الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الله العثمان: الغضب طاقة إذا حاولنا كبتها ستنفجر

عبد الله العثمان: الغضب طاقة إذا حاولنا كبتها ستنفجر
3 أغسطس 2009 23:38
الغضب ألوانه متعددة وصوره مختلفة، تنعكس آثاره على وجه الغضوب وتنسحب على كل الناس من حوله، وحينما تدق ساعة الغضب كل شيء يتحول، تتغير الألوان، ترتفع الأصوات، يتوقف العقل، تعمل الجوارح بأعلى طاقتها، إنها ثورة عارمة، طاقة جامحة، ثور هائج، صقر منقض، أسد غضبان، نمر مسرع، زلزال مدمر، بركان هائج، لا أحد يوقفه، عاصفة تزحزح وتجرف كل ما يعترضها، إنها ساعة الغضب التي تأكل الجسد وتحدث جروحاً في كل الناس. كيف يأكل الغضب الجسد ويقلل مناعته ويعرضه للأمراض، وكيف تمكن السيطرة على الغضب؟ وكيف يمكن تصريف هذه الطاقة؟ وكيف تمكن معرفة مفاتيح الغضوب ثم السيطرة عليه؟ هذه الأمور كلُّها سيشرحها عبدالله العثمان، خبير التنمية البشرية، في هذه السطور: يجب أن تتعلم كيف تغير من أفكارك بحيث ترى كل ما كان يغضبك أمراً عادياً، وتوقف العقارب لكي لا تصل لساعة الغضب، متمثلاً بقوله صلى الله عليه وسلم «لا تغضب»، أو أن تصرف غضبك لبناء وحرث وزرع، ثم تحول هذه الطاقة لصالحك. كل شيء سيكون على ما يرام ينشأ القلق عند التفكير بأنه سيحصل خطأ، أو أنه لن تكون الأمور على ما يرام. واجه الأخطاء وتعلم منها، ولا بأس في الوقوع بالخطأ، فالإنسان يخطئ رغم استعداده الممتاز للحدث أو الحفلة أو الامتحان، وعند خطئه فإنه يغضب ويثور على نفسه، وربما على غيره، فعلينا أن نتقبل الخطأ في كل شيء ولا نطلب الكمال في أمورنا كلها. فكر بالأمر بعد 100 سنة هل هو مهم فعلاً، هل من المهم أن نخسر صحتنا وأجسادنا بسبب خطأ، اعتبر الامتحان تجربة، اعتبر الحياة لعبة أو رحلة، ولا تعتبرها معركة. لا تغضب جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أوصني يا رسول الله، فقال: لا تغضب. فكرر مراراً «لا تغضب». حديث عظيم موجز يحتاج لمجلدات لشرحه وشرح عظمته، لاحظ أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تغضب. وليس: نفّس عن غضبك. لا تغضب تعني أنك تنظر للأحداث التي تغضبك على أنها أشياء عادية، وهذا ما سأحاول شرحه هنا: فالخادمة تخطئ وتسكب الماء عليك ولا تغضب، هذا ما أقصده أن لا تغضب، أي أن ترى الأشياء التي تغضبك على أنها شيء عادي وغير مغضب. فبدلاً من النظر على أنها أهانتك أو تقصدك أو أتلفت لباسك أو أنها لا تفهم ولا تتفهمك، تنظر للمشكلة على أنه خطأ وقعت فيه، أنها آسفة ولا تقصد ذلك، أن تنظر للأمر، وأن كلَّ شيء سيكون على ما يرام، وأنك قادر على إصلاح الأمر وتبديل ملابسك وحل المشكلة. لم يهتموا بي إننا نغضب حينما لا نجد الاهتمام الكافي من شركائنا ومن نحب، أو عدم تلبيتهم لاحتياجاتنا، أو عدم فهمنا أو الاستماع لنا بالشكل الذي نريد. لكي تتعامل مع هذه المشاعر عليك أن تعذرهم وتكون لك القناعة التي تقول: «أنا المسؤول عن سد احتياجاتي وليس الآخرين». إذا وضعت زمام الأمور لديك فلن تتأثر بمدح أو ذم، بل تستفيد منهما، ففي المدح معرفة صواب الطريق وجزء من صوابه لتثبت عليه، وهو عاجل بشرى المؤمن، والذم لتعديل المسار وأخذ المناسب، ولكنهما لا يؤثران بمشاعرنا، فقط تفكيرنا الذي يحكم بينهما. يقول الله سبحانه وتعالى «إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين». فالمصلون هم الثابتون على منهاجهم وطريقهم، لا يتأثرون بكلام الآخرين ويعذرونهم إن لم يكونوا كما ينبغي. الأكثر مرونة هو الأكثر نجاحاً عندما لا تكون لدينا إلا خيارات بسيطة فإننا نتعس ونُتعس من حولنا، لدى الإنسان 3000 نوع من المشاعر المختلفة، وأغلب الناس لا يعيش إلا بعدد محدود من المشاعر. يلجأ الناس لعدد محدود من الأعمال والأفعال والسلوكيات ليشعروا