الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عين واشنطن على مسلمي فرنسا

عين واشنطن على مسلمي فرنسا
9 يونيو 2008 01:03
بالنسبة لـ''كريم زربي'' كان أهم حدث بالنسبة له أثناء زيارته لأميركا هو مصافحة المرشح الرئاسي الديمقراطي ''باراك أوباما''، أما ''علي زاهي'' فقد كان في غاية السعادة بلقائه لأسطورة كرة السلة ''ماجيك جونسون''، وأخيراً كان ''محمد حامدي'' في غاية الدهشة أن يرى في واشنطن مسجداً أكبر من ذلك الذي عرفته قريته الصغيرة التي نشأ فيها في الجزائر، وهؤلاء الثلاثة جميعهم من المسلمين الفرنسيين، وتقل أعمارهم عن الـ42 عاماً، نشأ ثلاثتهم في تلك الضواحي الفرنسية التي أصبحت رمزاً لمشاعر الإحباط الطاغية على شباب المسلمين المنتمين إلى الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين الذين أشعلوا نيران أحداث العنف والشغب التي شهدتها فرنسا عام ،2005 وانضم ثلاثتهم كذلك إلى صفوف مجموعات المسلمين الأوروبيين المتنامية النفوذ، التي تم اختيار قياداتها للمشاركة في زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية مدتها ثلاثة أسابيع، نظمت ضمن الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية الأميركية عبر برنامجها الخاص بالقادة الزوار العالميين· قصد من الزيارة استقطاب القادة الشباب من مسلمي أوروبا، وهؤلاء من تخشى واشنطن أن يستقطبهم خطاب العنف والتطرف الإسلاميان، والأثر الذي تركته الزيارة في نفوس الثلاثة المشاركين فهو تخفيف حدة آرائهم عن أميركا التي تواجه بالكثير من مشاعر انعدام الثقة من قبل القطاع الأوسع من مجتمعاتهم المسلمة التي ينحدرون منها، يقول السيد زاهي البالغ من العمر 32 عاماً: ''يعتقد الكثيرون أن أميركا تشن حرباً على المسلمين'' -يعمل رئيساً لموظفي مكتب عمدة ضاحية ''كليشي سو بوا'' التي أشعل فيها الشباب الأفارقة نيران أعمال العنف والشغب في عام 2005-، مضيفا: ''أقول لهم اليوم إن أميركا دولة ذات وجوه وأشكال متعددة، ففيها مرشح أسود للرئاسة، وبها جالية مسلمة كبيرة وشديدة الثقة بنفسها، كما أقول لهم إن الشعب الأميركي شعب كريم ومضياف''· غير أن الزيارة نفسها والبرنامج المنظم لها قد تعرضا لانتقادات عنيفة من قبل الوسط الصحفي الإعلامي، فهناك من وصف الشباب المشاركين في البرنامج بأنه تم تضليلهم وإغواؤهم بواسطة برنامج خبيث قصد منه التجسس على الجاليات المسلمة المهاجرة في أوروبا، يذكر أن ''برنامج الزائر الدولي'' كان قد أطلقته وزارة الخارجية الأميركية منذ عقد ثلاثينيات القرن الماضي، ومن أبرز المشاركين فيه سابقاً، الرئيس الفرنسي الحالي ''نيكولا ساركوزي''، ورئيس الوزراء البريطاني ''جوردون براون''· وعقب هجمات 11 سبتمبر التي تكشّف فيها أن المشاركين في تدبيرها وتنفيذها هم من شباب المسلمين القادمين من ''هامبورج'' في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، جعلت وزارة الخارجية الأميركية الوصول إلى قادة المسلمين المهاجرين الشباب هدفاً رئيسياً لها عبر البرنامج المذكور، ذلك ما أكده ''جيمس إل· بولوك'' مدير العلاقات العامة بالسفارة الأميركية في باريس، وفي الإطار نفسه أصبحت فرنسا تحظى باهتمام خاص بالبرنامج، بالنظر إلى كبر حجم الجالية المسلمة المهاجرة فيها، لا سيما وأنها تعد الجالية المسلمة الأكبر في أوروبا كلها، حيث يقدر عدد أفرادها بحوالي خمسة ملايين نسمة، ليس ذلك فحسب، بل إنها الجالية التي تسيطر على أفرادها مشاعر الإحباط والغضب التي أشعلت نيران أحداث عام 2005 الشهيرة، ويتم اختيار ما بين 25 إلى 30 مواطناً فرنسياً سنوياً لزيارة الولايات المتحدة الأميركية على نفقة البرنامج الدولي المذكور، ومنذ عام 2005 شارك نحو 10 مسلمين فرنسيين في هذه الزيارات، وأوضح السيد ''بولوك'' أن عدد المسلمين المشاركين في البرنامج قد ارتفع كثيراً قياساً إلى السنوات الماضية، ويفسر هذا بتزايد الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لاجتذاب أعداد أكبر من الأقليات الأجنبية ودعوتهم إليها· وإلى جانب قطع الطريق أمام المتطرفين الإسلاميين لاجتذاب هؤلاء إلى صفوفهم، فإن القصد من زيادة مشاركة عدد المسلمين في البرنامج هو إتاحة الفرصة لبعض المواطنين الأميركيين للتعارف مع من وصفهم بالقادة الذين يحركون أوروبا الآن ويهزون أركانها· وإلى جانب هذه الجهود، تسعى الولايات المتحدة للوصول إلى الضواحي الفرنسية التي يتكثف فيها وجود أفراد الجالية المسلمة، عن طريق تخصيص المنح الثقافية لبعض مجتمعاتها، من بين هذه الجهود أشار السيد ''بولوك'' إلى توفير السفارة الأميركية في باريس منحا مالية تراوحت قيمتها بين ألف إلى خمسة آلاف دولار، خصصت لمكافأة المواهب الصحفية الشابة في الضواحي المعنية· غير أن هذه الجهود المحدودة للغاية التي تبذلها الولايات المتحدة في الضواحي المذكورة، أثارت انتقادات الصحافة الفرنسية، التي وصفت إحداها برنامج الزائر الدولي والمنح الثقافية لأفراد الجالية في عنوان رئيسي لها بقولها: ''سي آي إيه في ضواحي باريس''، وبالمثل حذرت مجلة ''ماريان'' اليسارية من مغبة ''اختطاف أميركي'' للجاليتين العربية والأفريقية في فرنسا· وقد شعر ''علي زاهي'' بردة الفعل الصحفية هذه إزاء زيارته إلى الولايات المتحدة، التي شملت كلاً من ولايات تكساس وأركانساس وأوريجون وواشنطن دي سي ونيويورك، وكانت صحيفة ''لو باريزيان'' قد نشرت عنه مقالاً انتقادياً جاء مقابلاً لمقال آخر يزعم أن وكالة ''سي آي إيه'' تنشط في تجنيد أفراد من الضواحي الفرنسية، بينما نشر في صفحة أخرى منها رسم كاريكاتيري يسخر من علاقة المسلمين بأميركا· وقال ''زاهي'' إن عدداً ممن حوله بدأوا يتعاملون معه على أنه ''جاسوس أميركي''، غير أن ثلاثتهم يعتقدون أن ردة الفعل الصحفية الفرنسية الحادة هذه ربما كان مصدرها عدم تصور الفرنسيين لإمكانية بروز قادة مستقبليين من ضواحي الفقر والبطالة المحيطة بالعاصمة باريس· كاترين بنهولد- فرنسا ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©