الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاولة يابانية لإحياء «الشراكة عبر الهادي»

28 ابريل 2017 22:56
منذ الأيام الأولى لدخوله البيت الأبيض، علّق الرئيس دونالد ترامب مشاركة الولايات المتحدة باتفاقية «الشراكة عبر الهادي»، وهي معاهدة للتجارة الحرة بين مجموعة من الدول تتحكم بأكثر من 40 في المئة من الاقتصاد العالمي. والآن، عبرت اليابان عن رغبتها بإعادة إحياء الاتفاقية من جديد حتى لو تطلب الأمر التخلي عن عضوية واشنطن فيها. وقال مسؤولون تجاريون يابانيون في حديث مع صحيفة «فانيانشيال تايمز» اللندنية خلال عطلة نهاية الأسبوع إن طوكيو مستعدة لاحتضان الاتفاقية والانطلاق بها إلى أفق جديد مع الالتزام بالصيغة ذاتها التي كانت عليها عندما قرر دونالد ترامب قتلها والتخلي عنها. وقال وزير المالية الياباني «تارو آسو» خلال احتفال نظم في نيويورك الأسبوع الماضي: «سنبدأ مباحثاتنا بمشاركة 11 عضواً في اتفاقية الشراكة التجارية عبر الهادي، ولكن من دون مشاركة الولايات المتحدة خلال اجتماع ينظم في شهر مايو المقبل». ويحمل هذا التطور الجديد مضامين توحي بأنه حتى لو نفضت الولايات المتحدة يديها من اتفاقيات التجارة الحرة فإن العديد من الدول الأخرى تضغط باتجاه تفعيلها من دون المشاركة القيادية الأميركية. وسيتحتم على واشنطن بعد ذلك أن تتحمل عواقب فشلها السياسي الناتج عن «قتل الاتفاقية» التي عملت الدول المشاركة فيها عدة سنوات من أجل إعداد بنودها. وبالرغم من أن اتخاذ الرئيس دونالد ترامب قراره بالانسحاب من الاتفاقية لم يكن مفاجئاً، إلا أنه أرسل موجات اهتزازية قوية عبر النظام التجاري العالمي وترك بقية الدول الإحدى عشرة المشاركة فيها في حالة من الضياع، وهي: أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلاندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام. وكان العديد من المحللين قد اعتقدوا أن الاتفاقية قد أتت على نهايتها، وهي التي كانت تشكل أكبر إنجاز للرئيس باراك أوباما في آسيا. وكان رئيس الوزراء الياباني «شينزو آبي» قد قال إن الاتفاقية من دون الدور القيادي لواشنطن، ومن دون الدخول إلى السوق الضخم للولايات المتحدة، «لا معنى لها». أما الآن، فإننا نرى حكومته وهي تعزف لحناً آخر. وهناك عدة أسباب لهذا التحول في الموقف. أولها، يكمن في أن طوكيو أدركت أن الاتفاقية يمكن أن تبقى مفيدة وتنطوي على مكاسب اقتصادية مهمة في الأسواق ذات الحجم المتوسط مثل أستراليا وفيتنام، خاصة أن استراتيجية شينزو آبي الاقتصادية التي تعرف باسم «الآبينوميكس» تشدد على ضرورة احتراق الأسواق الأجنبية حتى يتمكن الاقتصاد الياباني المتباطئ من الانتعاش واستعادة نشاطه. والسبب الثاني، يكمن في أن طوكيو ربما تكون قد حضّرت نفسها لمهمة التخفيف من تداعيات مواقف إدارة ترامب. وقال «إريك آلتباخ» الذي كان أحد كبار المسؤولين في وزارة التجارة الأميركية والمتخصص بالقضايا الآسيوية: «كان هناك احتمال كبير في أن يشعر ترامب بأن إعادة إحياء اتفاقية الشراكة عبر الهادي قد تمثل صفعة في الوجه». وفي مقابلة مع دورية «السياسة الخارجية»، قال آلتباخ: «خلال سلسلة الاجتماعات الأخيرة مع الإدارة الأميركية، ربما يكون اليابانيون قد استشعروا بعض مستويات الارتياح من الجانب الأميركي لجهود اليابان الهادفة لإعادة إحياء اتفاقية الشراكة عبر الهادي». وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية هي وحدها التي تقدم البديل لاتفاقية «الشراكة الإقليمية الاقتصادية الشاملة» RCEP التي تقودها الصين. وهي اتفاقية أقل طموحاً تشارك فيها بعض دول جنوب آسيا. ولهذا السبب، ترى اليابان أن اتفاقية الشركة عبر الهادي تمثل طريقة لتحجيم قدرة الصين على إقامة علاقات اقتصادية سيادية مع الدول المجاورة لها أو القريبة منها. إلا أن إعادة إحياء اتفاقية الشراكة عبر الهادي بعد أن ماتت، ستكون أكثر سهولة بالقول لا بالفعل، لأنها تحتاج إلى إعادة صياغة كاملة حتى لو أعادت تدوير الجزء الأكبر من اللغة التي صيغت بها. وعلى كل حال، يمكن القول إن خطة ترامب الكبرى التي تقضي بعدم الالتفات بعد الآن إلى اتفاقيات التجارة المتعددة الأطراف واستبدالها بالاتفاقيات الثنائية، يمكنها أن تطرق باباً تجارياً ضخماً في آسيا. وبعد أن كانت واشنطن تمثل دور الطرف الأكثر ميلاً للضغط على الأطراف المشاركة في اتفاقية الشراكة عبر الهادي من أجل إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة وتقديم بعض التنازلات من أجل الموافقة الأميركية على الصفقة، لم يعد في وسع أميركا الآن أن تطلب من شركائها الثنائيين تقديم مثل تلك التنازلات. ويوم الاثنين الماضي، قال وزير التجارة الأميركي «ويلبور روس» لصحيفة «فانيانشيال تايمز» إنه منفتح على فكرة عقد اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «من الواضح أننا في مرحلة ما سنحتاج لفعل شيء ما مع أوروبا». *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©