الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في العالم الافتراضي.. حاكم طيبة مصري والعروس بريطانية وأوباما صاحب «مِلك»!

في العالم الافتراضي.. حاكم طيبة مصري والعروس بريطانية وأوباما صاحب «مِلك»!
29 يوليو 2009 00:31
«الحياة الثانية».. عندما نقرأ أو نسمع هذه العبارة فإنَّ أول ما يتبادر إلى الذهن هو البعث بعد الموت، وما يرتبط به من حسابات الثواب والعقاب، والجنة والنار. ولكن في أيامنا هذه أصبح لهذه العبارة مدلول آخر، حيث توجد حياة أخرى يعيشها بالفعل ملايين الأشخاص حول العالم، من خلال وجودهم الافتراضي على أحد مواقع الشبكة العنكبوتية المسمى «second life». التقينا بعضاً من هؤلاء الأشخاص الذين خاضوا تجربة الحياة الثانية، ليحدثونا عن تلك الحياة وكيفية حدوث مزج وتماهٍِ تام بينها وبين الحياة الحقيقية التي يعيشونها بيننا. جزيرة المساعدة تامر حسن عمره ثلاثون عاماً، واسمه الافتراضي على الموقع «تامر بشلي»، قال إنه عرف بهذا الموقع أو البرنامج كما يسميه في مارس 2008، عندما كان يتصفح الانترنت بحثاً عن أحد الألعاب لقضاء وقت فراغه، فقرأ عنه مصادفة، ثم قام بالتسجيل، ومن هنا بدأت حكايته مع هذه الحياة، حيث وجد مجسماً للشخصية الافتراضية التي اختارها لنفسه «avatar» وهي كلمة هندية تعني التجسد. كما وجد أشكال ومجسمات عديدة لأشخاص آخرين افتراضيين، وفي بداية الأمر أعتقد «بشلي» أنها مجرد لعبة من الألعاب الالكترونية ولا تمثل شخصيات تعبر عن أفراد حقيقيين. كل ذلك كان في منطقة تسمى «جزيرة المساعدة» حيث يتوجب على أي عضو جديد المرور بها، كي يعرف قواعد وأسس هذه الحياة والعالم الجديد. ولكونه مصرياً، قام تامر بوضع كلمة Egypt في البحث، فظهر له على الموقع ما يعرف باسم «Egypt Nile valley» أو مصر وادي النيل. وهناك وجد الحياة الفرعونية بكل مظاهرها من أسواق ومعابد، وجيوش أيضاً، فكان هناك الفرعون والأمراء والقوات المختلفة، وكان للفرعون هيبته تماماً كما كان الحال في الحياة القديمة، وكان لكل من هذه الشخصيات مكانتهم في اللعبة وكأنها مكانة اجتماعي حقيقية يتمتعون بها. حاكم طيبة ثم طلب تامر الانضمام إليهم لأنه يمتلك معلومات كثيرة عن مصر، فوافقوا على عضويته ورسموه حاكماً لطيبة، التي كانت مركزاً للحياة الاقتصادية والسياسية في مصر الفرعونية، حينها بدأ الظهور القوي لتامر في الموقع، حيث أخذ يتقمص الشخصية ويعمل على إبرازها وكأنه في الواقع تماماً. وعن الحياة الاقتصادية في «الحياة الثانية» يؤكد تامر أنها حياة اقتصادية تتماهى بشكل كبير مع الواقع، وأن كثيراً من الأشخاص حققوا مكاسب كبيرة في الواقع من وراء التجارة الافتراضية من خلال الموقع، ومنهم امرأة يابانية أصبحت أول مليونيرة من خلال تجارتها هناك، وتامر نفسه يتكسب ويحصل على دخل شهري كبير من وراء عمله التجاري في «السكند لايف»، فكان يقوم بعمل تصميمات لكل ما هو فرعوني ويبيعها للأعضاء. ولا زال يمارس هذا النشاط، لأن البيع على الموقع لا يتم بنظام القطعة وإنما بعمل نسخة من السلعة الأصلية وهي التي تباع فقط، ويبقى الأصل قابلاً للاستنساخ إلى ما لا نهاية. أما العملة المستخدمة فهي»ليندن» وكل 250 ليندن تعادل دولاراً أميركياً واحداً. والعمود الاقتصادي للحياة الاقتصادية في الـ«second life» يعتمد على نوعين من الحساب، أولهما: 1-«basic»و هو حساب مجاني خاص لكل المشتركين. 