الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحوار الباكستاني -الهندي... فرصة لتعزيز الثقة

1 مايو 2010 21:17
يوم الخميس الماضي تعهد مسؤولون كبار من الهند وباكستان بالعمل من أجل تحسين العلاقات بين بلديهما، وذلك في أعقاب اجتماع بين رئيسي وزراء البلدين عقد على هامش قمة "بوتان" الإقليمية. ومن جانب آخر، ظل خفض التوتر بين هاتين الدولتين الجارتين النوويتين، أحد أهم أهداف السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، ضمن سياساتها الأوسع نطاقاً الهادفة إلى استئصال شأفة الإرهاب من منطقة جنوبي آسيا. وحسب وجهة نظر واشنطن في المسألة، كلما تمكنت باكستان من إعادة نشر أعداد أكبر من جنودها المرابطين على الحدود المشتركة بينها والهند، إلى الخط الحدودي المشترك بين باكستان وأفغانستان، كلما توفرت فرص أفضل لاستئصال عناصر حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة"، ربما تجعل من منطقة القبائل الباكستانية الحدودية قاعدة رئيسية لانطلاق عملياتها التي تشن في أفغانستان. وعبر مؤتمرين صحفيين مستقلين عن بعضهما، عقدا عقب اجتماع استمر لمدة ساعة كاملة بين رئيس الوزراء الباكستاني، ونظيره الهندي، تعهد مسؤولون رفيعو المستوى من كلا الجانبين بالعمل معاً من أجل استعادة الثقة المهزوزة بين بلديهما، وفتح المناقشات حول كافة القضايا التي تهم البلدين. نيودلهي وإسلام أباد أجرتا لقاءات ومؤتمرات كهذه مرات عديدة، لتستأنف العلاقات الثنائية بينهما، لكنها لا تسفر عن تطورات مهمة. بيد أن نبرة التفاؤل التي تحدث بها هذه المرة مسؤولو كلا الدولتين، ساعدت على كسر حالة التوتر التي استمرت بينهما لعدة شهور سابقة لقمة "بوتان" الأخيرة. وفي الخطوة التالية لهذا الإعلان، يتوقع أن يجتمع وزيرا خارجية الدولتين -مع إشارة التقارير الإخبارية إلى أن هذا اللقاء سوف يتم دون أي شروط مسبقة لانعقاده هذه المرة- بهدف الاتفاق على تحديد هدف يرمي إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين. فعلى حد تصريح لوزير الخارجية الهندي، نيروباما راو، أدلى به إلى الصحفيين يوم الخميس الماضي في "بوتان"، التي استضافت مؤتمر قمة دول جنوبي آسيا الذي استمر لمدة يومين، فقد كان هناك الكثير من البحث عن الذات في تلك القمة من قبل المشاركين فيها. وعلينا أن نمضي بهذه الروح خطوة إلى الأمام. ولا شك أن هذا أمر جيد للهند وباكستان، بل للمنطقة بأسرها. وفي غرفة أخرى مجاورة لتلك الغرفة، أعرب وزير الخارجية الباكستانية شاه محمود قرشي عن رأيه وانطباعاته عن القمة بقوله: لقد كانت الأجواء التي تمت فيها دافئة ومشجعة جداً، إلى درجة أننا شعرنا بالاستعداد للبدء معهم من هذه الليلة إنْ كانوا بذات الاستعداد مثلنا. على صعيد آخر يقول الخبراء والمراقبون، إن كلا الطرفين قد حصل على شيء ما من قمة "بوتان" الأخيرة. من بين هؤلاء المحلل السياسي الهندي سوشانت سارين، الذي رأى شيئاً من الفوز الثنائي. فقد تمكنا من الدفع بعملية الحوار الثنائي خطوة ما إلى الأمام. هذا ويتوقع أن تدور المحادثات المستقبلية بين البلدين في مستوى أقل شمولاً، فالهند تفضل الانتقال خطوة بخطوة بين القضايا موضوع التفاوض، بدلاً من طرحها جميعاً في وقت واحد. كما تتفادى نيودلهي تكريس رأسمال سياسي أكثر مما يجب لهذه المفاوضات، حتى تتأكد من مدى جدية إسلام أباد في مواجهة جماعاتها المتمردة التي اعتادت عبور الجانب الآخر من الخط الحدودي، إلى داخل الأراضي الهندية. يضاف إلى ذلك أن عقد مفاوضات بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية، سوف يعطي باكستان امتيازاً دبلوماسياً، ويشير في الوقت نفسه إلى احتمال ضعف الرقابة اللازمة على ذلك الخيط الرفيع من العلاقات التي تربط بين الجماعات المتمردة وأجهزة المخابرات الباكستانية، خاصة في ظل المخاطرة بجزء كبير من الإرادة السياسية للهند بعقد التفاوض الثنائي على مستوى وزراء الخارجية. ومن رأي المحللين أن الإعلان عن المفاوضات الثنائية بين الهند وباكستان، قد تم مع وضع الاعتبار لحليف ثالث مهم. بل يرى بعض المراقبين أن واشنطن واصلت ضغوطها على كلا الجانبين. ذلك هو رأي "لاليت مانسنج"، سفير الهند سابقاً لدى الولايات المتحدة الأميركية. ولذلك فلا شك أن واشنطن ستسعد كثيراً بهذا الإعلان. لكن إعلانات كبيرة كهذه سبق لها أن انهارت في أنحاء مختلفة من العالم، وقد تكرر ذهاب مثل هذه الإعلانات بذات السرعة التي جاءت بها. وليس لنا أن نتوقع الكثير من اجتماع استمر لساعة واحدة فحسب بين الجانبين، على هامش قمة إقليمية. وفوق ذلك كله، تظل السيطرة على إقليم كشمير المتنازع عليه، مسألة شديدة الحساسية والعاطفية، بقدر ما هي مثيرة للنزاع بينهما. ولعل أكثر ما يثير غضب نيودلهي في هذه المسألة، شكوكها في وجود روابط قوية بين الجماعات المتمردة في الإقليم وبعض الأجهزة الباكستانية. ليس ذلك فحسب، بل إن من شأن الصراعات الداخلية في نيودلهي -على إثر الكشف عن سلسلة من الفضائح مؤخراً- أن ترغم الهند عن التراجع عن إعلانها المشار إليه. وربما ترغمها على ذلك الكتل الناخبة التي لا تزال تعرب عن مشاعر غضبها من هجمات مومباي التي نفذتها الجماعات المتطرفة في شهر نوفمبر من عام 2008، وخلفت وراءها ما لا يقل عن 166 قتيلاً، مع العلم أن الأدلة تشير إلى تدبيرها وتخطيطها من داخل الأراضي الباكستانية. الكثير من المراقبين يرون أن اجتماع وزيري الخارجية الهندي والباكستاني الذي تتطلع إليه الدولتان، لن يثمر شيئاً ما لم يكن الجيش الباكستاني ومؤسسته الاستخباراتية القوية طرفاً فيه. مارك ماجنير - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع «إم.سي.تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©