الإبداع - كما يقول البعض - موهبة وعبقرية وركيزة للبنية الفكرية والثقافية للشعوب، وهو مطلب حضاري وجوهري لجميع الأمم، وهو ليس ترفاً بل ضرورة من ضرورات المنافسة العالمية وبناء الدول، ومقياس من مقاييس تطور الأمم.
المبدعون هم ثروة الأمة التي لا يمكن الاستغناء عنها، وهم الشموس التي تضيء غياهب التخلف، وعقولهم تخترق حواجز التقليد وتبحر صوب المجهول.
من هنا جاءت مشاركتي في الإمارات - في مجال الإبداع والمبدعين - فهيئوا حاضنة للإبداع ووقوداً للابتكار الإنساني، وأدركوا - أيضاً - أن الإبداع يحتاج إلى عوامل تساعد على نموه فوفروا لذلك تربة خصبة وصحية لتنبت فيها بذوره، واتخذوا الإبداع مبدأ ونهج عمل ليشمل ليس فقط أبناء الوطن فحسب بل المبدعين من أبناء العرب ومن كل أنحاء العالم، فكان لها الصدر - في هذا المجال - دون الآخرين، فتحولت - في فترة قياسية - إلى وطن الإبداع وبيئته المحفزة.
..إنها الإمارات التي بهرت العالم بإبداعاتها في كل مجالات الحياة، وباتت وطناً للإبداع والمبدعين.
الإمارات هي وطن تميز عن غيرة من الأوطان، جمع بين طوائف الناس ليكونوا وطناً متميزاً عن غيرهم. وكأن بينهم وشائج قرابة ودم تربط بينهم، فقد أبرزت الإمارات ملامحها الخاصة في تعاملها الأخلاقي مع المحيط الخارجي سواء المحلي أو الإقليمي أو العالمي، فجمعت بين الثقافات المتعددة..
نعم؛ هي أرض الثقافة العالمية وهذا هو انسب وصف لواقع المجتمع الإماراتي ليس لوجود الزخم الثقافي العالمي الهائل على أرضها، بل لأنها مجتمع تقبل هذه الثقافات وتتأقلم معها.
أعلم أن شهادتي فيها مجروحة مهما كتبت: فعلى ما يبدو لي؛ الوطن ليس هو قطعة الأرض التي نعيش عليها وليس فقط الحدود الجغرافية، وليس الأهل والأحباب الذين نحيا بينهم فقط، إنما قد يكون لنا وطناً آخر ننتمي إليه فيه أحبابنا أيضاً؛ فالوطن هو الأرض والناس معاً، وهو أيضاً الثقافة والقيم التي تميزه عن الأوطان الأخرى.
من دون شك؛ أن الثقافة هي التي توحّد رؤى الناس، وتحدد توجهاتهم، وتماثل أهدافهم، ولولا هذه الثقافة الجامعة والفكر الموحد لما كان هنالك وطن.
فالوطن ليس أرضاً وحدوداً جغرافية ولكنه وطن الفكر. والروح والثقافة معاً.
شكراً حكام الإمارات الكرام ، شكراً شعب الإمارات، شكراً لكل من غرس نبتة إبداعية باتجاه تطور الإمارات، حفظ الله الإمارات وشعبها وكل دول الخليج من عاديات الزمن وشرور المغرضين..
ساره ذعار العصيمي
المملكة العربية السعودية
عدد اليوم
