ساسي جبيل، وكالات (تونس)
بدأ برلمان تونس أمس مناقشة مشروع قانون المصالحة الاقتصادية المثير للجدل في خطوة قد تمهد لإيقاف الملاحقة القضائية للمئات من رجال الأعمال المتورطين في فساد مالي خلال حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ومشروع القانون هو مبادرة عرضها الرئيس الباجي قايد السبسي لأول مرة في 2015 ، لعقد مصالحة مع رجال أعمال ومسؤولين سابقين لكنها لاقت معارضة واسعة من المجتمع المدني وأحزاب من المعارضة آنذاك.
وأعاد السبسي طرحها مرة أخرى على البرلمان بعد إدخال تعديلات على مشروع القانون حيث تبدأ اليوم لجنة التشريع العام في البرلمان بمناقشته.ويعرف الفصل الأول من مشروع القانون بأنه «يندرج ضمن العدالة الانتقالية وتهيئة مناخ ملائم يشجع على الاستثمار ويعزز الثقة بمؤسسات الدولة». كما يشير إلى إجراءات «خاصة بالانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام وغلق الملفات نهائيا وطي صفحة الماضي». وقال العضو في حزب حركة نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحكومي محسن حسن في مؤتمر صحفي إن «الضرورة الاقتصادية والأوضاع التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا تقتضي المصالحة». أضاف حسن أن «الائتلاف الحاكم سيدافع عن قانون المصالحة الاقتصادية والمالية بهدف تمريره للمصادقة عليه بداية شهر مايو القادم».
وحسب العضو في الحزب ، سيشمل القانون نحو 400 من رجال الأعمال وعددا من كبار الموظفين في الدولة وسياسيين سابقين في حزب التجمع الدستوري المنحل والذين تقلدوا مناصب عليا في النظام السابق. ويتيح مشروع القانون لرجال الأعمال إمكانية تعويض الأموال المنهوبة بنسبة فائدة لا تتجاوز 5 في المئة عن كل سنة مع التمتع بعفو ضريبي بنسبة 30 ?.
ويعتبر الائتلاف الحكومي أن مشروع القانون سيساعد على إنعاش الاقتصاد المتعثر ، لكن أغلب أحزاب المعارضة تعارض هذه الخطوة كما دعت منظمات من المجتمع المدني الى الاحتجاج ضده في الشوارع. وقال محمد عبو رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض إن القانون سيكون «بمثابة الوسيلة لخدمة الفاسدين وضمان استمرارهم في تمويل الأحزاب في السلطة». وأوضح عبو «القانون يمثل أكبر عملية تحايل على التونسيين». وأطلقت مجموعة من النشطاء على الفيسبوك حملة لدفع البرلمان إلى سحب مشروع القانون عبر شعار «مانيش مسامح» (لست مسامحا).
وجاء في بيان هذا التجمع أن مشروع القانون «يكرس سياسة الإفلات من العقاب وتبييض الفساد في تناقض مطلق مع المبادئ الدستورية، ويخرق منظومة العدالة الانتقالية ومبادئ العدالة والإنصاف». ووجهت المجموعة «دعوة إلى كل التونسيين والتونسيات للتجند والالتزام بحالة التأهب القصوى، لإسقاط مشروع هذا القانون». ويثير القانون نقاشا كونه يأتي أيضا بموازاة عمل هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة قانونيا بالتقصي في انتهاكات الماضي ضد حقوق الإنسان بجانب الانتهاكات المالية والتمهيد للمصالحة.
إلى ذلك يؤدي رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد اليوم الخميس زيارة الى محافظة تطاوين بعد تواصل الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل، وبعد تعمد شباب من المحافظة غلق الطريق نحو آبار البترول وإصدار عدد من الأحزاب المعارضة وحركة النهضة الحاكمة وعدد من منظمات المجتمع المدني بيانات مساندة للمحتجين. وينفذ عاطلون عن العمل اعتصاما لليوم الرابع على التوالي في تطاوين. ويمثل الاعتصام تصعيدا جديدا في الاحتجاجات التي تشهدها الولاية منذ نحو شهر للمطالبة بفرص عمل وبالتنمية في الجهة التي تمثل ثلث مساحة البلاد وتعرف أكثر نسبة بطالة مقارنة بباقي الولايات حيث تبلغ 32 في المئة حسب احصائيات حكومية في 2016.