الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور المسنين.. ردة عن النظام التكافلي في الإسلام

دور المسنين.. ردة عن النظام التكافلي في الإسلام
20 مارس 2014 21:33
بسبب انتشار نمط الحياة الغربية في كثير من مجتمعاتنا شاعت مؤخراً ظاهرة إقدام الأسر التي يكون من حظها أن تعول الأب الكبير، أو الأم المسنة على نقل الأب أو الأم إلى ما يعرف باسم «دار المسنين» بسبب رفض الزوجة تحمل والد أو والدة زوجها، أو رفض الزوج تحمل والدي زوجته، وأصبح من المعتاد نفي المسن وعزله عن الجو الأسري تهرباً من صحبته، وهو في خريف العمر وأشد ما يكون إلى مؤانسة الأبناء والأحفاد ليخففوا عنه شيخوخته. حسام محمد (القاهرة) - حول موقف الدين الإسلامي من كبار السن، قال الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: لقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تحقيق التوافق والبر والرحمة بين أفراد أمته، ودعا صلى الله عليه وسلم إلى أن نحسن معاملة المسنين وأن نوقرهم، فجاء في الحديث الشريف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضى الله عنهم أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا»، وفي حديث آخر عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه»، (رواه الترمذي). توفير الرعاية والإسلام يحفظ الحقوق ويقدر عطاء المسنين، حيث أوضح غنايم أنه أوجب على المجتمع توفير الرعاية لهم في فترة ضعفهم. وكان أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما يستنيران برأي الشيوخ حين تختلط الأمور عليهما لثقتهما بخبرة الشيوخ، كما كان أبوبكر رضى الله عنه مثالاً للابن البار فلم يجلس وأبوه واقف بل كان يوقره ويحسن معاملته. ورعاية المسنين تعتبر حقاً مكفولاً لهم ولم يغفله المشرع، كما أنه في عنق الشباب والمجتمع حق ودين ينبغي الوفاء به. النظام التكافلي ويرى الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر أن وجود أب أو أم لهما أبناء في إحدى دور المسنين أمر من قبيل الردة عن النظام التكافلي كما حث عليه الإسلام، فالمفروض أن الآباء عندما يهرمون يجدون منا كل رعاية وفق قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)، «سورة الإسراء: الآيتين، 23 - 24»، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: «إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه»، فإذا كان القرآن الكريم والسنة النبوية يمنعانا من أن نقول لأبوينا «أف»، فكيف نقوم نحن اليوم بوضعهم في دار المسنين وانتشار دور المسنين في العالم العربي دليل على انتشار العقوق. خدمات الأبناء ويضيف أن واجب الأبناء في رعاية الآباء المسنين إلي جانب كونه واجباً دينياً وشرعياً، فهو أيضاً يمثل الوفاء للآباء المسنين لأن لهم فضلاً بما قدموه في شبابهم وفي حياتهم كلها من خدمات للأبناء والإسلام يأمر بالوفاء وينهى عن الغدر، فمن صفات المؤمنين أنهم «يوفون بالعهد» ومن صفات المنافقين: أنهم إذا وعدوا أخلفوا، كما جاء في الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان». وتقول الدكتورة آمنة نصير العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: إن ظهور وانتشار دور المسنين في الآونة الأخيرة في بيئتنا الشرقية المسلمة يستحق التأمل والوقوف أمامه فهي مظهر غريب على بلادنا وبيوتنا، وهي من العقوق، ورحم الله زماناً كان للجد فيه دوره ومكانته الأدبية والاجتماعية الكبرى، وكان له دور كبير في حياة الأحفاد فقبل نصف قرن فقط كان الآباء المسنون في العين وفي القلب وفي أعلى صورة في الواقع الاجتماعي، سواء في قرانا أو مدننا، ولكن ما يحدث في هذه الآونة أمر يندى له الجبين. وعن كيفية مواجهة هذه الظاهرة أضافت: الحل في ضرورة بث حملة إعلامية ودينية توقظ ضمائر الأبناء وتحثهم على خشية الله ومراعاة دينهم في آبائهم المسنين، وعندما يستمع الأبناء إلى الآيات القرآنية، التي تبين جزاء العقوق وإلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا ترد دعوتهم، ومنهم دعوة الوالد إن بخير أو بغير ذلك»، فسوف يسترد عقله ويسارع إلى مصالحة أبويه ووقتها سوف تختفي تماما من كل مجتمعاتنا تلك الظاهرة المعروفة باسم دور المسنين. قيم الإسلام في البر بالوالدين قال الشيخ سالم عبد الجليل الوكيل الأسبق لوزارة الأوقاف المصرية: لقد ولى الزمان الذي كان التكامل والتضامن فيه هما الأساس الذي تقوم عليه الأسرة المسلمة القائمة على القيم الإسلامية، وبحكم الاحتكاك بالنموذج الغربي أصبح هناك تراجع في هذه القيم لدى المسلمين، سواء على مستوى سلوكياتهم، أو مستوى تعاطيهم العلاقات الاجتماعية، فحدث استيراد لبعض المؤسسات الأجنبية التي لم يكن لها وجود من قبل، ومنها دور المسنين التي تؤكد المعطيات الحالية أنها قابلة للتوسع في المستقبل إذا لم نتشبث بالقيم الدينية ولنتذكر مثلا القاضي إياس، عندما ماتت أمه فبكى عليها، فقيل له: ما بك؟ قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة فأغلق أحدهما. وأضاف: التصدي لهذه الظاهرة يمكن أن يسير في اتجاهين، الأول توعوي وتربوي وتثقيفي، من خلال توظيف وسائل الإعلام والمؤسسات الاجتماعية لتكريس قيم الإسلام في البر بالوالدين حتى تكون العلاقة سوية تستمد وجودها ومعالمها من روحانية الدين الإسلامي، أما البعد الثاني، فهو القانوني والذي طرحته بعض البرلمانات العربية التي سنت قوانين تتيح للآباء الأحقية في مقاضاة أبنائهم إذا قصر الأبناء في رعايتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©