الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صيام الأطفال.. «محاولات بريئة» على طريق التربية

صيام الأطفال.. «محاولات بريئة» على طريق التربية
8 يونيو 2016 20:59
نسرين درزي (أبوظبي) تعيش الأسر المسلمة خلال شهر رمضان من كل سنة استحقاقاً مهماً يتعلق بتعود الأطفال على الصيام لأول مرة، وللنجاح في هذه المهمة غير السهلة على صغار السن ممن تتراوح أعمارهم بين 7 - 10 أعوام، يلجأ الأهالي إلى مختلف أساليب الترغيب، ومع ذلك يفشل بعضهم في الضغط على أبنائهم، ويضطرون مرغمين للرضوخ أحياناً إلى رغبتهم في تناول الطعام، فما هي التحديات التي تواجه البيوت هذه الأيام؟ وماذا يقول الأطفال عن تجاربهم؟، وهل من نصائح عملية تصلح للتعميم؟ الخطة الأكثر رواجاً والتي يتبعها الآباء لتشجيع صغارهم على تحمل الانقطاع عن الطعام، هي حثهم على الصيام لفترات متقطعة من اليوم، وغالباً يكون ذلك حتى فترة الظهر ومن ثم العصر، إلى أن يتمكنوا من البقاء على صيامهم إلى حين أذان المغرب، الأمر الذي يتطلب الكثير من التحفيز والقليل من الضغط. تجارب عن تجربتها في إقناع أبنائها بالصيام، تقول نجوى السعدي، إنه بمجرد أن يبلغ أبناؤها السابعة من العمر تبدأ في تحضيره للاستغناء عن وجبة الفطور، ويكون ذلك غالباً في عطلة نهاية الأسبوع لأنه خلال أيام الأسبوع يحتاج لشرب الحليب قبل الذهاب إلى المدرسة، وذكرت أن الأطفال لا يملكون جميعهم درجة التحمل نفسها، وهذا ما واجهته مع ابنها الأصغر الذي لم يتجاوب مع فكرة الصيام كأخوانه، فهو لايزال حتى الآن بعدما تجاوز الـ 10 أعوام غير قادر على البقاء من دون طعام إلى ما بعد الساعة 4:00 عصراً. وأوضح عبيد الحارثي أنه يتبع أسلوب الحزم مع أبنائه فيما يتعلق بمسألة الصيام، وما أن يبلغوا التاسعة من العمر حتى يطبق عليهم مبدأ العقاب فيما لو اشتكوا من الجوع أثناء رمضان، وبرأيه فإنه من غير المقبول الاستسهال في هذا المجال كي لا يعتاد الطفل على التخاذل، وإنما لا بد من أن يكون مسؤولاً منذ الصغر، ويعتبر أن صيام الأطفال في سن مبكرة يعزز بداخلهم معاني الدين الإسلامي السمح، ويشجعهم على التمثل في الكبار فيما يخص أداء الفروض. وأشارت هند عبدالله الشيخ إلى تكرار محاولاتها مع أطفالها لتعويدهم على الصيام بالرغم من أنها تغريهم بالغذاء الصحي لتجنب شعورهم بالجوع في اليوم التالي أثناء ارتفاع درجة الحرارة، وأنه بات من الواجب على ابنتها الكبيرة التي بلغت الـ11 عاماً الصيام هذه السنة، متفائلة بانعكاس الأمر إيجاباً على أخويها اللذين يصغرانها في السن، إذ من الطبيعي أن يشعرا بالرغبة في تقليدها ولاسيما أنها ستسحق عن كل يوم صيام مكافأة ترضيها وتدفعها للمزيد من الإصرار على استكمال الصيام. دافع وإرادة وأوردت الدكتورة إنعام المنصوري خبيرة العلاقات الأسرية والتربوية مديرة مركز الأسرة السعيدة في مدينة العين، أن أفضل أساليب ترغيب الأطفال بالصيام تبدأ بالمشاهدة الحية. وقالت إن الطفل عندما ينشأ في بيت مسلم يواظب فيه الأبوان والأخوة الكبار على الصلاة والصيام، فإنه من الطبيعي أن يتطبع بهذه العادات، وذكرت أن الأهل يجب أن