بشعور أفضل، ومن الأمثلة على ذلك: غضب عدم القدرة على الرد، غضب الثورة والاحتياج، غضب الإحباط والفشل وعدم تحقق الأمور كما نريد، غضب مقرون بخوف داخلي، غضب لا يُعَبّر عنه «مكبوت»، غضب يُحَوّل لعملٍ صالح، غضب انتهاك المبادئ، غضب ولوم النفس، غضب على الآخرين. فالغضب صور متعددة وأشكال متنوعة علينا أن نعيها ونفهمها لكي لا تعيقنا عن أرواحنا: مشاهدة التلفاز، التدخين، الاسراع بالسيارة في الطريق، الصراخ إلى غيره من الصور. والأذكياء هم من يضعون قائمة كبيرة وواسعة من الخيارات التي تشعرهم بشعور أفضل من خلال الأفعال الإيجابية، ومنها: المشي، الرياضة، الابتسامة، محادثة صديق، صلة الرحم، الصيام، قراءة القرآن، قراءة الكتب، التسوق، السباحة، التسبيح، إنجاز مهام، مساعدة إنسان، زيارة مريض، التصدق، التبرع بالدم، وغيرها الكثير.فالسعيد من نظر للحياة على أنها خيارات وليست خياراً واحداً، وطرق كثيرة تؤدي لنفس الطريق، لا طريق واحد، فطوبى للسعداء الذين عرفوا الحق الواسع الكبير فاتجهوا وتمتعوا برحلتهم للآخرة. ارصد نفسك يُحكى أنَّ رجلاً كان يشرب الخمر، وكان عند سكره يضرب ويشتم، وكان يصل لأسفل السافلين، ففكر ابنه في طريقة لهداية أبيه، فصوره بكاميرا فيديو وأهداه الشريط، ولما رأى والده الشريط ورأى ما يفعله من قبح وسوء، تاب ولم يعد يشرب الخمر بعد ذلك. حينما نغضب فإننا لا نشعر بأنفسنا فنشتم وترتفع أصواتنا ونؤذي من حولنا. كلما غضبت سجل ذلك في ورقة، غضبت من فلان لأنه لم يسلِّم علي، غضبت من زوجتي لأنها لم تعد الطعام في وقته المحدد، غضبت من ابني لرسوبه في الامتحان، وهكذا اكتب كل ما غضبت منه واستمر شهراً على ذلك، وستجد أن غضبك يتراجع يومياً لأنك على وعي به، وأول العلم الوعي بالجهل، وأول التغيير الوعي بأن هناك مشكلة. يقول الخليل بن أحمد الفراهيدي: الناس أربعة نفر، رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك العالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك النائم فأيقظوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك المسترشد فأرشدوه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك الجاهل فاجتنبوه. صور الغضب للغضب صور عدة، فليس بالضرورة أن يكون صراخاً أو ضرباً وشتماً، بل له صور عميقة بالداخل، وهو كالجبال جذورها تساوي ثلاثة أضعاف ما يظهر على سطح الأرض، يأتي الغضب على صور متعددة كالتالي: أفكار الغضب على الآخرين: إنه لا يفهمني. يتصرف بطريقة خاطئة. لا يستمع لما أقوله. لا ينفذ ما أقول. يكرر الخطأ. لا يحترم القوانين إنه يهينني. إنه يتهمني. لم يقدرني حق قدري. لا يسد حاجتي. عنيد لا يقتنع. إنه لا يستحق. الناس مهمون لديه أكثر مني. يحب غيري ويهملني. يهتم بنفسه فقط. يأخذ ممتلكاتي. يتعدى حدوده. لا يستأذن حيث يجب. كلماته غير مهذبة. ناقش هذه الأفكار وضع علامة على التي تراودك دائماً واعمل على علاجها. لا بأس من الغضب اسمح لنفسك بالغضب، كلنا يغضب، اسمح للآخرين بالغضب، إنهم بشر يغضبون ويخطؤون، ويتعلمون من أخطائهم. حاول أن تقلل من مصادر غضبك، فلا تغضب على كل شيء وعلى أي شيء ومن كل شيء. ادع الله أن يحول غضبك في طاعته وفي سبيله. حاول أن تجد العذر للآخرين في سلوكهم الخاطئ. اصبر على من يغضب فإنه يمر بحالة تصعب معها السيطرة على نفسه، إنه كالطفل الذي سلبت منه لعبته، يبكي، ويزمجر، وبغضب، وهناك من يتجاوز خطوطه الحمراء، ربما تكون أنت أو شخص آخر قبلك، فكنت أنت القشة التي أسقطت البعير. كم سيمتن لك الناس ويحبونك للأبد إن صبرت عليهم وعلى أخطائهم وعلى الأوقات التي يشعرون فيها بالسوء، فعند تقبلك لهم في أسوأ حالاتهم فإنهم سيحبونك مدى العمر، وسيصبرون عليك في أي حالة كنت.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©