2-«premium» وهو حساب يكون باشتراك قيمته 6 دولارات، يقوم بتحويل جزء منهم إلى الليندن، أما الباقي فيحصل بمقتضاه على قطعة أرض افتراضية مساحتها 512 متراً، يمكن أن يفعل بها ما يشاء، من انشاء مشروعات تجارية أو بناء محال تجارية. أميركي يمتلك مصر «عن نفسي»، يقول تامر، بعد وجودي لفترة طويلة في الموقع، ومعرفتي بالكثير عنه، فكرت في أن أمثل مصر في أرض تابعة للمصريين، خاصة أن البقعة التي تمثل مصر إلى تلك اللحظة كانت عبارة عن تسع جزر يمتلكها شخص أميركي. وناقشت الأمر مع مصريين تعرفت عليهم في الموقع، منهم واحدة تعيش في أميركا اسمها»كوين سيجال»، والآخر مصري مقيم في مصر، وأنا كنت مقيماً هنا في الإمارات. وبالفعل بدأنا البحث في الموقع وقمنا بتأجير أرض، وأخذنا في البناء عليها، وننتج ونبيع كل ما هو مصري ويعبر عن مصر، كما أقمنا هناك أيضاً منتديات ثقافية ومسابقات مختلفة للشعر والكاريكاتير، كما كان لنا نشاطنا السياسي حيث قمنا بتظاهرات عديدة، وحملات للتوعية تفاعلنا فيها مع اشياء تحدث بالفعل في عالمنا الحقيقي، ومنها مظاهرة كبرى قمنا بها لمناصرة أهل غزة أثناء العدوان، وتم نقل المظاهرة عبر عديد من وكالات الأنباء العالمية ومنها رويترز، و8 من أشهر الفضائيات وأكثرها انتشاراً في العالم منها ال بي بي سي، لأن معظمها يمتلك جزراً داخل الموقع. أوباما وهيلاري ومن الدلائل الهامة على تواصل الحياة الافتراضية مع الواقع، أن هناك فتاة كندية اعتنقت الإسلام بشكل حقيقي على إثر أحداث غزة والمظاهرات المؤيدة لها في «الحياة الثانية»، وقامت فتاة إماراتية بإمدادها بكثير من الكتب المترجمة عن الإسلام. ومن المواقف الطريفة الدالة أيضاً على التداخل بين الواقع والافتراضي، أنه عند ظهور أنفلونزا الخنازير في المكسيك، التي تقع على حدود مصر داخل «الحياة الثانية»، قام المصريون في الموقع جميعاً بارتداء أقنعة واقعية وذهبوا في مظاهرة افتراضية إلى حدود المكسيك للتعبير عن خوفهم من وصول المرض إليهم. ولفت تامر، إلى أن عدد مستخدمي الموقع بلغ 15 مليوناً، وهو ما يعني أن «الحياة الثانية» أصبحت مجتمعاً خاصاً بذاته، سيما أن عدد أعضائه يقاربون سكان دولة متوسطة الحجم، وهو ما دعا وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إلى فتح مكتب انتخابي لها أثناء الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، كما أن الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه يمتلك جزيرتين هناك، وكذلك هناك تصاعد في الاهتمام العربي بالحياة الثانية، حتى أن نادي الهلال السعودي، يسعى الآن إلى افتتاح استاد رياضي هناك، يمثل وجهاً سعودياً وعربياً مميزاً على الموقع، فضلاً عن وجود أفرع لكبريات الشركات العالمية في هذا العالم. أمّا عن نشأة الموقع، فهي ترجع إلى عام 2003 على يد الأميركي فيليب ليندن، وهو عالم كامل يعتمد على المجسمات ثلاثية الأبعاد، ومن المؤكد أنه عندما أطلق فكرته، لم يكن يعلم أنها ستحظى بهذا الانتشار ويصبح لها وجود يتجاوز الخط الرفيع