الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أعضاء الكونجرس و الجوقة

9 يونيو 2008 23:10
لقد بات المبدأ الرئيسي الذي يقوم عليه نظام الحكم الأميركي، أي ذلك المبدأ جعل من أميركا هذا البلد العملاق المميز، وصان حرياتها على امتداد ما يزيد على القرنين، عرضة للدمار والخطر، والعدو ليس هذه المرة في العراق أو في جبال باكستان، إنما هو مقيم بيننا هنا في واشنطن وفي شتى مدن أميركا، وقد تبين لنا مؤخراً أن مؤسسي أمتنا العظام، ليسوا بذلك الذكاء الذي اعتقدناه خطأً فيهم، ذلك أنهم افترضوا أنهم وفيما لو منحوا الشعب الأميركي كامل الصلاحيات والسلطات المتعلقة بإعلان شن الحرب وتقرير السياسات الضريبية وتحديد مصادر الإنفاق القومي وغيرها، بحيث يتسنى له ممارسة هذه الصلاحيات عبر نوابه وممثليه في الكونجرس الأميركي، فإنه مما لا شك فيه أن يمارس هؤلاء النواب دورهم ويؤدوا واجبهم على أكمل وجه في لجم الرئيس ومنعه من ممارسة دوره في نظام حكمنا كما لو كان ملكاً مطلق السلطات والصلاحيات· ووفقاً لتصور آبائنا المؤسسين، فإنه لم يكن القصد من الكونجرس أن يكون مؤسسة نيابية شبيهة بالبرلمان البريطاني، بل أن يكون نقيضه تماماً في واقع الأمر، فمهمة البرلمان البريطاني كونه مؤسسة تابعة للسلطة التنفيذية -ما يفسر سيطرة حزب رئيس الوزراء الحاكم دائماِ عليه- تقتصر على إصدار تشريعات تجيز المقترحات والتصورات التي يقدمها رئيس الوزراء، وبالمثل فلا حاجة للنواب البريطانيين لأن تكون لهم أدنى صلة بالقواعد الناخبة التي يزعمون تمثيلها، وعلى نقيض ذلك يطالب الكونجرس الأميركي أعضاءه بالتمثيل الفعلي للدوائر الانتخابية التي تم انتخابهم منها لعضويته، والأهم من ذلك أن هؤلاء يطالبون بالقيام بدورهم وواجبهم على أكمل وجه، فهم سلطة رادعة لتجاوزات الرئيس لسلطاته وصلاحياته المنصوص عليها في الدستور، وليسوا مجرد جوقة من المؤيدين لقراراته وإجراءاته الرئاسية· وعلى رغم بساطة الفكرة التي يقوم عليها الكونجرس الأميركي، إلا أنها تبدو صعبة على فهم كثير من أعضائه، وليس أدل على هذا من الشكوى المنسوبة للسيناتور الجمهوري ''بيتر كنج'' -من ولاية نيويورك- بقوله: ''سوف يتعين على أعضاء الكونجرس الدفاع عن أنفسهم وهويتهم في انتخابات نوفمبر المقبل، ذلك أنه سوف يكون من واجب الكثيرين منهم خوض الانتخابات المقبلة على أساس تأكيد مدى الاستقلالية التي يتمتع بها كل واحد منهم بصفته عضواً من أعضاء الكونجرس، وربما يكون في وسع البعض تأكيد هذه الهوية، إلا أن الكثيرين منهم سوف يواجهون بمعضلة حقيقية في اجتياز هذا الاختبار''· وبما أنني قد سبق لي أن كنت عضواً بالكونجرس، فإنه ليحزنني كثيراً أمر هؤلاء الأعضاء التشريعيين الذين يصارعون من أجل تأكيد هويتهم ومدى الاستقلالية التي يتمتعون بها بصفتهم التشريعية هذه، ولكن دعك من الحزن جانباً، ولنعد إلى حقيقة أن هذين المطلبين هما عين المعيار الذي ينبغي اختيار أي واحد منهم على أساسه، لكونه يمثل الواجب التشريعي الرقابي الملقى على عاتقهم· ونقيض هذا بالطبع -وهو الدور الذي يصعب جداً أداؤه- أي أن يفترض المرء لنفسه هوية أخرى مغايرة لما هو عليها بالفعل، والمقصود بهذا أن يتقلص دور العضو التشريعي إلى مجرد تأييد قرارات وتوجيهات الرئيس أو قادة الحزب الذي ينتمي إليه· ومن أسف أن ''نانسي بيلوسي'' رئيسة مجلس النواب الحالي، تعاني من ازدواج مماثل لهذا في شخصيتها وأدائها لدورها التشريعي، فهي تعتقد أن جزءاً من واجبها أن تضمن وجود أغلبية ديمقراطية في الكونجرس المقبل· على الرغم من أن ما تحدثت عنه ''بيلوسي'' سوف يكون نتيجة مؤكدة ومحسومة في الانتخابات المقبلة، إلا أنه ليس من واجبها كما تعتقد، بل إن واجبها هو التشريع والتأكد من قيام مجلسها بمسؤولياته الدستورية الملقاة على عاتقه، باعتباره مؤسسة تشريعية مستقلة ونداً للحكومة الفيدرالية الأميركية، وهذا هو الدور الذي انتخب من أجل القيام به كل واحد من أعضاء الكونجرس الحاليين· ميكي إدواردز أستاذ في كلية وودرو ويلسون بجامعة برينستون ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©