الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية... دبلوماسية المواقف الهادئة

13 مارس 2011 23:55
طُرح العرض الذي تقدمت به فنزويلا بخصوص المبادرة بجهود وساطة من أجل اتفاق سلام في ليبيا على نحو سريع يضاهي السرعة التي قُدم بها؛ حيث رفض سيف الإسلام القذافي الفكرةَ، وردَّ أيضاً ثوارُ المعارضة الليبية على العرض هذا الأسبوع عبر تغييرهم اسم ملعب كرة القدم الذي يحمل اسم هوجو تشافيز في مدينة بنغازي (قاعدة الثوار الليبيين). ولكن لماذا يتم إطلاق اسم تشافيز على ملعب في ليبيا أصلاً؟ الجواب: للسبب نفسه الذي يفسر امتلاك العقيد القذافي لنسخة من سيف بطل الاستقلال سيمون بوليفار: فالرجلان صديقان إلى حد بعيد. غير أن ما يتم إغفاله وسط كل خطابات تشافيز الطنانة حول ليبيا وهتافات "لتعش ليبيا!" هو أن رؤوساً أميركية لاتينية أكثر رزانة بدأت تتبع سياسة خارجية تحقق في الواقع تأثيراً أكثر مصداقية. وهذا أمر يمكن أن يشكل نموذجاً معبراً بالنسبة للاقتصادات النامية وتشافيز نفسه -إن هو توقف عن الكلام وحاول الإصغاء. والأقل تسلية من تشافيز والأكثر إثارة للاهتمام هو كيف حولت كثير من البلدان الديكتاتورية السابقة في أميركا اللاتينية نفسها إلى ديمقراطيات اجتماعية مزدهرة، ما زالت متمسكة بأهداف الإدماج الاجتماعي والسيادة الدولية التي كانت تعتنقها خلال سنوات الستينيات الراديكالية ولكنها تتبنى اليوم وسائل دبلوماسية واقتصادية أرثودكسية لتحقيق أهدافها. وثمة مثالان حديثان على مغامرات بعض دول أميركا اللاتينية في السياسة الخارجية تجاه تعقيدات وأزمات المنطقة العربية يقدمان تباينات توضيحية. فالعرض الذي تقدم به تشافيز حول تشكيل لجنة سلام للقيام بجهود وساطة بين صديقه الليبي المحاصر وفصائل الثوار شكل إخفاقاً محرجاً، وإن كان منسجماً مع هدفه المعلن بخصوص حلول "جنوب- جنوب" لمشاكل العالم النامي. ومن الناحية العملية، يبدو أن نسخة تشافيز من دبلوماسية "جنوب- جنوب" تقوم في الأساس على بيع النفط بأسعار مخفضة كثيراً إلى بلدان مثل الدومينيكان ونيكاراجوا. ولكن لأنه احتضن بحرارة كبيرة أشخاصاً منبوذين دوليّاً، فإن أجندته "جنوب- جنوب" تدعو إلى السخرية. ذلك أنه في ما عدا الكتلة اللاتينية التي تستطيع أن تعتمد عليها فنزويلا -ومن ذلك أعضاء التحالف البوليفاري للأميركتين نيكاراجوا وكوبا وبوليفيا- فإنه لا أحد آخر يأخذ المقترح على محمل الجد، على ما يبدو. وفي هذا الإطار، قال سيف الإسلام القذافي في حوار صحفي أجرته معه في 3 مارس الجاري قناة "سكاي نيوز" البريطانية: "إن الأمر يشبه قيامي بجهود وساطة من أجل التوصل لاتفاق في الأمازون"، ليضع بذلك حدّاً محرجاً لمسعى تشافيز، مضيفاً "إن (الفنزويليين) أصدقاؤنا ونحن نحترمهم... ولكنهم بعيدون وليست لديهم أية فكرة (عن الموضوع)". وكان تشافيز أيضاً من بين أشد المناهضين لإسرائيل، وإن كان ذلك لا يتسبب ربما في استياء كبير في تل آبيب؛ غير أن موقفه بدأ يتخذ مسحة قوية بسبب التصريحات التي يطلقها بين الحين والآخر وتفيد بأن إسرائيل تقوم بدعم المعارضة الفنزويلية وبأن عملاء "الموساد" موجودون في المنطقة من أجل اغتياله. وفي المقابل عندما تعلن ثماني دول أميركية لاتينية أخرى اعترافها بدولة فلسطينية، مثلما فعلت في ديسمبر ويناير الماضيين، ومن ذلك دول إقليمية من الوزن الثقيل مثل الأرجنتين والبرازيل، فإن الأسلاك الدبلوماسية الإسرائيلية ترغم على تسجيل ذلك بقلق شديد. وفي هذا الإطار، يقول مايكل شيفتر، رئيس مؤسسة الحوار بين الأميركتين في واشنطن: "إن القرارات رمزية إلى حد كبير غير أنها تبرز الاتجاه المستمر في أميركا اللاتينية بخصوص اتباع سياسة خارجية مستقلة تعكس إلى حد ما الاعتبارات السياسية الداخلية". وقد زعمت إسرائيل أن الاعتراف ليس بتلك الأهمية. ومع ذلك، فقد شعر نتنياهو بالحاجة إلى الاتصال هاتفيّاً بالرئيس التشيلي سباستيان بينييرا على أمل اتخاذ تفادي خطوة مماثلة من قبل حكومته المحسوبة على يمين الوسط. ولكن المكالمة كانت بدون جدوى حيث اعترفت التشيلي بالدولة الفلسطينية في 7 من يناير الماضي. والجدير بالذكر في هذا الصدد أن "بينييرا" توجه هذا الأسبوع إلى الشرق الأوسط من أجل الالتقاء مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي هذه الأثناء، تقتصر أسفار تشافيز إلى حد كبير على زيارة أكثر القواعد سلطوية في العالم، مع زيارة هامشية من حين لآخر لتوقيع اتفاقات نفطية. بيد أنه إذا كانت المليارات من براميل النفط كافية، ربما، لشراء دعم دول متعطشة إلى الطاقة عبر العالم، فإنها لم تجلب له أكثر ما يتوق إليه وهو التأثير الدولي. ياسمينة كيليمن - كراكاس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©