الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: الإسلام.. دين اجتماعي يعلي المصالح العامة

العلماء: الإسلام.. دين اجتماعي يعلي المصالح العامة
27 ابريل 2017 23:54
أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء دين على أن الإسلام الحنيف دين اجتماعي يدعو إلى الجماعية، ويحث على الترابط بين أفراد المجتمع حتى ينشغل أفراده بأهداف جماعية، بحيث يضعون المصالح الجماعية للوطن وللأمة فوق المصالح الفردية. وأوضحوا أن اهتمام الإسلام بتأكيد وتوثيق روابط النزعة الجماعية بين أفراد المجتمع تظهر بشكل واضح في العبادات والفرائض التي جاء بها، فقد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين عبادات جماعية، يقوم بها المسلمون، سواء كان التكليف بها فرض عين، أو فرض كفاية، أو مندوباً. وأكدوا أن روح الجماعة التي حرص الإسلام على أن يحققها في أوامره وتوجيهاته وعباداته لم تلغِ ذات الفرد، ولم تصادم ما فطره الله عليه من بعض الغرائز الفردية، وإنما وجه ذلك للمصلحة التي تحقق السعادة العظمى للفرد والجماعة. تكليف جماعي يوضح المفكر الإسلامي د. محمد عمارة، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن الإسلام دين الجماعة، ‏وقد تميزت فرائضه وتكاليفه بالتوجه إلى الفرد وإلى المجموع معا‏ً، ‏بل إن فرائضه الجماعية الكفائية أكثر توكيداً من فرائضه الفردية، وذلك لاعتبار العائد منها‏، ‏حيث إن إثم التخلف عن الفريضة الفردية واقف عند الفرد وحده، بينما إثم التخلف عن الفريضة الاجتماعية والجماعية واقع على الأمة جمعاء، بل إن الفرائض الفردية- كالصلاة مثلاً- يكون ثوابها أعظم عندما تؤدى في جماعة واجتماع. كما أن المقاصد والثمرات لكل الفرائض الفردية، إنما تصب في ترشيد الجماعة والمجموع، ولهذا التميز الإسلامي كان لا بد لإقامة كامل الإسلام من وطن يمثل الوعاء لإقامة فرائضه الجماعية، وذلك على عكس ديانات أخرى يكتمل قيامها وإقامتها في عزلة الرهبنة، بعيداً عن الانتماء للوطن والأمة والمجموع، ولهذه الحكمة كانت رهبانية الإسلام فريضة اجتماعية، وهي الجهاد في سبيل الله، أي في سبيل الأمة وصيانة الوطن وصلاح الاجتماع، ولهذه الحكمة التي تميز بها الإسلام- كونه دين الجماعة - قامت دولته وكذلك أمته على التنظيم والنظم والمؤسسات. وقال د. عمارة: في فلسفة الإسلام، كانت فريضة الزكاة- وهي فريضة جامعة بين التكليف الفردي والتكليف الاجتماعي- أولى المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية في تاريخ الإسلام ودولة الإسلام وأمة الإسلام، صحيح أن إيتاء الزكاة كان مشروعاً في الرسالات السماوية التي سبقت الشريعة الإسلامية الخاتمة، حيث جاء في قصص أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)، «سورة الأنبياء: 73»، لكن هذه الفريضة اتخذت في الإسلام مكاناً متميزاً، لأنها السبيل لتكافل الأمة اجتماعياً، ومن ثم فهي الآلية التي تحقق جعل آحاد الأفراد أمة واحدة ونسيجا متصلاً وجسداً واحداً. وأشار إلى أنها تميزت وامتازت- في الإسلام- بجعلها مؤسسة تقوم عليها الدولة وتنظمها الجماعة، عندما يتولاها ويقوم عليها نظام في الجمع والتحصيل، وفي الرعاية والتنمية وفي التوزيع، وينهض به العاملون عليها، فهي مؤسسة للأمة، ترعاها الدولة، فالخطاب الإلهي بها موجه إلى الدولة وإلى الأمة معاً، وذلك في قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا...)، «سورة التوبة: الآية 103». وأضاف: ولقد نبعت هذه المكانة المتميزة لفريضة الزكاة، على النحو الذي جعلها أولى المؤسسات الاجتماعية في دولة الإسلام وأمته من فلسفة الإسلام في الثروات والأموال، هذه الفلسفة التي جعلت الذات الإلهية هي المالك الحقيقي- مالك الرقبة- في الثروات والأموال، وجعلت الناس- كل الناس- وليس الفرد أو الطبقة مستخلفين عن الله سبحانه وتعالى في الحيازة وملكية المنفعة والتنمية والاستثمار والاستمتاع الحلال بهذه الثروات والأموال، فكانت الفلسفة المالية التي جمعت بإعجاز وتوازن بين ملكية المجموع وبين ملكية الأفراد، حتى أن القرآن الكريم قد نص على فلسفة الاستخلاف هذه في الثروات والأموال فقال: (... وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ...)، «سورة النور: الآية 33»، وقال تعالى: (... وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ...)، «سورة الحديد: الآية 7»، كما أضاف القرآن مصطلح المال إلى ضمير الفرد في سبع آيات، وأضافه إلى ضمير المجموع في سبع وأربعين آية لتقرير هذه الفلسفة الفريدة والجامعة في الثروات والأموال. المصالح العامة وأكد د. منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية، أن الإسلام الحنيف دين اجتماعي يدعو إلى الجماعية لا الفردية، ويحث على الترابط بين أفراد المجتمع المسلم، حتى يتكون منهم مجتمع جماعي صالح، وفي هذا المجتمع ينشغل أفراده بأهداف جماعية تعود بالنفع والخير على المجتمع ككل، ومن أجل ذلك يضعون المصالح الجماعية للوطن وللأمة فوق المصالح الفردية. وقال: يظهر اهتمام الإسلام بتأكيد وتوثيق روابط النزعة الجماعية بين أفراد المجتمع في العبادات والفرائض التي جاء بها، فقد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين عبادات جماعية، يقوم بها المسلمون قياماً جماعياً، سواء كان التكليف بها فرض عين، أو فرض كفاية، أو مندوباً، حيث شرع الله تعالى للمسلمين أن يشتركوا في عمارة المساجد في مدنهم وأحيائهم من الناحية المادية، وشرع لهم أيضاً عمارتها بذكر الله فيها، وبخاصة صلوات الجماعة، وصلوات الجُمع الأسبوعية، فقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث شتى إلى أن تؤدى الصلاة في جماعة، ومن ذلك قوله: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ- أي الواحد- بسبع وعشرين درجة»، فضلاً عن أن صلاة الجمعة لا تصح إلا إذا كانت في جماعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©