بين الواقع والافتراض، في كثير من أنحاء العالم. زواج حقيقي أما أحمد مصطفى خطاب أو «أحمد رزان» وهو اسمه الافتراضي في الحياة الثانية، فقد أشار إلى أنه علم عن هذا الموقع من أحد أصدقائه، ودفعه الفضول للتسجيل، وبالفعل وجد هناك عالماً مثيراً حافلاً بالكثير من القصص والوقائع التي يتداخل فيها العالم الحقيقي بهذا العالم الافتراضي، وهنا يذكر أن أحد أصدقائه المصريين المقيمين في دبي، تعرف على فتاة بريطانية منذ نحو عامين، وحدث هذا التعارف من خلال أشخاصهم الافتراضية في الحياة الثانية، ولكن الأمر تطور وانقلب إلى حقيقة، وبالفعل ستأتي الشهر القادم إلى دبي، وسينتهي الأمر بزواج حقيقي بين الشاب والفتاة. وأحمد نفسه تعرف على فتاة من جنسية عربية من خلال الموقع، وعاش معها قصة حب حقيقية وشرعا في الزواج، ولكن الأمر فشل في النهاية لأنها طلبت منه الابتعاد عن الـ«second life»، وهو ما اعتبره أمراً مستحيلاً، لأنه وكما يقول أدمن الدخول هناك ولا يستطيع الاستغناء عن شخصيته الافتراضية. كما أنه كون علاقات صداقة حقيقية، مع أشخاص من مختلف دول العالم منهم أصدقاء بريطانيون جاءوا إلى الإمارات في جولة سياحية، والتقى بهم وكان بمثابة مرشد سياحي لهم اثناء تلك الجولة. ولفت رزان إلى أن هذا العالم به بوابات للدخول والتجوال في سائر مدن وبلدان العالم، هناك نجد دولاً كاملة بكل مظاهر الحياة فيها وأشهر معالمها داخل الحياة الثانية، فلو ذهبت إلى الأردن ستجد مدينة البتراء الأثرية، ولو ذهبت إلى فرنسا ستجد شارع الشانزليزيه لكل مقاهيه ومتاجره، وكذا الحال في سائر الدول التي تزورها على شبكة «الحياة الثانية». من ناحيته قال ناصر محمد المعروف باسم «ناصر أكسيو» في الحياة الثانية: أنه منذ أن اشترك في الموقع شاهد العديد من الحالات التي تحولت فيها الافتراضية إلى حقيقة واقعة، ومنها حالتا زواج حدث تعارف أطرافها من خلال الحياة الثانية، ثم تطورت العلاقة إلى زواج فعلي، وتم توجيه الدعوة له لحضور هذا الزفاف بشكل واقعي وحقيقي. «سومر» لايزال حياً أما أغرب ما رآه «أكسيو»، هو أن أحد أعضاء الحياة الافتراضية وهو من انجلترا، توفي في الواقع ولكن شخصيته الافتراضية لاتزال حية وموجودة، فبعد وفاته جاء أخوه إلى الموقع وأعلن وفاته، وأنه سيستمر بدلاً منه كنوع من التقدير والوفاء لشقيقه، وبالفعل قدمنا له العزاء، وأخذ اسم أخيه الافتراضي «سومر» وظل يمارس حياته الافتراضية بذات الشكل الذي كان عليه شقيقه. ومن المواقف الهامة التي يتذكرها أكسيو، أنه وأصدقاءه كانوا يأخذون مجموعات لأشخاص من الحياة الافتراضية في رحلات إلى مكة وذلك تحت إشراف موقع إسلام أون لاين، ويقومون بتعليمهم أصول وقواعد الدين من صلاة وصيام، حيث إن نسبة كبيرة منهم مسلمون مقيمون في الغرب ولا يعرفون كثيراً عن أصول دينهم، وهذه الفئة استفادت كثيراً من تلك الزيارات الافتراضية إلى مكة. وأشار أكسيو، إلى أن مدينة مكة مثل غيرها من المدن الموجودة في الموقع، تحاكي مثيلاتها في الواقع في كل شئ، وهو ما يعطي بعداً روحياً كبيراً لكل من يرتادها، لأنه يجد فيها بيت الله الحرام، وسائر المعالم المميزة لمكة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©