الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قانون شافيز ··· سيطرة استخباراتية

قانون شافيز ··· سيطرة استخباراتية
7 يونيو 2008 01:27
في خطوة جديدة لإحكام قبضته على مقاليد البلاد لجأ الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' مرة أخرى إلى استخدام سلطاته الرئاسية الواسعة، التي تتيح له إصدار مراسيم دون استشارة البرلمان، لإعادة تنظيم شامل لأجهزة الاستخبارات في البلد، الامر الذي أطلق ردود فعل قوية من جماعات حقوق الإنسان وخبراء القانون، إذ أن القانون الجديد -حسب رأيهم- سيجبر المواطنين على الإخبار عن بعضهم البعض لتفادي دخول السجن والتعرض لمضايقات أجهزة الدولة·فبموجب قانون الاستخبارات الجديد -دخل حيز التنفيذ في الأسبوع الماضي- سيتم استبدال الجهازيــــن الرئيسيين فــــي فنزويـــلا -الشرطة السرية والاستخبارات العسكرية- بجهازين جديدين، هما مكتب الاستخبارات العامة، والمكتب العام لمكافحة التجسس، بحيث يكون الجهازان معاً خاضعين لسلطة ''شافيز'' المباشرة، ويطالب القانون الجديد تعاون الناس مع أجهزة الاستخبارات، والشرطة السرية ومدهما بالمعلومات اللازمة، وفي حالة الرفض سيتعرض الأشخاص العاديون لسنتين إلى أربع سنوات من السجن، أو أربع إلى ست سنوات بالنسبة لموظفي الدولة·وفي معارضة نادرة من القضاء علقت ''بلادنكا روزا مارمول'' -قاضية في المحكمة العليا في فنزويلا- على ذلك بقولها: ''إننا أمام مجموعة من التدابير التي تهددنا جميعاً، ومن واجبي الجهر برأيي كمواطنة وقاضية، إنها خطوة لخلق مجتمع من المخبرين''، وتعكس هذه التغييرات الكبيرة في أجهزة الاستخبارات الجهود التي يبذلها ''شافيز'' لبسط سيطرته على مؤسسات الدولة، رغم التحديات السياسية التي برزت عقب الهزيمة القاسية لمقترح التعديلات الدستورية في شهر ديسمبر الماضي، وانتكاسة تطلعاته بتوسيع سلطاته وإنشاء مجتمع اشتراكي، غير أن ''شافيز'' دافـــع عن المشروع، وأصر بأن الهزيمة لن تخمد طموحاته الراميــــة إلى تحويل فنزويلا إلى دولة اشتراكية، معتبراً القانون الجديد ضمانــــة لحمايــــة ''الأمن القومي'' والتصدي ''للهجمات الإمبريالية''· انتقد ''شافيز'' معارضي القانون ووضعهم في خانة العملاء ''للإمبراطورية'' في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة، وكان القانون، الذي أقره ''شافيز'' بموجب سلطاته الرئاسية والهادف إلى حماية فنزويلا من التدخلات الخارجية، ليعكس تاريخا طويلا من العداء بين الحكومتين في ''كراكاس'' وواشنطن يرجع على الأقل إلى الدعم الضمني الذي أبدته إدارة الرئيس ''بوش'' لانقـــلاب قصير ضـــد ''شافيز'' في العـــام ·2002 وكانت فنزويلا قد زعمت في الآونة الأخيرة أنها تعرضت لاستفزاز عسكري من قبل الولايات المتحدة، مشيرة إلى انتهاك الطائرات الأميركية للأجواء الفنزويلية، فضلا عن تفعيل واشنطن مؤخراً لأسطولها الرابع، وقيامه بدوريات في مياه الكاريبي وسواحل أميركا اللاتينية، وفي رده على معارضي القانون اتهم ''شافيز'' يوم الأحد الماضي نشطاء حقوق الإنسان والمدافعين عن الديمقراطية بمساندة إدارة الرئيس ''بوش'' وقانون مكافحة الإرهاب في أميركا الذي يسمح لأجهزة الاستخبارات بمراقبة المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني، لكن القانون الجديد المنظم للاستخبارات في فزويلا يتيح أيضا لأجهزة الأمن استخدام ''الأساليب التقنية الخاصة'' القادرة على رصد المعلومات والحصول عليها بما يعني ذلك من إمكانية التنصت على المكالمات ومراقبة البريد الإلكتروني، والأكثر من ذلك يدل القانون الجديد على مدى تأثير كوبا، الحليف الرئيس لفنزويلا، في إعادة تنظيم عمل أجهزة الاستخبارات، لا سيما الاعتماد على ما يسمى بمجموعات مراقبة المجتمع التي تتولى جمع المعلومات من المواطنين مثلما هو جاري العمل به في كوبا· وفي هذا السياق يقول ''جوان جوسي مولينا'' -عضو في البرلمان من حزب ''بوديموس'' اليساري الذي خرج من تحالف ''شافيز'' في العام الماضي-: ''إن ما نشهده حالياً هو نسخة طبق الأصل من السياسة الكوبية، ويبدو أن حكامنا يريدون فرض قوانين قديمة للتمسك بالسلطة''، وقد أوضح وزير الداخلية الفنزويلي ''رامون رودريجز'' لدى إعلانه قانون تنظيم الاستخبارات أن الغرض منه هو مكافحة ''التدخل الأميركي'' وذلك من خلال الحرص على أن يكون عناصر الاستخبارات ''ملتزمين أيديولوجيا''· لكن السيد ''رودريجز'' عاد ليخفف من لهجته يوم الإثنين الماضي مطمئناً المنتقدين أن القانون لن يحد من حرية التعبير السياسي قائلا ''إننا نتكلم عن مسؤولية جماعية لكافة الفنزويليين في حماية بلادهم ومواجهة الجرائم''· ولعل ما زاد من حدة الانتقادات للقانون في أوساط المعارضين وأثار شكوك الناس ومخاوفهم هو إقراره خلف الأبواب المغلقة من دون طرحه للنقاش العام داخل قبة البرلمان· وانصبت مخاوف الحقوقيين بصفة خاصة على ذلك الجزء من القانون الذي يطلب صراحة من القضاة والمدعين العامين التعــاون مــع أجهزة الاستخبارات ومدهم بالمعلومات· وفيما جاءت لغة القانون، وبخاصة الفقرة التي تتحدث عن دور رجال القانون في التعاون مع الاستخبارات، غامضة وملتبسة، يرى الخبراء أن القضاء الذي يُفترض به مراقبة أجهزة الاستخبارات ومحاسبتها سيصبح رهينة لها· ومن بين المنتقدين للقانون ''خوسي ميجيل فيفانسو''، مدير ''هيومان رايتس ووتش'' المسؤول عن الأميركيتين، حيث يرى بأن ''الحكومة الفنزويلية لا تؤمن بمبدأ فصل السلطات، فنحن أمام حالة يصدر فيها الرئيس مرسوماً يقضي بأن يتحول القضاة إلى جواسيس لأجهزة الاستخبارات''· ويحتار المراقبون في تفسير التوقيت الذي اختاره ''شافيز'' لإصدار القانون الجديد في الوقت الذي تعرف فيه البلاد مصاعب اقتصادية تتمثل في تراجع النمو وارتفاع معدل التضخم· والواقع أن خطوة ''شافيز'' لا يمكن إدراجها سوى في إطار رغبته المستميتة للسيطرة على مؤسسات الدولة وتطهيرها من معارضيه وإقصائهم من الوظائف المهمة· سيمون روميرو - فنزويلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©