الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد حسن أحمد يصيغ المشهد الشعري بمخيلة سينمائية

محمد حسن أحمد يصيغ المشهد الشعري بمخيلة سينمائية
1 مايو 2010 22:20
صدر مؤخراً عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ضمن مشروع «قلم» ديوان الشاعر محمد حسن أحمد الذي حمل عنوان «زحام لا أحد فيه» وجاء في مئة وأربعين صفحة من القطع المتوسط. وبدءاً من العنوان الذي يعد واحداً من عتبات عديدة للدخول إلى النص فإن المفارقة الشعرية لدى محمد حسن أحمد في ديوانه هذا تقوم على المفارقة الشعرية البصرية وليس على المفارقة اللغوية، أي أن القارئ بوسعه أن يتخيل مشهدا بصريا مفارقا للعادة إذ أن الزحام يستدعي حدوث الاكتظاظ أو الازدحام البشري أو غير البشري، بالتالي هو ليس ذلك العنوان المبني على أساس لغوي كما هي الحال في عنوان روايته «للحزن خمسة أصابع» الذي يقوم على مفارقة لغوية لا مفارقة بصرية من الممكن تخيلها، من جهة القارئ. لجهة التوصيف يضم الكتاب بين دفتيه عملين شعريين هما: «الشمس في الماء» و»زحام لا أحد فيه»، ينفصلان على مستوى الشكل الشعري ويلتئمان على المستوى التخييلي والمزاج الشعري. فيما يتصل بالشكل، يكتب محمد حسن أحمد قصيدته النثر في «الشمس في الماء» مشطرة، أي أن لكل سطر جملته المكتملة، أما في «زحام لا أحد فيه» فيكتبها مثلما يُكتب النثر في العادة، أي أن السطر يقوم على ترابط عدد من الجمل الشعرية تبدأ من هامش الصفحة إلى هامشها الآخر فيصنع مجموع السطور فقرة ثم تصنع الفقرات الصفحة كما هو النثر الصافي تماما. وهذا اتجاه قائم في كتابة قصيدة النثر عربيا بدأ منذ مطلع الألفية يشهد اتساعا ملحوظا، لكن هذا الأمر في «زحام لا أحد فيه» تحقق بنسبة عالية وليس بنسبة مطلقة، فلا يستطيع المرء أن يجيب إن كان صنيع محمد حسن أحمد في هذا الأمر هو وعي مسبق ومقصود بهذه الكتابة النثرية أم أنه نتاج تأثره بمحمد حسن الروائي، خاصة أن روايته «للحزن خمسة أصابع» تنطوي على العديد من الاقتطاعات الشعرية الصافية، إلى حدّ يمكن اعتبارها مقاطع من قصيدة نثر أو من مشروع قصيدة نثر لم يكتمل. والحال أن شعرية محمد حسن أحمد في «الشمس في الماء» يتسنى للقارئ أن يجدها في الالتماعات الشعرية التي تبرز في المقاطع القصيرة أكثر مما في القصائد ذات الوحدة الموضوعية الواحدة، إذا جاز التوصيف، يقول في أحد مقاطع «الأضواء طليت بالأزرق»: تُرمى الوردة للأفواه المغلقة بينما حرّاس الشوارع الخلفية يدقّقون في هوياتنا وينادون بالاسم .. «اقطعوا عنق محمد حسن أحمد .. وارموا رأسه للكلاب». إنها شعرية القسوة بامتياز، إنما من الممكن تخيُّل مشهدية شعرية ما تأويليا، على ما هي الحال في بعض القصائد الأخرى في «شمس في الماء» حيث يسود التجريد اللغوي على حساب تلك المخيلة الشعرية القرائية، لكن قصيدة «عطلة مدرسية» ربما تكون القصيدة الأكثر صفاء شعريا في هذا الجزء من الكتاب. أما «زحام لا أحد فيه»، فإن قراءته تشير إلى أن صاحبه اختاره مزاجا شعريا آخر، منح فيه مخيلة القارئ أن تتمكن من بناء مشهد شعري مكتمل، ربما حدث ذلك بسبب تلك الشحنة السردية العالية في القصائد المقرونة إلى بناء مشهدية شعرية يبدو فيها أثر بارز من الخبرة السينمائية في صياغة المشهد في مخيلة القارئ: «في كل مدن العالم ميناء، وطيور مهاجرة ورجل أربعيني غامض وزجاجة ويسكي مرمية في الشارع، وشاعر لا أحد يعرفه، وزحام لا أحد فيه». هنا أيضا إعلاء من شأن البساطة، بل تمجيد لها ربما، إنما من دون التخلي عن رفع ما هو مجرد أو من غير الممكن تخيله إلى مستوى الحسي: «لدي موعد مع الكلام ولقاء عابر في شارع يسكنه الغبار وكلب ضعيف، ولدي ما أتقنه تحت الشمس وأنا أحرك مؤخرة رأسي كفكرة شاذة، وأبحث عن نصف جثة لأكملها بالنصف الآخر كي أخفف من حزن العائلة، وحتى لا يقولوا محمد حسن أحمد في ثلاجة المستشفى في حفل بارد».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©