كل هذا الوقت في قراءة كتاب بحجم الكومود المجاور لفراشي. انبهرت جدا بشيفرة دافنشي وملائكة وشياطين.. لكن مع الوقت بدأت أدرك أن هذه خلطة مكررة يعرف الأخ دان براون مقاديرها بالضبط، ويلجأ لها كلما احتاج إلى دفع قسط جديد من أقساط الثلاجة. هناك باحث في الشيفرات وهناك منظمة دينية غامضة ترسل قاتلاً عجيباً يجلد نفسه أو يملأ جسده بالوشم، وهناك فرار طويل طيلة القصة مع فتاة حسناء متورطة، ثم اللجوء لسيل لا ينتهي من الشيفرات يقود لشيء ما.. الآن وقد فهمت الخلطة كلها سوف أقدم لك (شفرة الإبياري)، وهي الرواية التي ستجعل كل العالم يعرف اسمي... سوف يطلقون اسمي على جائزة نوبل لأن أحدًا لن ينالها بعدي. لن أكتب القصة للحصول على قسط الثلاجة، بل للحصول على القصر الرابع من قصوري. أبو السعود الإبياري هو الشاعر وكاتب السيناريو والحوار العبقري الذي قدم لنا أغلب أفلام الأبيض والأسود التي بهرتنا.. أفلام زينات صدقي واسماعيل ياسين وستيفان روستي وعبد الفتاح القصري. يمكنك أن تجد رموزًا مهمة في العبارات الخالدة التي وضعها الإبياري على لسان أبطاله. أولاً يجب أن يكون هناك متحف لإبداعات أبي السعود الإبياري.. طبعا هذا حلم أجمل من أن يتحقق لأن الرجل عبقري فعلاً. مدير المتحف يجوب المكان ليلاً.. تنهال على رأسه عصا حديدية فيسقط أرضاً.. أما القاتل فهو رجل غريب الأطوار يضع كسرولة على رأسه ويدخن ثمرة خيار، ويعبد الإله بعل الذي مات هو نفسه من ألف سنة.. ننتقل للدكتور عباس أبو شفة، أستاذ الرموز في جامعة عين شمس. هناك رجلان من قسم الوايلي يأتيان لبيته، لأن هناك جريمة في متحف أبي السعود الإبياري. يحاول التنصل لكن لا وقت هناك. الأمر خطر يا بروفسور.. يقابل هناك فتاة خطيرة تلبس بيجامة خضراء ومنديل رأس. تقول له: إنها (عزيزة الهبلة) خبيرة الرموز وحاصلة على دكتوراه من السوربون في أدب أبي السعود الإبياري. يفحصان الجثة فيكتشفان أن هناك حزاما لفه المدير حول خصره. هنا يسمع صوت مسدس يتأهب للإطلاق .. إنهما رجلا الشرطة. هما إذن مزيفان.. لابد أن منظمة غامضة أرسلتهما. يلاحظ عباس أبو شفة الطريقة التي يطلقان الرصاص بها فيقول للفتاة: ـ«هم من جماعة (الجعايدة)... وهي جماعة دينية غامضة. يطلقون الرصاص عن طريق وضع المسدس في الفم ثم إدخال أصبع في الأنف.. يجب أن نهرب» يطلق أحد الرجلين الرصاص فيصيب صاحبه. يقول الصديق وهو يموت: ـ«نشنت يا فالح؟» وينطلق البطل والفتاة يركضان عبر طرقات متحف الإبياري.. يقول لها وهو يلهث: ـ«الأمر واضح.. لقد وضع مدير المتحف حزامًا حول خصره كأنه سيرقص.. هذا يشير لجملة (حاتحزم وأجي لك).. هذه جملة قالها ستيفان روستي.. هو كذلك قائل عبارة (نشنت يا فالح)» إذن اللغز في تمثال ستيفان روستي الواقف على باب المتحف. يسقطه ليكسره.. هنا يتهشم الرأس ويتدحرج منه قلب صغير من النحاس... أمسك عباس أبو شفة بالقلب.. أدرك أنه بوصلة تشير إلى الجنوب الشمالي.. لا يوجد اتجاه كهذا لكنك لا تفهم عبقرية الشفرات. الجواب جاهز.. ـ«قال أبو السعود الأبياري في أغنيته الشهيرة: أنا قلبي دليلي.. هذا معناه أن هذا القلب هو الدليل..» ويهرع البطل في الاتجاه الجنوبي الشمالي، بينما الفتاة تلحق به.. يهرع رجل الشرطة المزيف يلحق بهما فيكتشف أن التمثال مهشم.. شيء ما كان بداخله. يتجرد من ثيابه ويخرج سوطًا ويشعل فيه النار ثم يجلد نفسه علقة ساخنة عقابا لنفسه على غبائه.. يسرع البطل جرياً مع الفتاة التي صارت تهيم به حباً.. يجدان على جدار المتحف عبارة (بللم). ما معنى هذا؟.. ثم يتذكر عبارة الإبياري الشهيرة: «شغلتك على المدفع بللم؟». نحن نتكلم عن مدفع إذن . ولكن أين؟ تخبره الفتاة أن هناك مدفعاً كبيراً في الجهة الأخرى من الحديقة. يهرعان هناك، بينما القاتل يحاول اللحاق بهما.. يدخل هو والفتاة المدفع ويشعل الفتيل.. بوووم !.. يطلق المدفع البطلين في السماء.. ثم يسقطان وسط حظيرة دجاج.. بالطبع هناك كتاكيت صفراء وبنية.. من الواضح أن السر موجود في الكتاكيت البني بما أن الإبياري هو قائل (كتاكيته بني). يقوم الباحث بذبح الكتاكيت والبحث في أحشائها حتى يجد أنبوب الفيروس القاتل الذي سيفني البشرية... هذه هي قصتي الرائعة.. لا شك في أنها ستحقق نجاحاً مذهلاً، وبالتأكيد ستحقق لي ما هو أكثر من سداد قسط الثلاجة.