الطارق.. أناشيد سُراة الليل

ثمة فنون شعبية تزدهر في الدولة ومنطقة الخليج ككل، تذكّرنا من حيث ماهيتها ببعض فنون شعبية عربية متوارثة بدورها، تعتمد في جزء منها على التلاعب بالألفاظ ببراعة إبداعية ظريفة ومحببة· من بين تلك الفنون، يتألق فن ''الطارق'' أو كما يسمى في بعض مناطق الخليج ''الطارج'' الذي يقتصر أداؤه غالباً على الليل! عن فن ''الطارق'' يقول الشاعر حميد البريكي: ''فن الطارق أو ''الطارج'' فن مواز لـ ''العتابا والميجنا'' في بلاد الشام، و''الموال'' في بلاد الرافدين و ''المجرور'' في نجد والحجاز· عُرف في منطقة الخليج منذ زمن قديم، وهو عبارة عن شعر غنائي جميل مأخوذ من الطرق، أي ''الصدح والسرا بالليل'' إذ يُنشد في سكون الليل بصوت عذب رخيم، يطلق على مؤديه أيضاً ''الطارق''· أما عن أساسيات هذا الفن وكيفية أدائه، فيقول: ''يصاحب مغني الطارق عازف الناي وأحيانا المزمار البلدي ليزيد الأداء جمالاً وشجناً· وبينما يردد المغني أبيات الشعر على طريقة الطارق اللحنية، ويشق سكون الليل بإطلاق طرقِه، يردد بعض الجمع من ورائه بأسلوب الصيحة وبأعلى أصواتهم· لذا تسمى القطعة الأولى من الطارق ''المرسم'' والثانية التي يرددها خلفه رفاقه ''الردود'' والأبيات في كل منهما تتميز بالتورية والطباق والجناس -غالباً بلهجة محلية مقعرة- بحيث يتشابه آخر كل شطر من المرسم أو الردود في استخدام نفس الكلمة مع اختلاف في المعنى: كما في ''طارق'' للشاعر ابن بني شبيل، حيث جاء ''المرسم'' على الشكل التالي: قال الهوى مشيت حقبة من ليل مشيت حقبة واتر صيوان صيوان طلعت روس الفج رحبان رحبان وفي تعشر جنبت والما سراجي بينما كانت ''الردود'' كالتالي: بسبابيك بتناصر مراضى محاليل معاد مشي بي الساق حيران حيران ومن يوم بحت الود رحبان رحبان سبابيك محبوس والما سرابي في حين يشير الباحث محمد المعولي، إلى ''ان فن الطارق في جزئه (النسائي) هو فن قديم يعبر عن الترويح عن النفس في جو تسوده المشاعر والأحاسيس الصادقة، أثناء تأدية العمل في مهنة خاصة بالمرأة الخليجية -قديماً- الرعي وجمع الحطب، وكانت النسوة يرددن بعض الأبيات بلحن جميل -في الصباحات فقط- أسوة بما يردده الرجال ليلاً من هذا الفن''·