الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة الهجرة.. أوسع من الجدران

29 ابريل 2017 22:44
على مدار الأسبوعين الماضيين، أُلقيت مسؤولية تراجع هجرة المكسيكيين إلى الولايات المتحدة، على عاتق البيت الأبيض في مناسبات عدة. صحيح أن المكسيكيين لم يعودوا يأتون إلى الولايات المتحدة بأعداد كبيرة لكن هذا ليس بسبب إدارة الرئيس ترامب تقريباً. فمنذ الركود العظيم في نهاية العقد الأول من هذا القرن، أصبح عدد المكسيكيين الذين يغادرون البلاد أكبر من الذين يأتون إليها لأسباب تتعلق بأسواق العمل والتركيبة السكانية على جانبي الحدود. وفهم هذه التوجهات قد يساعد ترامب في التوصل لنهج بخصوص الهجرة أكثر كفاءة بكثير مما توصلت إليه إدارته حتى الآن. وكي أفهم العوامل التي تجعل المهاجرين المكسيكيين يأتون إلى الولايات المتحدة، حللت أكبر مجموعة متاحة من البيانات عن الهجرة بين المكسيك والولايات المتحدة، مستقاة من مسح أكثر من 145 ألف شخص في 143 منطقة سكنية في المكسيك بين عامي 1982 و2013. وكشف تحليلي عن أربع فئات من المهاجرين المكسيكيين لأول مرة إلى الولايات المتحدة بين عامي 1965 و2010. وأتضح أن كل أفراد الفئة الأولى كانوا تقريباً من الرجال غير المتعلمين، وغالبيتهم جاءوا من أسر فقيرة من أحياء فقيرة في الغرب الأوسط من المكسيك. ويرسل هؤلاء المهاجرون تحويلات منتظمة لذويهم في المكسيك، ويزورون بلادهم بشكل اعتيادي، ثم يعودون في نهاية المطاف إلى المكسيك. وأطلقت على هذه المجموعة «المهاجرين الدوريين». وفي عام 1965، كان المهاجرون الدوريون يمثلون غالبية المهاجرين الجدد بنحو ثلثي جماعة المهاجرين الجدد. ثم تقلصت هذه الفئة فيما بعد لتشكل الثلث من المهاجرين الجدد عام 1980 ثم أصبحت تمثل 10% فحسب عام 2010. والتغيرات التي طرأت على حركة هذه الفئة، واكبت عن كثب التوجهات الاقتصادية في المكسيك والولايات المتحدة. فقد تقلص عدد المهاجرين الدوريين مع تصاعد الدخول في المكسيك، ومع انخفاض الأجور الحقيقية في الولايات المتحدة، وتزايد ميزانية الإنفاق على تأمين الحدود. وهذه التغيرات زادت التكلفة المتوقعة، وقلصت الفوائد المتوقعة للهجرة، وجعلت الانتقال بين البلدين أصعب. وفي ثمانينيات القرن الماضي، هز عدد من الأزمات الاقتصادية المكسيك، ما دفع بفئة أخرى من المهاجرين ليحتلوا الأغلبية بين المهاجرين الجدد. والمهاجرون من هذه الفئة كانوا شباناً صغاراً من أسر ريفية ميسورة نسبياً. وأطلقت على هذه الفئة «مهاجري الأزمة». وكان مهاجرو الأزمة يمثلون 10% فقط من المهاجرين الجدد في الستينيات. وتصاعدت حصة هذه الجماعة إلى 50% في منتصف الثمانينيات، وانخفضت إلى 20% بحلول نهاية التسعينيات. ويتبع التغير في حجم هذه الفئة بشكل كامل تقريباً مسار معدلات التضخم في المكسيك الذي يصور واقع الاقتصاد الهش. لكن لم يدم طويلاً الوضع الاقتصادي الذي جعل مهاجري الأزمة أغلبية في الثمانينيات. فقد حقق الاقتصاد المكسيكي المزيد من الاستقرار مع مرور الوقت. وخضعت سياسة الهجرة الأميركية لتعديل كبير في عام 1986 بموجب «قانون إصلاح الهجرة والتحكم فيها»، ما فتح طريقاً لإضفاء الشرعية على أكثر من مليوني مكسيكي. وأصبح تأثير هذه التغيرات ملحوظاً على الفور في تيار المهاجرين، وفي الصعود المفاجئ لفئة أخرى. وهذه الفئة أُطلق عليها «مهاجري الأسرة». وفي هذه الفئة أغلبية كبيرة من النساء وقسط كبير من المهاجرين الذين لهم علاقات بمهاجرين سابقين أو حاليين في الولايات المتحدة. وتزايد عدد مهاجري الأسرة ببطء لكن بثبات في بداية الأمر. وبين عامي 1965 و1985، تغيرت نسبة مهاجري الأسرة من 5% فحسب من المهاجرين الجدد إلى 15% منهم. لكن المهاجرين يمثلون جمعاً متنوعاً، لذا يتعين على المرء أن ينوع سياسات الهجرة ليتحكم في حركة هذه الفئات المختلفة في الجمع. وربما يجب علينا أن نفكر فيما يؤلف سياسة الهجرة. فمن المؤكد أن أي تشريع يهتم بالمهاجرين أو الوكالة الحكومية التي تتحكم في حركة هؤلاء الأفراد، يمثل سياسة هجرة. وبعبارة أخرى، تجمع سياسة الهجرة بين السياسة الاجتماعية والعلاقات الدولية والخارجية ضمن أبعاد أخرى. وإذا كانت إدارة ترامب تريد أن تضع سياسة هجرة مفيدة، فعليها أن تأخذ هذا فعلياً في الاعتبار، ويتعين عليها أن تفكر فيما يتجاوز الجدران والأسوار. *أستاذ علم الاجتماع في جامعة كورنيل الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©