الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سر سعادته

30 يوليو 2009 23:16
سريعة خطاهم في دروب الحياة، ينهلون من فيض خيرها ومن نعمها، ويتحاشون نقمتها بالمال، يسعون جاهدين إلى غرف السعادة بكل وسائلهم المتاحة وحسب تصورهم لها، فمن يعش حياة يلونها الهوان، ويغير طعمها الإقصاء، يحسب أن سعادته في مظاهر زائفة، يقيم ولائم المشاعر على شرف السعداء البسطاء، ويستدعي الناس ليعزف على أوتار قناعاتهم، يحاول جاهدا زحزحة مفهوم السعادة لديهم، يرمي لهيب خدع الحب ولظاه ليحرق معنوياتهم. هو في مكان قصي من العالم يركن إلى نفسه، موزع العواطف ومشروخ الأحاسيس، يحمل إرثاً ثقيلاً من الضعف والانكسار، يلملم جروحه الغائرة يرسم ابتسامات مريرة على وجهه يضحك بأعلى بصوته محاولاً مسح هموم حياته، يدوي صوته فيجتمع الناس حوله، يؤثثون ساحة فرحه يتقاسمون معه نجاحاته المفترضة، ثم ينفض الجمع مجروحاً، هو لا يتوانى في صب جحيم مكنوناته النفسية وبؤسه الداخلي على كل شهود زيف نجاحاته. عن سر سعادته قال: عندما أستمتع بضعف الآخرين. وفي الجهة الأخرى من الحياة تجد احدهم سخيا، يداه بيضاوان يغدق مما حباه الله من خير القناعة، يزرع حب الخير في كل النفوس من حوله، يشع وجهه نورا وينعكس صفاءه الداخلي على ملامحه، وهو الذي لا يملك من المال إلا ما يسد به رمق جوع يومه، ولكن قناعاتها كبيرة بأن السعادة تكمن في الأمان النفسي والرضا بالمقسوم وحب الخير للناس وفي نعمة الصحة، فهو يمتلك كل مقومات الغنى. عن سر سعادته قال: السعادة شيء لا يرى بالعين ولا يشترى بالمال، ولا يقاس بالعدد، وإنما هي طمأنينة في القلب وانشراح في الصدر، وصفاء في النفس وراحة في الضمير وهدوء في البال، سر السعادة في الحلم والصبر، في الحب والعطاء، وسر السعادة في الرضا، وإن معذب النفس متعب القلب لا يغنيه قليل ولا يشبعه كثير ولا ينفك عن ثلاث «هم لازم، وتعب دائم، وحسرة لا تنقضي». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها». وتبقى الفجوة كبيرة يصعب ردمها بين الامتلاك والرضا، وبين ما يريده الإنسان وما لديه، وبين ما لا يملكه وما يتطلع إليه في يد الآخرين، وبين ما يظهره وبين ما يخفيه من مشاعر، ولكن القناعات تظهر على الوجه وتسقط الأقنعة في كل الأحوال. لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©