الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سينما القدس المناضلة

11 مارس 2012
أثر الاحتلال في القدس الشرقية كثيراً على الخريطة الثقافية للمدينة. وكان من آثار توسيع المستوطنات والجدار الهائل امتصاص الحياة من الجزء الفلسطيني في القدس وتحويل مركز الثقافة إلى رام الله في الضفة الغربية. وإضافة إلى ذلك، يعاني العديد من الفلسطينيين المقدسيين من التضييق بكافة أشكاله. ولكن في السنوات الأخيرة، تم إطلاق جهود لإحياء وإغناء خريطة القدس الثقافية. وآخر هذه الجهود إعادة إحياء سينما القدس القديمة، التي أغلقت أبوابها قبل ربع قرن أثناء الانتفاضة الأولى. وإضافة إلى عرضها للأفلام، تستضيف السينما أحداثاً فنية ومسرحية وموسيقية، بما في ذلك عرض للصور الفوتوغرافية عن الثورة المصرية وحفلات لموسيقى الجاز. واستهلت إعادة افتتاحها بأسبوع أفلام الحرية. وهذا العنوان مناسب إذا أخذنا في الاعتبار العطش للحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الواضح في أوساط الفلسطينيين. ومن الأفلام التي عرضت أيضاً "لن نترك"، الذي يعرض نضال الفلسطينيين ضد التهجير الإجباري من القدس، وفيلم "فليجة"، الذي يوثق الاعتصامات الملهمة والخلاقة التي نظمها الناشطون التونسيون بعد سقوط نظام بن علي، وفيلم "القاهرة 678"، وهو الدراما التي حطمت بعض الممنوعات بشأن التحرش الجنسي في مصر. وتقول ريما عيسى، منسّقة السينما ومسؤولة المهرجان إن الفلسطينيين المقدسيين عانوا من "غيبوبة سينمائية". وهي ترى المهرجان على أنه "جسر لإعادة العلاقات التي انقطعت منذ وقت طويل بين الجمهور الفلسطيني في القدس ودور السينما". ولكن هل تستطيع حرية السينما مساعدة الفلسطينيين على تحقيق الحرية الحقيقية؟ إن "دور الثقافة حاسم"، تقول ريما عيسى: "وشعبنا يتوق إليها". وهي مقتنعة أن باستطاعة السينما المساعدة على ربط جيل جديد من الفلسطينيين المقدسيين الشباب بالمضمون العربي والعالمي الأوسع، الأمر الذي يمكنهم من نقل صور وضعهم وكفاحهم إلى العالم الخارجي وإنهاء سنوات طويلة من العزلة. وقد تمكن العديد من الأفلام والمخرجين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة من زيادة الوعي بكونهم محرومين من إقامة دولة وسعيهم للحصول على الحرية وإنشاء دولتهم الحرة المستقلة، والاعتراف الدولي بها. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مخرج الأفلام الفلسطيني الإسرائيلي إيليا سليمان الذي أصبح فيلمه السريالي الهزلي الأسود "تدخل إلهي" الذي أخرجه عام 2002، عن قصة حب عبر الحواجز بين فلسطيني وفلسطينية يقيم أحدهما داخل الخط الأخضر ويقيم الآخر في الضفة الغربية، وقد أصبح ذلك الفيلم ذا شهرة عالمية وصيت ذائع. كما حصل فيلمه الأول الطويل "قصص الاختفاء" (1996) على سمعة واسعة أيضاً في أوساط النقاد السينمائيين. إلا أن ريما عيسى، وهي مخرجة أفلام، غير مقتنعة بأن في استطاعة السينما بناء الجسور بين الفلسطينيين والإسرائيليين بسبب عدم المساواة والمظالم التي يتعرض لها الفلسطينيون. ويخالفها صانعو أفلام آخرون الرأي أيضاً. وعلى سبيل المثال، فقد اشترك الفلسطيني عماد برنات والإسرائيلي غاي دافيدي في إخراج فيلم "خمس كاميرات محطمة"، وهو فيلم يوثق الكفاح غير العنيف لسكان قرية بلعين الفلسطينية، المسلحين بالكاميرات فقط، لوقف سلب الأراضي. ومن الأفلام المثيرة للاهتمام أيضاً دراما الجريمة "عجمي" الذي يصف بشكل واقعي الحياة في حي العجمي المحروم في مدينة يافا، ويتعمق في تعقيدات الحياة الإنسانية بين المسلمين والمسيحيين واليهود في المدينة. ولكن قوة الأفلام لا تتوقف عند قدرتها على تحويل أساليب الناس في التفكير واستنهاض ضمائرهم. ذلك أن السينما تساعد أيضاً على إيجاد شعور بالتماسك المجتمعي العام. وعلى سبيل المثال، تتذكر جارتي الفلسطينية التي يقارب سنها التسعين عاماً فترة ما قبل الحرب عندما كان جيرانها اليهود "أصدقاء" يجلسون معها أحياناً جنباً إلى جنب في دور السينما وعندما كانت الممثلة المصرية ليلى مراد هي المفضلة بشكل خاص بين المجتمَعَين. وفي سياق الاحتلال الحالي المليء بالمرارة، تظهر هذه الصور على أنها خيال سينمائي بعيد التحقيق. خالد دياب صحفي وكاتب مصري ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©