الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جريمة في غرناطة

جريمة في غرناطة
30 يوليو 2009 03:44
(إلى فيديريكو غارسيا لوركا) الجريمة لقد شوهد يسير بين البنادق، عبر شارع طويل إلى حقول باردة ما زالت مضاءة بنجوم باكرة. لقد قتلوا فيديريكو عند بزوغ الفجر. لم يتجرأ فريق الإعدام على النظر في وجهه. غضوا من أبصارهم، وقالوا: لن ينقذك ...! فيديريكو سقط يحتضر ودم على جبينه، ورصاص في أحشاءه - ... أليس من العجب أن تتم هذه الجريمة في غرناطة، في غرناطتة المسكينة ... الموت والشاعر لقد شوهد يمشي معها وحدها، وغير خائف من منجلها. - الشمس الآن تسطع فوق برج بعد برج، المطارق على السنادين، سندان بعد سندان عند الكير. كان فريدريكو يتحدث يطري الموت... وكانت تصغي. يوم أمس في قصيدتي يا صديقتي، كان لتصفيق كفيك الجافتين قرع، لقد أعطيت جليداً لأغنيتي، وحنَّ منجلك الفضي لمأساتي، سأنشد لك عن لحمك الضائع، ومحجري عينيك الفارغين، وعن شعرك الذي تحركه الريح، والشفتين القرمزيتين حيث كنت تقبَلين، الآن كما دائما، غجرية، موتي، ما أطيب أن اكون معك وحيداً، في نسيم غرناطة، غرناطتي! *** في غرناطة لقد شوهد يمشي... أيها الأصدقاء، إنحتوا في الحمراء، تمثالاً من الأحلام والحجر، للشاعر، فوق نافورة، حيث يبكي الماء ويقول إلى الأبد: كانت الجريمة في غرناطة، في غرناطتة! حلمت أنك أخذتيني حلمت أنكِ أخذتيني عبر درب أبيض، خلال قلب حقل أخضر نحو جبال عالية زرقاء، نحو القمم الزرقاء، في صباح ساكن. شعرت بيدكِ في يدي، يدكِ التي تناسب يدي تماماً، وبصوتك الفتياتي في أذني مثل جرَس جديد، مثل جرس الفجر الربيعي الذي لم يمس. لقد كان ذلك صوتك وكانت تلك يدك .. في الحلم، تماماً مثل الحقيقة والواقع! .. أيها الحلم، واصل البقاء.. فمن يدري ماذا يمكن للأرض أن تبتلع! ليلة أمس، بينما كنت نائماً ليلة أمس، بينما كنت نائماً حلمت - أيتها الغلطة الرائعة! – أن ينبوعا يتفجر في قلبي. قلت: من خلال أي مجرى سرّي قد جئتني أيها الماء، هل جئتني بماء ِ حياةٍ جديدة لم أشربها من قبل؟ حلمت – أيتها الغلطة الرائعة! – أن لي خلية نحل في داخل قلبي. وكانت النحلات الذهبيات يصنعنَ خليّات بيضاء وشهداً عذباً من إخفاقاتي القديمة. *** ليلة أمس، بينما كنت نائماً حلمت – أيتها الغلطة الرائعة! – أن شمساً ملتهبة كانت تملأ قلبي ضياء. كانت ملتهبة لأنني شعرت بدفء مدفأة، وكانت شمساً لأنها كانت تبعث الضياء وتجعل عينيّ تدمعان. ليلة أمس، بينما كنت نائماً، حلمت أيتها الغلطة الرائعة! بأن نور الله كان في فؤادي. * ولد الشاعر الأسباني أنطونيو ماشادو عام 1875 في أشبيلية وتوفي عام 1939 في كوليور الفرنسية بالقرب من الحدود الأسبانية التي كان الجنرال فرانكو قد أغلقها أمام الجمهوريين. عمل ماشادو ممثلاً، ثم مترجماً في فرنسا. وعمل أستاذاً للغة الفرنسية، وتزوج عام 1909 وهو في الرابعة والثلاثين بـ ليونور التي كانت في الخامسة عشرة ولكنها توفيت عام 1912 بالسل، والقصيدتان أعلاه في رثائها. ومن أعماله الشهيرة ديوانه (قصائد حرب) ومرثية لفيديريكو جارسيا لوركا بعنوان (الجريمة كانت في غرناطة) وهي القصيدة الأولى أعلاه. ترجمة: د. شهاب غانم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©