الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروس.. غاضبون من أميركا

11 مارس 2015 21:17
إذا كنت تعتقد أن الاتحاد السوفييتي كان معادياً للولايات المتحدة، فربما يجدر بك أن تجرب روسيا اليوم. فبعد عام طغى فيه الخطاب الغاضب على موجات الأثير الروسية، باتت مشاعر الغضب تجاه الولايات المتحدة في أوجها منذ أن شرعت استطلاعات الرأي في قياسه. ويقول مراقبون إن موجة من المشاعر المناوئة للولايات المتحدة اجتاحت البلاد، من الباعة المتجولين في الشوارع إلى الكرملين، متجاوزةً أي فترة زمنية أخرى منذ عهد ستالين. مشاعر الغضب هذه بلغت ذروتها بعد اغتيال المعارض «بوريس نيمتسوف»، حيث بدأت نظريات المؤامرة تنتشر – بعيد ساعات قليلة على مقتله – مفيدة بأن «سي آي إيه» هي التي تقف وراء مقتله قصد تشويه سمعة روسيا. ومن مظاهرها هناك حملات لاستبدال ملابس العلامات التجارية الغربية بألوان العلم الروسي الأحمر والأزرق والأبيض؛ وجهود لاستبدال مشروب الكوكا بمشروبات مماثلة روسية الصنع؛ وغضب من العقوبات الأميركية على روسيا؛ واهتمام شديد بالأساليب التي يفترض أن واشنطن تستعملها للتحريض على القلاقل والاضطرابات في أوكرانيا وروسيا. هذا الغضب يمثل تحدياً بالنسبة لصناع السياسات الأميركيين الذين يسعون إلى التقرب والتواصل مع مجموعة آخذة في التقلص من الوجوه الصديقة في روسيا؛ كما يُبرز حدود قدرتها على التأثير في عملية صنع القرارات الروسية بعد عام من العقوبات. ووفق «مركز ليفادا» المستقل، فإن أكثر من 80 في المئة من الروس اليوم يحملون آراء سلبية عن الولايات المتحدة، رقم تضاعف خلال العام الماضي ويعتبر حتى الآن أعلى معدل سلبي منذ أن بدأ المركز رصد هذه الآراء في 1988. اغتيال نيمتسوف، الذي يُعتبر أشهر جريمة قتل لسياسي خلال 15 من حكم فلاديمير بوتين، شكّل ضربة أخرى للقوى الموالية للغرب في روسيا على اعتبار أن «نيمتسوف» لطالما سعى للاقتداء بالسياسيين الغربيين وكوّن قائمة طويلة من الأعداء الذين ناصبوه العداء بسبب ذلك. والواقع أن مشاعر الغضب المناوئة للغرب مرشحة لتزداد أكثر في حال قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال أسلحة مميتة إلى الجيش الأوكراني، بهدف «رفع كلفة» أي تدخل روسي عبر جعل الرد الأوكراني مميتا أكثر. غير أن حتى بعض أشد منتقدي بوتين يقولون إنه لا يمكنهم دعم هذا الأمر على اعتبار أن الكلفة هي أرواح جنود بلادهم. وفي هذا السياق، قال «سيرجي ميخيف»، مدير «مركز السياسة الراهنة» المتحالف مع الكرملين، على برنامج حواري تم بثه العام الماضي على «القناة الأولى» التي تديرها الدولة: «إن الولايات المتحدة تقوم بتجارب جيوسياسية مستعملةً الناس كفئران تجارب». والجدير بالذكر هنا أن الاتهامات التي أطلقها، في معرض رده على أسئلة مقدم البرنامج الذي قال إن من الضروري «معرفة العدو»، تُعتبر نموذجا للخطاب الذي يملأ موجات الإذاعة الروسية. وأضاف ميخيف قائلاً: «إنهم يعاملوننا جميعا بنفس الطريقة، حيث لا يهددون استقرار العالم فحسب وإنما وجود كل البشر على (هذا) الكوكب». الخطاب السوفييتي كان رسمياً معادياً للغرب، ولكنه لم يكن يستطيع كبح عشق الروس العاديين لفريق «البيتلز» أو للاستماع للأخبار على نشرات إذاعة «صوت أميركا» المشوش عليها. وقد كانت تلك المشاعر الإيجابية قوية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991. ولكن قائمة الإساءات المتصوَّرة من الولايات المتحدة كانت تتراكم منذ وقت طويل، وخاصة بعد أن قامت الولايات المتحدة وحلف «الناتو» بقصف صربيا، حليفة روسيا، في 1999، ثم جاءت حرب العراق، وتوسيع «الناتو»، والنزاع الروسي- الجورجي. وفي كل مرة، كانت هناك حالات يظهر فيه تنامٍ صغير في المشاعر المعادية للولايات المتحدة التي سرعان ما كانت تنحسر وتتراجع. بيد أن بوتين صعّد المستوى بعد الحركات الاحتجاجية في أواخر 2011 و2012، والتي حمّل مسؤوليتها لوزارة الخارجية الأميركية. والعام الماضي فقط، عندما اندلعت الأزمة في أوكرانيا، بدأت المشاعر المعادية للولايات المتحدة تنتشر حتى بين أولئك الذين كانوا في الماضي يستقلون الطائرات بحماس إلى ميامي أو لوس أنجلوس. كما أخذ الناس العاديون، الذين يتلقون مشاعر العداء القوية لأميركا على قنوات التلفزيون الفيدرالي الروسي - المصدر الرئيسي للأخبار بالنسبة لـ90 في المئة من الروس - يشعرون بأنهم مستاؤون بشكل متزايد. ولكن مشاعر الغضب الروسية هذه المرة تبدو مختلفة عن موجات الغضب السابقة التي كانت تنحسر بسرعة، كما يقول مراقبون، حيث انتشرت بشكل أسرع وأكبر. مايكل برنبوم – موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©