الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معالجات إسلاميـة

معالجات إسلاميـة
30 يوليو 2009 23:17
خطيب المسجد الأقصى المبارك فضل الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين لقد تربى حول الرسول – صلى الله عليه وسلم وفي مدرسته رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، نفذوا أوامره ، وامتثلوا لتعاليمه ، والتزموا بتوجيهاته، هؤلاء هم الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم أجمعين – الذين أنجزوا في بضع سنين ما يعجز عن تحقيقه أفذاذ الرجال في مئات السنين ، وللصحابة الكرام – رضوان الله عليهم – منزلتهم الكريمة ، فقد زكاهم الله في كتابه الكريم ، كما زكاهم النبي – صلى الله عليه وسلم – في سنته المطهرة ، كما زكتهم أعمالهم الجليلة في حملهم للكتاب والسنة ، فقد حملوا لنا هذا الدين ، كي تسير الأمة على هدى كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - ، وللصحابة الكرام فضل علينا – نحن المسلمين – وعلى الإنسانية جمعاء ، حيث إن الإسلام نهض على أيديهم ، وتحت قيادته – صلى الله عليه وسلم- ، حين قدموا إيمانهم وولاءهم لله وللرسول على كل ما عداه ، وحين باعوا أنفسهم لله ، فاحتملوا الإيذاء والاضطهاد وصبروا صبراً جميلاً . هؤلاء هم صحابة رسول الله – رضوان الله عليهم – الذين نحبهم ونجلهم ، ونحترمهم ونقدرهم، الذين أشاد الله بهم في قرآنه ، وأثنى عليهم في كتابه، ومدحهم في تنزيله ، والذين نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الإساءة إليهم ، وحذر من التعرض لهم بسوء . وقد ذكر الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن أن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : « من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، وأقومها هدياً ، وأحسنها حالاً ،اختارهم الله لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ، كما وبين – صلى الله عليه وسلم – فضل الكثير منهم فقال : « أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيّ ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح « (أخرجه أحمد) وقد أثنى القرآن الكريم على الصحابة – رضوان الله عليهم – وأشاد بهم ، وذكر مواقفهم المشرفة في نصرة الدين الإسلامي الحنيف ، فهذه النخبة الكريمة نالت شرف إشادة الله سبحانه وتعالى بهم في مواضع كثيرة من كتاب الله الكريم منها : قوله تعالى : «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا» (سورة الفتح الآية 18) . قال ابن كثير - رحمه الله – في « تفسير القرآن العظيم « ( فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة ). كما جاءت الآيات بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المكانة العالية ، كما ورد في قوله تعالى : «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا .....» الآية ( سورة الفتح الآية 29 ) . وقوله تعالى : «لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ» (سورة التوبة الآية 117 ) . وقوله تعالى: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» ( سورة الأحزاب الآية 23) . وقد وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم ، وأحَلَّ عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة، كما ورد في قوله تعالى : «وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «( سورة التوبة الآية 100). وقوله تعالى : «لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (سورة الحشر الآيتان 8-9 ) . كما وشهد لهم بالفضل رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – حيث كان – عليه الصلاة والسلام - شاهداً عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم ، ويقف على صدق عزائمهم ، كما جاء في الحديث الشريف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )، ( أخرجه البخاري ومسلم ) وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون ؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس ، وصدقوه حين كذبه الناس ، ونصروه ، وآووه ، وواسوه بأموالهم وأنفسهم . وقد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن النيل من الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم - ، لما يعلم من صدقهم وإخلاصهم ، كما بين عليه الصلاة والسلام أن فضلهم لا يعادله فضل أحد من الناس ، بما قدموا وبذلوا من أنفسهم وأموالهم ، فقد جاء في الحديث أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا تسبوا أصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )، ( أخرجه الشيخان ). كما بين عليه الصلاة والسلام أن الواجب على المسلمين حب الصحابة الكرام وأن نعرف لهم سابقتهم وفضلهم ، فمن أبغض الصحابة الكرام أو أساء إليهم فقد خالف توجيه الرسول الكريم بالنهي عن ذلك ، لما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ،لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ) ، (أخرجه ابن حبان والترمذي ). كما ورد في فضلهم ، وعظيم شأنهم ما روي عن أبي موسى – رضي الله عنه – قال : ( صلينا المغرب مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قلنا نجلس حتى نصلي العشاء فخرج علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : ما زلتم هنا ، قلنا : نعم يا رسول الله، قلنا نجلس حتى نصلي العشاء ، قال : أحسنتم أو أصبتم ، ثم رفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يفعله فقال : النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذ ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) ، ( أخرجه مسلم ) . كما وورد أنه – صلى الله عليه وسلم – قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة )،( أخرجه أبو داود والترمذي). وقد أخرج الإمام أحمد أن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : « إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد -صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه «. ومما يؤسف له أن بعض الناس يتطاولون في هذه الأيام على الصحابة الكرام ويقولون أنهم رجال ونحن رجال، نقول لهم : الحديد معدن ، والذهب معدن ، وشتان ما بين الذهب والحديد ، فعلينا أن نعرف للصحابة الكرام فضلهم ، كما قال الطحاوي -رحمه الله تعالى - « ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نُفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الحق يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان «. وفي نهاية المقال نردد قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )، اللهم ارض عن أصحاب نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم - أجمعين، واحشرنا وإياهم في زمرة سيد المرسلين ، واسقنا وإياهم من حوض نبيك الكريم شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا يا رب العالمين . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©