الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموت على حدود تركيا

3 ابريل 2018 23:07
العام الماضي، وفي مسعى فرارهما إلى تركيا من سوريا، سار خالد ووالدته أربع ساعات على الأقدام في اتجاه دلهم عليه مهربون. وسرد خالد القصة قائلاً إنهما سارا وضلا الطريق وسط بساتين الزيتون قبل أن يصلا إلى قرية تركية في الفجر. ومن بين 60 لاجئاً خرجوا مع خالد من مخيم بالقرب من مدينة دركوش في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، لم يعبر منهم الحدود إلا بضعة أشخاص. ويعتقد خالد أن الباقين إما قتلوا أو عادوا إلى سوريا مضيفاً: «كنا محظوظين». ووصل خالد ووالدته إلى أطراف مدينة «مرسين» جنوب تركيا الخريف الماضي. وخوفاً من السلطة التركية، ظل يقلب الأمر في رأسه لفترة طويلة كي يأخذ قراراً بشأن ما إذا كان سيتحدث للصحفيين عن العنف على الحدود. ولم يوافق على إجراء مقابلة معه إلا إذا استعمل اسماً مستعاراً، مؤكداً أنه يريد بذلك «أن يعرف العالم ما يحدث لنا نحن السوريين». ورغم صعوبة التحقق من مزاعمه، لكن هذا يتسق مع قصص بضعة شهود آخرين أجرت مجلة «دير شبيجل» الألمانية مقابلات معهم. ويوم الخميس الماضي أشارت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى حالات مشابهة، هذا بالإضافة إلى الترحيل الجماعي للاجئين السوريين من تركيا. كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي لا يمكن التحقق من الأرقام التي يعلنها من جانب مستقل أن 42 شخصاً لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور الجدار الحدودي منذ سبتمبر الماضي. ولم ترد الحكومة التركية على أسئلة «دير شبيجل». فقد حصدت الحرب الأهلية السورية بعد 7 سنوات من اندلاعها أرواح مئات الآلاف، وأخرجت ملايين من ديارهم حتى الآن. وفي الأسابيع القليلة الماضية، شردت تركيا عشرات الآلاف بسبب حملتها العسكرية في مدينة عفرين في شمال سوريا التي انتزعت السيطرة عليها من أيدي ميليشيات وحدات «حماية الشعب» الكردية السورية. ورغم أن السلام لا يلوح في الأفق، يرفض جيران سوريا ومن بينهم لبنان والأردن استقبال أي عدد جديد من اللاجئين. وأقامت تركيا جداراً على حدودها مع سوريا بطول عدة كيلومترات وبارتفاع ثلاثة أمتار وزودته بكاميرات تستكشف الحرارة، بعد أن أغلقت حدودها مع سوريا بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وهناك خيارات قليلة أمام السوريين في محاولة الفرار من الحرب الوحشية في بلدهم الأم والذين يغامرون يواجهون خطر الموت. والحكومة الألمانية باعتبارها عضواً في الاتحاد الأوروبي ضالعة أيضاً في تدجيج الحدود التركية بالسلاح ضد اللاجئين. ودول الاتحاد الأوروبي قدمت للحكومة في أنقرة تكنولوجيا للأمن والمراقبة بما تزيد قيمته على 80 مليون يورو مقابل حماية حدودها وفقاً لبحث أجرته «دير شبيجل» وشبكة «التعاون الاستقصائي الأوروبي». وهذا تضمن تحويل 35.6 مليون يورو من بروكسل إلى شركة «أوتوكار» التركية كجزء من برنامج «أي. بي. أيه» للتنمية الإقليمية لبناء مركبات «كوبرا2» العسكرية المصفحة التي تستخدم حالياً لحراسة الحدود مع سوريا. وكلف الاتحاد الأوروبي أيضاً شركة «اسيلسان» لإنتاج الأسلحة التي تمتلك فيها الدولة التركية حصة أغلبية أن تقدم لأنقرة مركبات مراقبة مصفحة وغير مصفحة لحراسة الحدود البرية التركية اليونانية بقيمة 30 مليون يورو. وفي مارس 2016، أبرم الاتحاد الأوروبي وأنقرة صفقة يدفع بموجبها الأوروبيون ثلاثة مليارات يورو لتركيا إذا أبقت اللاجئين داخل حدودها. وكان المقصود بالمال مساعدة السوريين في تركيا، لكن 18 مليون يورو ذهبت إلى شركة هولندية صنعت ستة قوارب حراسة لقوات حرس السواحل التركية. وظلت حدود تركيا مفتوحة أمام السوريين حتى صيف عام 2015. وتدفق نحو 3.5 مليون لاجئ سوري إلى تركيا وهو عدد أكبر مما استقبلته أي دولة أخرى. ومنذئذ أغلقت أنقرة طريق فرار السوريين، وهذا يرجع في جانب منه إلى ضغوط من الاتحاد الأوروبي.. وفي نهاية المطاف فإن اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا بشأن اللاجئين لم يؤد إلا إلى تغيير مسار الأزمة، فهناك عدد أقل من الناس يموتون في بحر إيجة بعد تقلص عدد القوارب العابرة إلى اليونان منذ التوقيع على الاتفاق. وبدلاً من هذا أصبح الفارون يموتون على الحدود التركية السورية. *صحفي ألماني عن مجلة «دير شبيجل» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©