السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الليث بن سعد.. كبير الديار المصرية

الليث بن سعد.. كبير الديار المصرية
10 يونيو 2016 18:31
محمد أحمد (القاهرة) فقيه وإمام ذو فكر مستنير، ولد في ليلة مباركة هي النصف من شعبان عام 93 هـ، ولهذا تفاءل أهله بقدوم ابن عميد الأسرة الغنية في قرية قلقشندة بالقليوبية بمصر، ويشاء الله أن يتوفى أيضاً في ليلة النصف من شعبان من عام 175 الهجري بعد أن ملأ الدنيا بالخير والعلم والمعرفة وآداب السلوك عن 82 عاماً، هو الليث بن سعد صاحب كتاب «مسائل الفقه» وكتاب التاريخ وله كتب في التفسير والحديث وكتب عن منابع النيل وتاريخ مصر قبل الإسلام وهذه الكتب اختفت ولم يعثر عليها. اعتذر عن ولاية مصر ليتفرغ للعلم، التقى فقهاء عصره من جميع البلاد، اشتهر بحسن الرأي ونفاذ البصيرة وتفسير القرآن بروح النص وفصاحة البيان وسرعة البديهة وذكاء الاستنباط، كان أستاذه لا يحسب حساب أحد من الفقهاء إلا الليث بن سعد. علوم اللغةحفظ الليث القرآن وهو صبي وكل ما وصل إليه من أحاديث نبوية وتراث الشعر وعلوم اللغة العربية، ووجهه أبوه إلى الفسطاط العاصمة وقتها ليعلمه ويثقفه، اتجه إلى جامع عمرو بالفسطاط لدراسة القرآن وتفسيره والأحاديث والفقه، إلى جانب دراسة علوم اللغة ومعارف الحضارات القديمة، مصرية ويونانية ورومانية وفارسية وهندية. لاحظ الليثي أثناء دراسته أن هناك خلافات بين شيوخ الحلقات فمنهم من يتمسك بالنصوص في القرآن والسنة لا يحيدون عنها مما يستحيل مواجهة الحالات المستحدثة التي لم يرد في حكمها نص قطعي، ومنهم أصحاب الرأي وقرر وهو في السادسة عشرة أن يتخذ له مذهباً وسطاً بين أهل النصوص وأهل الرأي أثناء دراسته وبعد مرور عام أخذ يذيع مذهبه بين زملائه وناظر شيوخ الحلقات فنهروه وألزموه التمسك بالحديث والعدول عن الرأي. أعجب به زملاؤه وأبهرتهم إجاباته على أسئلتهم، وعلم أحد شيوخه فشجعه على الإفتاء، لكن الليث استحيا لصغر سنه، فصمم على ألا يجلس للإفتاء حتى يبلغ من السن ما يؤهله، لذلك وحتى يقتنع به الفقهاء. عمق الفكرفي العشرين من عمره خرج للحج وزار المدينة واجتمع بالفقهاء وبحث عن شهاب الزهري - أفقه علماء عصره - وناظره ووجد عنده عمق الفكر وسعة العلم ما لم يجده في احد سواه، وفي الحجاز تعرف على مالك بن انس، وكان في مثل سنه وصارت بينهما صداقة قوية، كما كانت هناك أيضاً خلافات شديدة، وكان الليث كلما سمع عن فقيه سافر إليه، فسافر إلى العراق وكان في الستين من عمره لفقيه أصغر منه سناً. وعاد الليث إلى مصر وبنى داراً كبيرة في الفسطاط ملأها بالكتب وبالأشجار والريحان وفتحها لأصحابه ولأصحاب الحاجات.. وكان يطعم كل يوم 300 من الفقراء من أجود الطعام. سمع به الخليفة المنصور فاستدعاه في بيت المقدس، وناظره، وعرض عليه أن يوليه مصر، فاعتذر، وعاد إلى مصر في موكب ضخم، وتكريماً له أرسل المنصور إلى والي مصر وقاضيها أن يستشيرا الليث في كل أمورهما. كبير الديار ورداً على مكائد بعض الفقهاء ضد الليث، فقد نصبه الخليفة كبيراً للديار المصرية بحيث لا يقضى في مصر إلا بمشورته ويصبح الوالي والقاضي رهن مشورته، فهو أعلم فقهاء عصره بالشريعة واللغة والشريعة واكثرهم تحريا للعدل وتوقيا للشبهات. كان لليث بن سعد فقهه الخاص الذي استقل فيه عن فقه أستاذه ربيعة الرأي وخالف به فقه أكبر عالمين في عصره وهما أبو حنيفة النعمان ومالك بن انس. ظل الإمام يعلم الناس ويرعى أهل العلم ويتصدق على ذوي الحاجات ويسدد الدَّين، ويعمر البيوت ولم ينقطع يوما عن حلقته في الجامع أو في بيته وظل محتفظا بقوة بدنه وصحوة فكره إلى أن توفي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©