الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطفال يبحثون عن شخصيتهم على عتبة المراهقة

الأطفال يبحثون عن شخصيتهم على عتبة المراهقة
12 مارس 2015 21:40
نسرين درزي (أبوظبي) يتفق الآباء على أنه كلما كبر الأبناء وتفاقم الخوف عليهم وتشعبت أساليب تربيتهم إلى حد القول يا ليتهم ظلوا صغارا. ويجمع إخصائيو علم النفس والمجتمع على أن مرحلة التغيرات البيولوجية للأطفال بدءا من عمر 9 سنوات أو ما يعرف بالمراهقة المبكرة، هي من أصعب المراحل التي يواجهها الأهل. إذ يشعرون معها بأنهم يتصدون لأفكار جديدة وسلوكيات مختلفة كانت بالأمس مجرد انفعالات بسيطة يتحكمون بها. وغالبا لا يتنبهون إلى خطورة ما يمر به أبناؤهم من تحولات جسمانية لها كبير الأثر على ردود أفعالهم وحال الرفض التي يصابون بها ليثبتوا أنهم ليسوا صغارا. يعيش الأطفال في زمن الأنماط السريعة صراعا داخليا يقفون معه عند مجموعة أسئلة وتناقضات ليس من السهل بالنسبة لهم الحصول على أجوبة وافية لها. فأبناء هذا الجيل لا يعد ينفع أن يعاملوا على أنهم غير واعين ولا يفقهون فيما يدور حولهم، كما أنه من غير المنطقي أن يؤخذ على أنهم كبروا فعلا وهم لا يزالون في الصفوف الابتدائية. ومع هذه الجدلية يقف الآباء محتارين كيف يحددون موقفهم من النضوج المبكر لأبنائهم، وكيف يتعاملون معهم ووفقا لأي مصطلحات وصلاحيات؟ أنماط تربوية وتروي عناية المير أنها منذ بلوغ ابنها الـ10 سنوات بدأت تلاحظ ميوله إلى الحزن والجلوس بمفرده، وكلما اقتربت منه لتستفسر عن سبب انطوائه، تسمع عبارات لم تعهدها من قبل تدل على أنه لم يعد ذلك الولد الصغير، ومع فخرها بأن ابنها ينضج فإنها تعاني من مشكلة التعامل معه من دون شجار، فهو يعتقد فعلا بأنه كبر ومن حقه أن يتصرف بالطريقة التي يحبها. الأمر نفسه بالنسبة لمنى الصغير التي تمر مع ابنتها الكبرى وعمرها 11 عاما، بمرحلة جديدة عليها، فهي تكثر من الطلبات وتلح بشراء الملابس والأحذية والاكسسوارات، وكل ما يشغلها أن يبدو مظهرها ملفتا أمام المرآة قبل الخروج وتحديدا عند التوجه إلى المدرسة، الأمر الذي يقلق والدتها لأنها لاتزال صغيرة على مثل هذا السلوك، ولاسيما أن الأمر قد يخفي مؤشرات مراهقة مبكرة ذات أبعاد خطيرة. ويقول اسماعيل شهاب إنه ما أن يبلغ أبناؤه الـ7 سنوات، يتصرف معهم على أنهم شبان ولم يعودوا صغارا. ويرى أن هذه القناعة تشعرهم بمسؤولية وبأنهم غير محتاجين للمساعدة، إذ من غير الطبيعي أن يظل الطفل يعتمد على أمه وأبيه أو حتى الخادمة، ولابد من الاتكال على نفسه طالما أنه قادر على ذلك. ويعترف الوالد ضمنيا بأنه يظلم أبناءه في بعض الأمور لأنهم يكبرون فعلا قبل أوانهم وقبل أن يشبعوا من مرحلة اللعب كأترابهم. العقل الباطن ويوضح الدكتور محمد رمضان رئيس قسم علم النفس في أكاديمية شرطة دبي أن الطفل ما بين 9 - 14 عاما يبدأ مرحلة البحث عن هويته، وتتدافع عنده التساؤلات عما إذا كان لايزال طفلا أم أنه أصبح رجلا. فمن جهة يخبره الأهل أنه لم يعد صغيرا وأن عليه مسؤوليات معينة ويجب أن يتصرف كشخص ناضج، ومن جهة أخرى يمنعونه من القيام بأمور كثيرة بحجة أنه لا يزال صغيرا. وهذا التناقض في القول يزيد من حال الإحباط عند فئة كبيرة من الأطفال الذين يخزنون في عقلهم الباطن كل ما يسمعونه من تعليقات سلبية أم إيجابية. ويذكر الدكتور رمضان أن العقل الباطن لدى الطفل يبدأ بالتكون من عمر سنتين وحتى 9 سنوات، ومعه تتشكل شخصيته متأثرة بعبارات الاستحسان أو بالنقد اللاذع. فإذا ما تربى الطفل على سماع المديح وبأنه سيكون رجلا صالحا وكريما وذكيا، انعكس ذلك على ثقته بنفسه بأنه مشروع إنسان ناجح. أما إذا كان يسمع منذ نعومة أظافره أنه غبي ولا ينفع لشيء وكانت الشتائم والإهانات خبزه اليومي، فمما لا شك فيه أنه ستحول إلى إنسان كئيب ومنهزم ليس لديه أي دافع للنجاح والتميز. ومن هنا وبحسب الدكتور محمد رمضان، تبرز أوج حالات الرفض لدى الأطفال في هذه السن الحرجة. لأن الكلمات الجارحة كما المحفزة، لا تؤثر بالطفل بشكل لحظي وإنما تنثر في منطقة زراعات اللاوعي وتنضج مع الوقت تماما كالبذور. وعندما تكون العبارات التي نشأ عليها الطفل سلبية أكثر منها إيجابية، يشعر الأهل في سن مبكرة بتغير واضح في سلوك ابنهم. وهم غالبا لا يدركون أنهم السبب الرئيسي من وراء العدوانية التي أصابته عندما بدأ الطفل بداخله يثور على عقله الباطن ويترجم ما سمعه إلى أقوال وأفعال تتراوح حدتها بحسب كل حالة. وصايـــــا ?تجنب إطلاق الصفات المؤذية لمشاعر الطفل. ?التحكم بالعصبية أثناء قيام الطفل بتصرفات سيئة. ?التأكد من معاملة الطفل بما يتناسب مع عمره، وألا تحرق المراحل العمرية قبل أوانها. ?التفسير للطفل بأنه وإن ازداد طوله في سن معينة، إلا أنه لا يزال غير قادر على القيام بكل الأمور بمفرده. ?عندما يبلغ الطفل 9 سنوات يصبح من اللازم منحه بعض الصلاحيات مع إبلاغه بأنه سيكون تحت المراقبة. ?من المهم جداً أن يعي الطفل أنه في طور النمو، وأنه لم يكبر كفاية بعد. ?مصارحة الطفل بالتغيرات البيولوجية التي يمر بها بالرغم من أنه لا يزال صغيراً تحد من حال الرفض بداخله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©