السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذبحة دير ياسين

4 ابريل 2018 01:38
تصادف هذه الأيام الذكرى الـ 70 للمجزرة المروعة التي حدثت لأهالي قرية دير ياسين الفلسطينية يوم التاسع من أبريل 1948، والتي راح ضحيتها ما بين 250 إلى 360 شهيداً، قُتلوا بدم بارد. دير ياسين هي تلك القرية الهادئة الصغيرة على أطراف القدس التي تعرضت لأبشع أنواع الإرهاب الصهيوني حين قامت عصابتا «شتيرن» و«الآرغون» الصهيونيتان بالهجوم عليها على اعتبار أنها قرية صغيرة ومن الممكن السيطرة عليها بسهولة، ما سيعمل على رفع الروح المعنوية للصهاينة بعد خيبة أملهم من التقدم الذي كان يحققه المناضل الفلسطيني عبد القادر الحسيني، ويحرز الانتصارات المتتالية في مواقعهم. لذلك كان اليهود في حاجة إلى انتصار حسب قول أحد ضباطهم «من أجل كسر الروح المعنوية لدى العرب، ورفع الروح المعنوية لدى اليهود». حينها قامت عصابات «آرغون» و«شتيرن» الصهيونية باستهداف القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، متوقعة أن يقوم أهالي القرية البالغ عددهم نحو 750 نسمة، في ذلك الوقت، بالفرار منها، خوفا على حياتهم. بدأوا هجومهم الإرهابي على دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، لكنهم تفاجأوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحاً. وبعد ذلك، طلبت هذه العصابات المساعدة من قيادة عصابة «الهاغانا» التي كانت موجودة في القدس آنذاك. وجاءت التعزيزات، وتمكّنوا من استعادة جرحاهم، وفتح نيران الأسلحة الرشاشة والثقيلة على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة. يقول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسييون عن تفاصيل هذه المجزرة: «إن المهاجمين لم يخوضوا مثل تلك المعارك من قبل، فقد كان من الأيسر لهم إلقاء القنابل في وسط الأسواق المزدحمة عن مهاجمة قرية تدافع عن نفسها، لذلك لم يستطيعوا التقدم أمام هذا القتال العنيف». وعليه استعان الإرهابيون بدعم من قوات «البالماخ» في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، التي قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة. ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تماماً من أي مقاومة، فقررت قوات «الآرغون» و«شتيرن» (والحديث للفرنسي ميرسييون) «استخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيداً، وهو الديناميت، وهكذا استولوا على القرية عن طريق تفجيرها بيتاً بيتاً». بعد ذلك، قام المهاجمون اليهود بإيقاف العشرات من أهالي دير ياسين إلى الجدران، وأطلقوا النار عليهم، ولم تكتف هذه العناصر المتطرفة بإراقة الدماء، بل أخذت عدداً من الأهالي الأحياء بالسيارات واستعرضتهم في شوارع الحارات التي استولوا عليها في القدس من ذي قبل وسط هتافات عنصرية حاقدة. تمثل مذبحة دير ياسين منعطفاً مهماً وخطيراً في حياة الشعب الفلسطيني، لأن الصهاينة استخدموها كأكبر وسيلة لتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين، وذلك بأن هوّلوا من هذه المذبحة عن قصد في عدة نواح (خاصةً في حالة انتهاك الأعراض) لعلمهم المُسبق عن حرص المجتمع الفلسطيني على المحافظة على أعراض نسائه لعلمهم أهمية هذه المسألة الأخلاقية للفلسطينيين دينياً واجتماعياً، والتي تعتبر بالنسبة لهم، نقطة ضعف في كل مجتمعات الشرق الأوسط المحافظة والملتزمة دينياً، وهي ما لا تنطبق على اليهود الصهاينة الذين رفعوا شعار «كل شيء مباح لتحقيق الحلم الصهيوني». وقد تفاخر القادة الصهاينة في حينه بهذه المذبحة، ومنهم الإرهابي مناحيم بيغن الذي قال: «أصيب العرب بهلع قوي لا حدود له بعد أخبار دير ياسين، فأخذوا يفرون للنجاة بأرواحهم... فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض إسرائيل الحالية لم يتبق سوى 165 ألفاً... ما وقع في دير ياسين، وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب الظفر في معارك حاسمة في ساحة القتال. وقد ساعدتنا أسطورة دير ياسين بصورة خاصة على إنقاذ طبرية وغزو حيفا». كانت مجزرة دير ياسين عاملاً مؤثراً في هجرة الفلسطينيين إلى مناطق أُخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها القشة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، والتي أدت إلى تحقيق الهدف الصهيوني بإقامة دولته العنصرية على الأرض الطاهرة التي كانت مهداً لأنبياء الله ورسله. نسأل الله أن يحمي ما تبقى من شعبنا الفلسطيني العظيم، ويحنن قلوب قادتهم لتحقيق الوحدة الوطنية ونبذ الانقسام الذي لا يستفيد منه سوى الصهاينة وتجار الحروب. تغمد الله شهداءنا الأحياء في جنات الخلد برحمته الواسعة. نصّار وديع نصّار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©