يكونوا متعاونين إلى أبعد حد مع أبنائهم عند تدريبهم على تعاليم الصيام وإشغالهم عن الأكل بالصلاة وحفظ القرآن، وألا يقصوا عليهم وخصوصاً هذه السنة، حيث تتزامن الامتحانات مع دخول فصل الصيف وبدء الشهر الفضيل. وترى أن أسوأ ما يمكن أن يقع فيه الأهل اللجوء إلى العنف وعبارات التحذير فيما لو تعذر على الطفل الصيام، لأنهم بذلك يدفعونه إلى التهرب من العقاب باللجوء إلى الكذب والأكل في السر، أو التعذر بالمرض وما شابه، غير أن المطلوب مع وصول الطفل إلى عمر 8 أعوام أن يفهم أولاً معاني الصيام وأنه كمسلم مطالب بتأدية فروضه لنيل رضا الله. ووأضافت: هكذا فإنه وبالممارسة التي قد تفشل حيناً وتفلح أحياناً، يتمكن الطفل من تعويد نفسه وتقوية إرادته بحيث يصل إلى مرحلة يجتاز خلالها ضعفه تجاه الطعام خلال النهار. وقالت إن الطفل يتأثر بمحيطه سلباً وإيجاباً، وهذا ما يجب أخذه في الاعتبار أثناء تدريبه على الصيام خلال السنوات الأولى. فهو من غير الممكن أن يصوم بلا تملل فيما يرى رفاقه في المدرسة من غير المسلمين يأكلون أمامه أو حتى أخوانه ممن يصغرونه سناً.. وهنا من واجب المدرسة أو البيت التنبه إلى هذه المسألة وإيجاد حلول تمنع الطفل من التأثر بمثل هذه المشاهد إلى أن ينضج ويصبح أكثر تحملاً للجوع. هدايا كثيرة عبر الطفل هاني أحمد «7 أعوام» عن رغبته بصيام شهر رمضان كاملاً مثل إخوانه وأبناء عمه، وقال إنه اتفق مع والده على أنه سيحصل على هدايا كثيرة إذا تمكن من الصيام لأطول وقت ممكن، وهو يعرف جيداً معاني رمضان، وأنه يجب الامتناع عن الطعام والشراب حتى صلاة المغرب. وأوضح أن الشيء الوحيد الذي يزعجه هو عدم تمكنه صباحاً من تناول رقائق الذرة مع الحليب عندما يستيقظ لكنه سيحاول أن ينسى الأمر. تقليد الكبار تحدث الأطفال عن محاولاتهم البريئة، ورغبتهم في الاقتداء بآبائهم خلال شهر رمضان وعيش أجواء الصيام مع الأسرة، وعبر بعضهم عن الشعور بالجوع فيما يفوق قدرتهم على تحمل البقاء من دون طعام ولا شراب حتى الغروب، حيث قال الطفل أحمد الجنيبي «9 أعوام» إنه حاول خلال رمضان الماضي الصيام المتقطع لكنه لم ينجح، وعندما علم بأن أصحابه تمكنوا من الصيام شعر بالغيرة، وقرر أن يصوم هذه السنة حتى موعد الإفطار. وذكر أنه كان يشعر بالجوع عند الساعة 11:00 ظهراً عندما يرى أخاه الصغير يتناول وجبة البيض. الطفل الوحيد.. أكثر حاجة إلى الدعم أشارت الدكتورة إنعام المنصوري خبيرة العلاقات الأسرية والتربوية إلى حاجة الطفل الوحيد أكثر من سواه للدعم أثناء محاولاته الأولى للصيام، فهو بالإجمال غير محاط بأطفال من سنه ليتشجع وإياهم على الصيام، ولا يرى أمام عينه إلا والديه كقدوة، مما يحملهما مسؤولية أكبر لإشغال وقته، بما ينسيه المأكل والمشرب خلال أيام رمضان، ومن واجبهما متابعته بداية الأمر بكل ما يملكان من صبر وتضحية، كأن يوقظاه لتناول وجبة السحور، بحيث تكون متكاملة العناصر الغذائية، وفيها ما يضمن شعوره بالشبع إلى ساعات متقدمة من اليوم، وبعدها قضاء الوقت معه في أداء الطاعات وتسميعه عبارات التشجيع وهكذا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©