الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أشياء كثيرة

28 ابريل 2017 23:06
تصغين إلى حكاية «عوشة» هذه المرة، في أحد الأيام قامت طفلة صغيرة مستاءة فوجهت خطاباً عفوياً تطلب فيه من والديها ومن حولها أن يكونوا أصدقاء لكي لا يتحول الناس من حولها إلى وحوش تأكل بعضها بعضاً! خطاب ناري آخر وجهته زوجة إلى زوجها «زوجي الحبيب خذ بيدي إلى الجنة»، الخطاب يأتي بمناسبة قرب شهر رمضان، تقول إحدى الصديقات.. أعجبتني هذه المرأة لا بد أن بينها وبين زوجها صداقة! سألتها إن كانت هذه الصداقة موجودة في حياتها فلم تجب! أشياء كثيرة في حياتنا، منها ما نعتبره ضرورياً، ومنها ما نعتبره شيئاً غير ضروري، من بينها ما يتعلق بعلاقة كالصداقة. وفي مجتمعاتنا العربية، الخليجية خصوصاً، قلما نعترف بهذه العلاقة الإنسانية في حياتنا العائلية، فلا تجد الزوج والزوجة أصدقاء إلا نادراً، حتى تحسب أنه من الموضوعات التي تم حسمها سلفاً، لتخلو منه الحياة في بيوتنا. تقول.. صراحة، من يرى من أولادنا هذه الصداقة؟ من يعرف تماماً هذا الشيء؟ إذا لم يمارسه الأب والأم أمامهم، هل يتخيله أطفالنا؟ لا شيء يحدث أمامهم يعلمهم أنه ليس بالخبز والمأكل والملبس والجدران الإسمنتية والشجار الذي ليس له أساس، والجري اليومي وراء لقمة العيش وحدها، يحيا الإنسان. ولتلطف من هذا الكلام تتصور الدور الإنساني الذي يلعبه الأصدقاء في حياتك، عندما تكتشف أنك لست وحدك على ظهر هذا الكوكب، ويتراءى لك أحدهم في وقت الشدة، وأنت لا تراه إلا لماماً، ملوحاً بذراعين مفتوحتين ليقول لك «نحن هنا»، هذه الروح هي جوهر الصداقة التي تشبه تلك التي سمعنا عنها في الأمثال فوجدنا في زماننا واحدة منها وحسبما قيل المستحيل ثلاثة، الغول والعنقاء والخل الوفي. نذكر صداقات تكونت على مدى الزمن، عندما كان الصغار يتعرفون على بعضهم في الفريج وفي السكة وفي أماكن عامة يرتادونها فيشعرون بأنهم بين أهلهم، وحتى في باص المدرسة وفي ساحتها في الفسحة! الصداقة هذه انتهت وتغير مفهومها ومواقع اكتسابها ومن غير المنطقي أن نقارن بيننا وبين أولاد اليوم، فنقول إنهم لا يعرفون الصداقة دون أن يشاهدوها في بيوتهم.. تقول تدخلين البيت، تسلمين فلا يرد أحد، تريدين أن تطمئني على زوجك، كيف كان يومه فلا يهتم، تتمنين أن «يسولف» معك، يأخذك معه بالسيارة في جولة قصيرة، لا، لا.. كأنه يعتبرها نقيصة! تقولين لنفسك قد تكون هناك حالات نادرة مختلفة. لكن ماذا لو يلتفت الباحثون منا في مجال علم الاجتماع مثلاً فيقومون بعمل استبانة حول هذه العلاقة.. سيجدون إجابات غريبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©