الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... صعود الخيارات العسكرية

12 مارس 2012
بدأت إدارة أوباما وحلفاؤها وشركاؤها الدوليون مناقشات جدية بشأن إمكانية تدخل عسكري في سوريا، حتى في الوقت الذي يواصلون فيه الضغط في اتجاه حلول غير عنيفة للمذابح هناك، إذ يلاحظ أن هناك رغبة متزايدة في بحث خيارات إضافية نظراً لعدم تحقيق تقدم خلال الأسبوعين الأخيرين منذ أن تعهدت 70 دولة ومؤسسة دولية في العاصمة التونسية بتركيز جهودها على الجبهتين الإنسانية والدبلوماسية. وحسب مسؤولين من الولايات المتحدة ودول أخرى معارضة للرئيس السوري، فإن السيناريوهات الممكنة التي توجد قيد البحث تشمل تسليحاً مباشراً لقوى المعارضة، أو إرسال جنود لحراسة ممر إنساني أو "منطقة آمنة" للمتمردين، أو هجوماً جوياً على الدفاعات الجوية السورية. غير أن الحكومات مازالت منقسمة بشكل كبير بشأن حجم أي تدخل، وكيفية وتوقيت حدوثه، ومن سيشارك فيه. كما أن الكثيرين يتساءلون بشأن شرعية أي خيارات عسكرية وفق القانون الدولي، وذلك بالنظر للمعارضة الروسية المستمرة لأي تفويض أممي. ويقول مسؤولون أميركيون إن استراتيجيتهم مازالت تركز على المساعدة الإنسانية وتنظيم المعارضة السورية، ولكن الآمال بدأت تتلاشى بشأن تشكيل المعارضة لجبهة متحدة بما يكفي لتستحق اعترافاً دولياً، مثلما حدث في ليبيا، أو إمكانية إقناع الأسد بالاستسلام. ففي وقت شنت فيه القوات السورية هجوماً جديداً على منطقة إدلب الشمالية يوم السبت الماضي، كرر "الأسد" تشديده على أن الانتفاضة التي بدأت قبل عام هي من عمل متطرفين خارجيين، حيث نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن الأسد قوله لمبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان" يوم السبت الماضي إن أي حوار سياسي لا يمكن أن ينجح "طالما أن هناك مجموعات إرهابية مسلحة تنشط وتنشر الفوضى والاضطراب". ويذكر هنا أن بياناً للأمم المتحدة قال إن المحادثات كانت "صريحة وشاملة"، وإن عنان سيلتقي مع الأسد يوم الأحد من جديد. وفي اجتماع للجامعة العربية عُقد في القاهرة، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: "إننا لا نحمي أي نظام"، مضيفاً أن روسيا تحرص على صون "القانون الدولي" بدلاً من "البحث عن جائزة خاصة أو مصلحة جغرافية"، انتقاد موجه على ما يبدو لمن يدفعون في اتجاه تدخل في بلد يُعتبر أهم حليف لروسيا في الشرق الأوسط. والواقع أن هناك اتفاقاً واسعاً على أن التهديد يزداد بالنسبة للاستقرار الإقليمي والدولي مع مرور كل يوم، في وقت يُقتل فيه مزيد من المدنيين بطرق أكثر وحشية من أي وقت مضى، بدون إحراز أي تقدم نحو انتقال سلمي. وفي هذا الإطار، قال جيفري فيلتمان، كبير الدبلوماسيين المكلفين بالمنطقة في وزارة الخارجية الأميركية، للكونجرس الأسبوع الماضي: "كلما طال هذا الأمر، كلما ازدادت الانقسامات، وكلما ازداد خطر حرب أهلية طويلة الأمد، وكلما ازداد خطر (تدخل) المتطرفين". وفي جلسة الكونجرس نفسها، قال الجنرال جيمس ماتيس، قائد القيادة المركزية الأميركية، إن استبدال الأسد بحكومة ديمقراطية سيمثل "أكبر انتكاسة استراتيجية" منذ 25 سنة بالنسبة لإيران، التي تعد الحليف الرئيسي الآخر للأسد. ورغم أنه سبق لكل من قطر والسعودية أن أعلنتا أنهما مستعدتان لتسليح المتمردين، إلا أن دولاً أخرى تشعر بالقلق بشأن وحدة وتماسك المعارضة السورية ونواياها. وبشكل عام، فإن الخيارات الأخرى تشمل إقامة "منطقة آمنة" محمية دولياً بمحاذاة الحدود التركية مع سوريا التي تمتد على طول 500 ميل، حيث يمكن تجميع المساعدات الإنسانية والعسكرية وتنظيم القوات العسكرية التابعة للمعارضة، أو هجوماً جوياً على شاكلة ما حدث في ليبيا من أجل تدمير الدفاعات الجوية المهيبة لسوريا. وحسب مسؤولين أميركيين وآخرين من المنطقة، وافقوا على التعليق على الوضع شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، فإن الولايات المتحدة مستعدة لتوفير معدات اتصال ومعلومات استخباراتية لجهد يروم تسليح المعارضة. والواقع أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي يُنظر إليها باعتبارها قادرة على تنظيم ودعم أقصى بديل: إقامة منطقة حظر جوي أو حماية جوية مباشرة. غير أن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية أوضحوا أن الإعداد لأي خطوة من هذا القبيل سيستغرق أسابيع، وسيتطلب أسابيع إضافية لتنفيذه، حيث ستكون ثمة حاجة إلى نقل أعداد كبيرة من الطائرات والعسكريين من مناطق عمليات أخرى. وفي جلسات عقدت الأسبوع الماضي، شدد بعض المشرعين، وفي مقدمتهم السيناتور جون ماكين (الجمهوري عن ولاية أريزونا)، على أن لدى إدارة أوباما واجباً أخلاقياً لاستعمال أي وسيلة لازمة من أجل وقف المذابح في سوريا. ومن جانبه، قال الجنرال مارتن ديمبسي، قائد هيئة الأركان المشتركة، إن التقديرات الأولية لما قد يتطلبه اضطلاع الولايات المتحدة بدور عسكري قد تم توفيرها تنفيذاً لتوجيهات من أوباما، وإن لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن بشأن الشروع في تطوير خيارات عسكرية مفصلة. ويقول بعض المسؤولين إنه حتى في حال قررت الإدارة الأميركية أن الوضع يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي، فإن هذه الأخيرة ترى أن المشاركة الدولية أمر حكيم وضروري. غير أن تركيا، التي سيكون دورها محورياً في أي تدخل، من مناطق آمنة إلى مناطق حظر الطيران، كانت الأكثر توتراً بشأن الأسس القانونية. ذلك أن حتى توفير "ممر إنساني" من أجل إيصال المساعدات إلى السوريين المحاصَرين سيتطلب نوعاً من التدخل العسكري الخارجي، مثلما أوضح مسؤول رفيع من إدارة أوباما. فـ"بعد سريبرنيتشا، لا أحد سيرغب في ممر إنساني إلا إذا توافرت الوسائل والسلطة لحمايته"، يقول هذا المسؤول، في إشارة إلى المذبحة التي تعرض لها المسلمون البوسنة عام 1995 في منطقة كان يفترض أن تكون "آمنة" تحت حماية الأمم المتحدة. كارين دي يونج - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©