الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رئاسة أوباما: بعد عام... تبدّدت الأوهام!

30 ابريل 2010 23:12
منذ نهاية الحرب الباردة بعد سقوط المعسكر الاشتراكي في العقد الأخير من القرن الماضي، وصعود ما يعرف بالنظام العالمي الجديد، يتأثر العالم، في مجمله، بالسياسة الأميركية وحراكها وخطواتها في كل مكان، سواء أكانت ذات اتجاه سلبي أم إيجابي. وهذا الواقع يجعل الرأي العام الدولي مشدوداً دائماً إلى الرئاسة الأميركية، ومن سيكون على رأسها، ويدفع هذا الرأي العام إلى تقويم دوري للسياسة في عهد هذا الرئيس أو ذاك، وهو أمر قد لا يحظى به أي رئيس آخر في أي بلد غير أميركا. ولذا استقطب أوباما، في العام الأول من عهده، اهتماماً استثنائيّاً في التقويم، والبحث عن الإيجابيات والسلبيات في أدائه خلال هذه الفترة الزمنية الماضية، التي قد تؤشر أيضاً إلى مسار السنوات اللاحقة من عهده. ويرتبط التقويم المبدئي لسنة أوباما الأولى بالآمال أو الأوهام التي علقت على سياسته التغييرية الموعودة، في الداخل الأميركي أولاً وفي الخارج العالمي ثانيّاً. وقد ترافقت حملة ترشيح أوباما مع وعود التغيير والخروج من المشكلات التي زج بوش الولايات المتحدة فيها. وكان شعار التغيير تعبيراً عن حاجة موضوعية، في الداخل الأميركي والخارج أيضاً، وهو تغيير يفرضه حجم المشكلات البنيوية في الاقتصاد الأميركي وحاجات المواطنين الأميركيين، مثل علاج مشكلات البطالة والانكماش الاقتصادي والحماية الصحية. أما خارجيا، فتواجه الولايات المتحدة مسائل الحرب والسلم التي "تغرق" في وحولها، من قبيل الحرب في أفغانستان والعراق، أو تحديات الدور في الصراع العربي/ الإسرائيلي، ومشكلات البرنامج النووي الإيراني، وغيرها من القضايا المتصلة بصلب السياسة الخارجية الأميركية. وفي خطابه عن "حالة الاتحاد"، يعترف أوباما ببعض ما واجهه عهده حين يقول: "كانت حملتي الانتخابية مبنية على وعد التغيير، وشعار التغيير الذي يمكن أن نقتنع به.. والآن أنا أدرك أن هناك العديد من الأميركيين ليسوا واثقين من أننا نستطيع أن نتغير أو نحقق التغيير.. حكومتنا تعرضت لبعض النكسات السياسية هذه السنة، وبعضها استحققناه..". وهي اعترافات تخاطب المواطن الأميركي بشكل أساسي. فيما يستوجب فهم حدود شعارات التغيير في السياسة الخارجية نظرة مدققة إلى ما يدخل في الثوابت الأميركية التي تحكم كل عهد، أكان "ديمقراطيّاً" أم "جمهوريّاً"، والبناء على هذه الثوابت في رؤية الحقائق والأوهام التي علقت على مشجبها آمال الكثير من القوى السياسية في العالم العربي، بصفة خاصة. ويكاد بعض المراقبين الموضوعيين لعهد أوباما يقرون بالفشل أو المراوحة في مواجهة الملفات المتصلة بصراع الشرق الأوسط، حيث لم تقدم السياسة الخارجية الأميركية حلولا متقدمة للحد الأدنى من المعضلات المطروحة. وخلافاً للأوهام التي علقت على التغيير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وسعيها لإيجاد حلول "عادلة"، ظلت سياسة أوباما ملتزمة بثوابت أميركية تعود إلى عقود من الزمن تتصل بقضيتين مركزيتين هما: الأولى، حماية مصادر الطاقة وتأمين سلامة إنتاجها وتصديرها إلى الخارج، وتثبيت مواقع الشركات الأميركية في هذا المجال. والثانية، التزام أمن إسرائيل وحماية موقعها ومنع قيام تسويات على حساب مصالحها، ودوام تفوقها على العالم العربي. وفي ضوء هذين الثابتين يمكن قراءة ما تحقق على صعيد السياسة الأميركية الخارجية في عهد أوباما. وفي الصراع العربي/ الإسرائيلي خاصة، فخلافاً لكثير من الأوهام حول تغيير أميركي لصالح إيجاد حل يعطي العرب والفلسطينيين حدّاً معيناً من الحقوق المشروعة، تراجعت السياسة الأميركية عن الوعود، وبرز ذلك في عدم فاعلية الموقف من الاستيطان الصهيوني، والطلب من الفلسطينيين تقديم التنازلات، وبلغ التراجع أوج تعبيره في تجاهل أوباما لموضوع الصراع العربي/ الإسرائيلي في خطابه عن "حالة الاتحاد". وعلى رغم الصلاحيات الواسعة للرئيس الأميركي، إلا أن عوامل "خفية" تمثلها قوى كثيرة تفرض نفسها على كل ساكن للبيت الأبيض، ومن هذه الثوابت المؤسسات المتمثلة بالمجمعات الصناعية والعسكرية التي تحتاج إلى "مدى حيوي" لإنتاجها، وتصريف مخزونها تمهيداً لتجديده في ضوء ما استجد من تقنيات متطورة. ومن هنا، وخلافاً لما يعتقده كثيرون، تبدو الحاجة إلى حلول القوة ضرورية وماسة لهذه المؤسسات، بصفتها شرطاً لتطورها واستمرار تفوقها التقني. ولذا، من ناحية تاريخية، لا تهتم السياسة الخارجية الأميركية بحلول السلم في الغالب، بمقدار انشدادها إلى خوض "حروب صغيرة" تساهم في تطوير وتجديد الصناعة العسكرية الأميركية. أما القوى الأخرى المقررة للسياسة الخارجية الأميركية، فهي الشركات الأميركية العابرة للقارات التي تشكل أخطبوطاً حقيقيّاً يتحكم اليوم في الكثير من حركة الأسواق العالمية. ولا تهدف هذه المقاربة طبعاً إلى نفي أي إمكانية في تعديل السياسة الأميركية في المنطقة العربية، بمقدار ما تشير إلى أن العرب في إمكانهم التأثير على هذه السياسة والحد من انحيازها لصالح إسرائيل، وهو أمر يتأتى من مصادر القوة التي يملكها العرب، خصوصاً من خلال النفط العربي الذي ما زال يشكل نقطة القوة الأهم. ولكن ذلك يقتضي سياسة عربية مختلفة وتضامناً على الحد الأدنى من المصالح العربية. خالد غزال - كاتب لبناني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©