الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يكذبون بأنف لا يتلوّن

يكذبون بأنف لا يتلوّن
31 يوليو 2009 23:06
يتحدث البشر لغتين منفصلتين عن بعضهما تماماً: اللغة الصوتية بحروفها وأصواتها وذبذباتها وحشرجاتها، والثانية لغة الجسد وحركاته وانفعالاته، ولربما يحدث التلاعب بالكلمات وتزيينها وتزويقها، إلا أن لغة الجسد هي التي تتحدث لا شعورياً وعفوياً، لتعبر عن الجواب الأكثر حقيقة وصدقاً في ذواتنا ومشاعرنا وانفعالاتنا؛ ولهذا فهي الأكثر أهمية في علاقاتنا الشخصية!! عندما أكلم بعض الأصدقاء بالهاتف، لا يرويني الحديث بتاتاً، ولا يوصلني إلى ما أريد، فأقول لهم إذا كان الموضوع مهماً، لا بد أن نلتقي رأساً لرأس، وعيناً لعين؛ كي (يجحر) أحدنا الآخر، فلغات العالم كلها لا تتحدث كالعين وهمساتها وبوحها العميق، ولهذا فالفلاحون يصرون على أن العيون (مغاريف الحكي!!)، التي لا تنطق إلا صدقاً، وهذا ما يحدو كثيراً من العارفين بهذه اللغة إلى إنهاء حديثهم فوراً مع من لا يتواصل معهم بصرياً!! ويدهشني في ذات اللغة تقرير طبي، يفيد بأننا وفي حالة التورط بالكذب وقول الزور، إن كمية أكبر من الدم تتدفق بسرعة إلى أرنبة أنوفنا، وأن الشعيرات الدموية هناك، تزداد اتساعاً وتفتحاً، فيحمر رأس الأنف ويسخن، وهذا ما يفسر الحركة الشهيرة للكذابين في العالم!! فهم يهرشون أنوفهم أو يمسونها بعفوية، خلال أحاديثهم الباطلة، فتذكروا كل الكذابين الذين مروا عليكم؟!! وتخطر ببالي قصة ماجد في مسلسل الأطفال الشهير، والذي كان بالأصل لعبة خشبية، لكنه تمنى أن يتحول إلى طفل عادي، فتحققت أمنيته بشرط أن تلازمه علامة فارقة وعجيبة، فهو عندما يتورط بالكذب!! فإن أنفه الخشبي يزداد طولاً، ويصبح كغصن شجرة، عقوبة مباشر له، ولا يعود الأنف إلى وضعه الطبيعي، إلا إذا قال الحقيقة، والقصة مأخوذة عن كتاب (مغامرات بينوكيو)، للكاتب الإيطالي كارلو كولودي، ومثلت فيلماً من إخراج «روبرتو بينيغني» عام 2002م على ما أذكر!! كثيراً ما نلحظ حركة حك الأنف وهرشه واحمراره عند المتحدثين: فهل نسيتم بيل كلينتون، وهو الخطيب البارع واللبق، عندما وقع في فخ لغة الجسد، وكيف صار أنفه حبة بندورة تطفح بالنضج الأحمر، عندما حاول إخفاء علاقته المخجلة بمونيكا لوينيسكي! وتبقى مشكلتنا العالقة في هذا الزمن الأحمر، أن الكذابين تطوروا جينياً وصميمياً، وتدربوا على مقاومة لغة أجسادهم ونبراته، فهم لا تزداد أنوفهم طولاً، ولا تتحول لغصن شجرة يفيدنا بقليل من ظل الحقيقة، إنهم يكذبون بأنوف لا تتلون أبداً، يكذبون كذبا بمختلف الألوان!!! رمزي الغزوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©