بذخ الولادة

تعودنا أن نسمع عن البذخ والإسراف في حفلات الزفاف، أو في الموائد الرمضانية، وغيرها من المناسبات، لكن لم نسمع قط أن هناك بذخاً وإسرافاً وتبذيراً لاستقبال المولود، حيث كانت أمهاتنا يلدن، وبعد برهة يقمن بالأعمال المنزلية ويحمدن الله على سلامة الطفل وسلامتهن، وكان الشيء الوحيد الذي ينفقه رب الأسر «ثمن العقيقة»، وهي ذبح شاة واحدة إذا كانت المولودة أنثى، واثنتين إذا كان المولود ذكراً . صحيح أنَّ للمولود فرحة تعم المنزل الذي تطأه قدماه الصغيرتان، لكن الإنفاق يجب أن يكون في حدود المعقول.. قد تمتعض بعض الأمهات الحوامل اللاتي تمثل لهن المظاهر الخادعة عنوان حياة، ومما نأسف له أن معظم الحوامل في هذه الأيام ينشغلن من بداية الحمل وحتى نهايته في تجهيز زينة المستشفى والتوزيعات الفخمة ومستلزمات الطفل والأم، والتي لا بد أن تكون لوناً واحداً مرصعاً بالكريستال، ناهيك عن استخدام أغلى أدوات الضيافة كالدلال والفناجين الفاخرة، وزادت حدة المنافسة فيما بين الأمهات بعضهن لبعض، ومن تسرف أكثر على هذه الأمور. مثلاً تقول إحداهن: «أريد أن أشتري سريراً بسعر 1500 درهم لطفلي من أرقى المحال»، وأخرى تقول: «فكرت في شراء فرشة للنفاس بسعر 4000 درهم ناهيك عن الزينة والبالونات التي تزين بها الغرفة في المستشفى»، وتقاطعهما إحداهن فتقول: «أنا أفكر باللون الذي سأرتديه وأي فستان فاخر وراق أشتريه». هكذا تتنافس كل واحدة منها لتغلب الأخرى، وكأنَّ الواحدة منهن تجهز لحفل زفافها.. ومؤخراً ظهرت موضة جديدة تقوم بها الأمهات حيث تستأجر المكهوجيات (اللاتي يقدمن القهوة العربية في المناسبات والأفراح) للزوار، ولا ننسى التوزيعات المكلفة، والتي تكلف الأم الوقت والمال والجهد طيلة فترة حملها. عزيزتي الأم الحامل...لا أقول لا تفرحي ولا تهادي الناس بتوزيعات ذكرى ولادة طفلك المنتظر، بل على العكس هناك من الأمهات من يقمن بتوزيع الحلويات المغلفة مع بعض الهدايا البسيطة غير المكلفة للزوار والأهالي، وهذا غير منتقد لكن من غير المعقول أن تبالغ الأم في الإسراف والتبذير، ولا تنسي أيتها الأم أنَّ هذه الفترة حرجة يكون فكرك وجوارحك كلها بانتظار سلامة مولودك أولاً، ثم سلامتك، فادعي الله أن يسلمك واشكريه على ذلك ولا تبالغي ولا تسرفي. سميرة أحمد