الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بحث في الخريطة الشعرية العربية الحديثة

بحث في الخريطة الشعرية العربية الحديثة
5 يونيو 2008 01:14
أخيرا هل تحول الديوان المشع والديناميكي للعرب، إلى ديوان مطفأ ومحنط في متحف الشعر بذاكرته الجمعية المتراجعة· ما سمح لأصناف إبداعية أخرى أن تحتل مكانه، وتزيحه عن مشهد طالما تسيده وتجذر فيه· شعر وتنظير هذه الأسئلة وغيرها حاول ملتقى الشارقة للشعر العربي في دورته السادسة أن يرفدها بضوء النقاش والجدل والمجابهة النقدية· أقيم الملتقى في الفترة من 19 إلى 22 من شهر مايو الماضي بدار الندوة بمنطقة الشارقة القديمة، ونظمه بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، واستضاف الملتقى لتفعيل أهدافه كوكبة من الشعراء والنقاد العرب المتميزين والمتمايزين في رؤاهم وأطروحاتهم حول الأشكال الشعرية، وحول المباني والمعاني النقدية المرافقة والمجاورة والمضادة أيضا لهذه الأشكال· توزعت فعاليات الملتقى على برنامجين رئيسين هما الجلسة النقدية، والأمسية الشعرية، واكتسى كلا البرنامجين بطابع التنوع والعزف على عدة أوتار إبداعية وتنظيرية، وكانت الجلسات النقدية مهمومة بمحور: (القصيدة العربية بين عمودية الشعر وشعرية النثر)، وقدمت لهذا المحور العديد من الأوراق البحثية ذات المحتوى التحليلي المتماوج بين ماضي الشعر وراهنه، وبين طمأنينة الثابت وقلق المتغير، وأخيرا بين مسارات المبنى و متاهات المعنى، عطفا على الأنساق الشعرية العربية القديم منها والحديث· أما الأمسيات الشعرية، فذهبت إلى حيادها الإبداعي، كي تضفي على الملتقى صفة الشرعية المقرونة بالمسمى والعنوان، وهي على كل حال أمسيات تميزت بالصوت الخاص والمنفرد لكل شاعر، وتوزعت مواضيعها على حالات الوجد الصوفي، والتأمل العرفاني، وذهب بعضها إلى السائد من الخطابين العاطفي والسياسي، مع بعض الاجتهادات اللغوية والبنائية في هيكل القصيدة، وهي اجتهادات أسعفت شعراءها، ومنحتهم مساحة خصبة للتجريب، وخلع عباءة التكرار والتطابق والكمون الشعري· شارك في الأمسيات كل من الشعراء: يوسف رزوقة وعبدالعزيز الجيل من تونس، وأحمد بخيت من مصر، وكريم معتوق وسالم الزمر وعبدالله الهدية من الإمارات، والشيخة لولوة آل خليفة من البحرين، والمتوكل طه من فلسطين، وناصر شبانة من الأردن، وروضة الحاج من السودان· الجلسات النقدية حفلت الجلسات النقدية المصاحبة للملتقى بالكثير من الانتباهات التنظيرية المسكونة بقلق السؤال والبحث في وعن مستقبل الشعر العربي، خصوصا أن التيارات المتصارعة والمتجاذبة حول أحقية بعض الأنماط الشعرية على حساب الأنماط الأخرى باتت هي التيارات الطاغية على فضاء الشعر العربي، فأزاحت النتاج الشعري ذاته، وحولته إلى مطية ومنفذ لتحرير رؤاها ونقاشاتها الفائرة والمتدفقة· ففي ورقة قدمها الناقد المغربي محمد الديباجي وتحدث فيها عن البوادر الأولى للتمرد على البحور الخليلية، يبرز السؤال الإشكالي والمتداول كثيرا حول دور الوزن والقافية في إضفاء الصفة الشرعية على القصيدة العربية، بعيدا عن العناصر الأساسية للتكوين الشعري مثل التخييل والكثافة والإيقاع الداخلي والاجتهادات اللغوية المدهشة، وغيرها من العناصر التي فرضت حضورها، ولكنها جوبهت بأحكام قاطعة ومصادرة مثل الغموض والغرابة والخروج عن تقاليد الشعر العربي الكلاسيكي· رأى الديباجي: ''أن التغيرات التي شهدها العالم العربي مطلع القرن الماضي، غيرت مجرى الحياة في المجتمعات العربية، وفرضت أساليب مستحدثة في العيش، وخلقت أنماطا جديدة من التفكير، ولا سيما لدى الطبقات الواعية والمثقفة، وقد انعكس كل ذلك بجلاء ووضوح على أدبنا العربي نثره وشعره، فخرجت أصوات شعرية تنادي بالتمرد على البحور الخليلية، كي يخرج الشعر العربي عن طوقه ويتمكن من التعبير عن ذاته، ومشاركة الشعر العالمي في الأغراض التي يخوض فيها ويتميز بها''· احتضار الشعر أما الناقد صالح هويدي فأشار في ورقته إلى أن اختلافاتنا حول الشعر وضروبه إنما ترجع في أساسها إلى باعثين رئيسيين هما: الباعث الذوقي الذي تربى بعضنا عليه، والباعث الأيديولوجي الذي يمثل رؤيتنا من الشعر أو من الآخر الذي يشكل مصدرا من مصادر حركة تحديث الشعر فيه· ويرى هويدي أن المعارك والصراعات الشعرية لا ترسم صورة لائقة للعقل العربي ومقارباته المعرفية، وأن الحل في أن يبقى لكل منا الحق في الميل إلى هذا اللون الشعري أو سواه، فالمشهد يتسع لضروب من التنوع في أشكال الشعر وآلياته وبناه، ولا يجوز هنا إلغاء طرف على حساب الآخر، بحيث لا تلغي قصيدة النثر قصيدة التفعيلة أو قصيدة الشطرين ولا تنفيهما عن الخريطة الشعرية العربية أو من نفوس متذوقيها· وفي ورقة أخرى مهمة قدمها الناقد رائد عكاشة بعنوان (التحول في عمود الشعر العربي)، أشار فيها إن الحديث عن التطوير والتجديد لا يقترن بالضرورة بالرقي والتجويد، فقد شهدت ساحاتنا العربية مظاهر تجريبية، انحرفت فكريا وفنيا عن مقصدية الفن الشعري، وهناك محاولات أعلت من شأن النثر، لأنه مرتبط بقيمة الحرية، بعد أن أتهم الشعر العمودي بالجمود، وعدم القدرة على التفاعل السريع مع قضايا المجتمع·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©