الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المقسط».. رب العالمين العادل في حكمه

20 مارس 2014 21:36
أحمد محمد (القاهرة) - «المقسط» اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه العادل في حكمه، الجاعل لكل من عباده نصيباً من خيره، الذي ينتصف للمظلوم من الظالم، ثم يكمل عدله فيرضي الظالم بعد إرضاء المظلوم المنزه عن الظلم والجور لا يُسأل عمَّا يفعل يتصرَّف في العوالم بكل نظام. والله المقسط القائم بالقسط، المقيم للعدل، وفي اللغة أقسط الإنسان إذا عدل، وقسط إذا جار وظلم، والمقسط في حق الله تعالى هو العادل في الأحكام، غاية العدل والإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى. معاني الاسم لم يرد اسم الله «المقسط» صراحة في القرآن الكريم، وإنما ورد المعنى في بعض الآيات، وهو ما استند إليه العلماء كما قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 9»، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، «سورة المائدة: الآية 8». وقال عز وجل: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، «سورة الممتحنة: الآية 8» وقوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)، «سورة الأنبياء: الآية 47». من السيرة وفي الحديث بينما رسول الله جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أضحكك؟ قال: «رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما: يا ربي خذ مظلمتي من هذا فقال الله عز وجل: رد على أخيك مظلمته، فقال يا ربي لم يبق من حسناتي شيء فقال عز وجل للطالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ فقال يا ربي فليحمل عني أوزاري، ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء، وقال: «إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى أن يحمل عنهم أوزارهم»، فيقول الله عز جل للمتظلم ارفع بصرك فانظر في الجنان، فقال يا ربي أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا؟ قال الله عز وجل لمن أعطى الثمن فقال يا ربي ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، فقال: بماذا يا ربي؟ فقال بعفوك عن أخيك، فقال: يا ربي قد عفوت عنه، قال عز وجل: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله يعدل بين المؤمنين يوم القيامة». والإمام الغزالي يقول المقسط هو الذي ينتصف للمظلوم من الظالم، وكماله في أن يضيف إلى إرضاء المظلوم إرضاء الظالم فإذا طغى عبد على عبد، انتصر للمظلوم من الظالم، فإذا رجع الظالم عن ظلمه وتاب إلى الله أكرمه إن أوفر الناس حظاً من هذا الاسم من ينتصف أولاً من نفسه فقد يكون الإنسان بموقع لا أحد يستطيع محاسبته، فكماله أن ينتصف من نفسه، وأن يعترف بخطئه وقال بعض العارفين متى أكثر العبد من ذكر اسم المقسط أشرق عليه نوره، فسرى في جوارحه، فعدل فيها. لسان العرب وجاء في لسان العرب أن المقسط من أسماء الله الحسنى، وهو العادل يقال أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار فكأن الهمزة في أقسط للسلب. والمقسطون العادلون فيما وُلوا وحكموا فيه هم أهل العدل في حكمهم وفي أهليهم وفيما ولاهم الله عليه وأقسط أي عدل في الحكم وأدى الحق وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في عدة مواضع مثل: (... وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، «سورة المائدة: الآية 42». وفي السنة عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا». ومن صفات المقسطين أنهم علموا أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه المقسط أي العدل خافوا مقام ربهم لعلمهم بقدرته عليهم، وأن مرجعهم إليه فينبئهم بأعمالهم ويجزيهم بها واستجابوا لأمر ربهم حين أمرهم بالقسط، فهم المقسطون لأنهم أرادوا التخلق بالأخلاق التي يحبها الله ليفوزوا بمحبته ينصفون المظلوم ولو على أنفسهم، سلكوا بذلك نهج الأنبياء الذين يأمرون بالقسط وبذلوا الجهود للتحلي بهذه الصفة وإقامة العدل في الأرض. إن قول كلمة الحق وإقامة العدل أمر صعب، لكن الذين يأمرون بالعدل لا يخافون أحداً ما داموا يطيعون الله تعالى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©