السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفقارى شوبينج!

الفقارى شوبينج!
8 يونيو 2008 03:42
دفعني السيد الملل للخروج يوماً، فصادفت مركزاً تجارياً اصطفت على أبوابه أكثر من عشر سيارات صغيرة زينت خصيصاً لإغراء الزبائن واستغفالهم، وتمت هندستها كطعم معتبر لنيل جائزة قيمة بعد التسوق بقيمة خمسين درهم فقط، يا بلاش!!· المركز الفاخر لا يختلف عن أضخم المولات، فهو هائل المساحة وتظلل أجواءه موسيقى ''الشوبينج'' الناعمة، ويوفر عربات تسوق مجانية ملأتها بضائع الزبائن الذين أغرتهم يافطات تقول: كل شيء بدرهم ودرهمين· الحقيقة أن مراكز بو درهم وبو درهمين وبو خمسة هي المستفيد الحصري والوحيد من موجة الغلاء العالمية، وأزمة الرهن العقاري في أميركا، وانهيار البورصات العربية، وارتفاع أسعار النفط والغذاء والماء والنار والهواء والتراب، فقد باتت قبلة الطبقات المسحوقة سحقاً ناعماً، والطبقات المتوسطة والغليظة وطبقات أخرى برجوازية وأرستقراطية ربما جاءت على سبيل التنويع بعد أن ملت التسوق في محلات ''هارودز'' اللندنية أو المحلات المصطفة على ضفتي شارع الشانزلزيه الفرنسي· المهم، يمكنك شراء أي شيء من هذه المحال فيما عدا تلك البضائع التي يمكن أن تلامس جسمك مباشرة، كالكريمات والعطور وأدوات الحلاقة والصابون والشامبو والعطور والملابس والنظارات!! أهلاً··· أهلاً، ماذا بقي إذن؟؟ ساعة يد أو صحن أو لمبة أو ساعة منبه، ''مشّي حالك يا باشا''· اشتريت ساعة يد حلوة بخمسة دراهم، وبمجرد وصولي للبيت رفضت الساعة الأنيقة العمل، فأخذتها على استحياء لمصلح ساعات لتبديل البطارية، فقال لي: هذه الساعات لا تعمل بالبطاريات وإنما تشتغل على النمل!!· قلت مشدوهاً: النمل!!؟، فقال: أجل إنه اختراع صيني بحت، ويبدو أن البائع نسي أن يخبرك بضرورة إطعام النملات الشغالات ببضع حبات من فتات الخبز الكوري أو السكر التايلاندي الأسمر، فماتت جوعاً، ساعتك الآن مجرد مقبرة جماعية، عوضك على الله!· عدت إلى البيت مستغرباً وقد قرصني الجوع، تذكرت الصحون اليابانية البورسلانية الجميلة التي اشتريتها من ذات المحل، فتناولت أحدها وقلبت ظهره وكحلت عيني بما كتب عليه بأناقة إنجليزية (جابان رويال كوليكشن، ديش واشر، آند ميكروويف سيف) ففتحت علبة تونة ودفعته مسرعاً للميكروويف، وبعد انتهاء عملية التسخين انطلقت صفارة الجهاز معلنة نهاية الشوط الأول، فتناولت قطعة قماش وأخرجت الصحن مهرولاً للطاولة لاستكمال الشوط الثاني، لكن الصحن كان أسرع مني، وما إن وصلت إلى الطاولة حتى قال: (تيك)، وانقسم الغالي إلى نصفين متساويين· جلست مأخوذاً أتأمل قطعتي الصحن المتساويتين مع فردتي التونة المتشابهتين وقلت بأعلى صوتي: يا سبحان الله، توأم··· توأم!!؟ تذكرت دراسة أحد خبراء التسوق التي تقول: ''مهما بدا الأمر سيئاً، تبقى لمثل هذه المحال فوائد كثيرة دفعت جمعيات حماية (المستفقر) لغض الطرف عن الكثير من الشروط والضوابط، فمثلاً إذا كانت إحدى الأمهات تشكو كثرة فوضى وحركة ابنها، فليس عليها سوى أن تشتري له نظارة شمسية من أحد هذه المحال، وسيهدأ الشقي بعد يومين على الأكثر بعد أن يصاب بعمى مؤكد· أما إذا كان ثمة رجل يفكر في الزواج على زوجته وكارثته الأولى، فما عليه سوى أن يبادرها بتقديم باقة معتبرة من العطور والكريمات ومستلزمات الماكياج القادمة من هذه المحال، وسيتزوج بعد أسبوعين بكل هدوء بعد أن تنفق زوجته الأولى وتغادر بلا رجعة للدار الآخرة بعد إصابتها بالسرطان المضمون مئة في المئة ''!!! محمد الحلواجي lhalwaji@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©