الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صالح الجرمي: ثروة الفرد طاقاته وملكاته

صالح الجرمي: ثروة الفرد طاقاته وملكاته
28 يوليو 2009 01:06
لاشك أن التفكير وعلومه ومهاراته المختلفة ما بين تعلمها وتعليمها، أضحت لها في عصرنا الحاضر أهمية قصوى، إذ دفعت ومازالت علماء التربية على اختلاف مشاربهم وفي شتى أنحاء المعمورة إلى البحث والتنقيب والكتابة والخوض في هذا الميدان جيئة وذهاباً، ولطالما استحدثت نظريات وهمشت أخرى أملاً في الوصول إلى قواسم مشتركة تيسر عملية التربية والتعليم المبتغاة، وتأخذ بيد الفرد إلى الممارسات السوية التي يتوخى منها الفلاح والنجاح في كافة مناحي الحياة. وفي هذا الإطار يقول صالح محمد الجرمي، مدرب مهارات التفكير، والمحاضر في الأساليب التربوية: لقد حث ديننا الحنيف على إعمال الفكر، وتعلم مهاراته ممثلاً بكتاب الله العزيز، فمن آيات الحث على التفكير والتعقل إلى آيات أخرى تحث على التذكر والتبصر إلى آيات كريمة تدعو إلى النظر والتبصر، وأخريات مباركات منها ما يحث على التفقه ومنها ما يخاطب أهل الألباب. وعلى صلة بهذا الموضوع، يعرف علماء التربية التفكير بأنه المعالجة العقلية للمداخلات الحسية من أجل تشكيل الأفكار، ومن ثم إدراك الأمور، والحكم عليها بصورة منطقية، واتخاذ القرارات وحل المشكلات. ومن التعريفات الأخرى هو أن التفكير عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله بواحدة أو أكثر من الحواس الخمس. أما مهارات التفكير فهي عمليات محددة نمارسها ونستخدمها عن قصد في معالجة المعلومات. وتعليم مهارات التفكير يعني: تعليم المتعلمين بصورة مباشرة أو غير مباشرة كيفية تنفيذ مهارات التفكير الواضحة المعالم كالملاحظة والمقارنة والتصنيف والتطبيق وغيرها بصورة مستقلة عن محتوى المواد الدراسية، أو في إطاره شريطة أن يكون التركيز على مهارة التفكير في حد ذاتها. أهمية التفكير للفرد 1- المنفعة الذاتية للمتعلم: حيث يصبح المتعلم بعد امتلاكه لهذه المهارات قادراً على خوض مجالات التنافس في هذا العصر المتسارع والذي يرتبط فيه النجاح والتفوق بمدى القدرة على التفكير الجيد والمهارة فيه. 2- المنفعة الاجتماعية العامة: فاكتساب أفراد المجتمع لمهارات التفكير الجيد يوجد منهم مواطنين صالحين ذوي دور إيجابي لخدمة مجتمعهم. 3- الصحة النفسية: إذ إن القدرة على التفكير الجيد تساعد المرء على الراحة النفسية وتمكنه من التكيف مع الأحداث والمتغيرات من حوله أكثر من الأشخاص الذين لا يحسنون التفكير. 4- التفكير هو الأساس الأول في الإنتاج، ويأتي الاعتماد عليه قبل الاعتماد على المعرفة، فالتفكير قوة متجددة تفيد المتعلم والمعلم على حد سواء. 5- التفكير يكسب الفرد الثقة بالنفس ويجعله قادراً على حل مشكلاته بنظم علمية، وكذلك اتخاذ قراراته بطرق سليمة. مستويات التفكير ميز الباحثون في مجال التفكير بين مستويين له هما: 1- تفكير أساسي: وهو النشاطات العقلية غير المعقدة التي تتطلب ممارسة إحدى مهارات التفكير الأساسية للمستويات الثلاث الدنيا: «المعرفة والاستيعاب والتطبيق». والمهارات الفرعية التي تتكون منها عمليات التفكير المعقدة كمهارات الملاحظة والمقارنة. 2- تفكير مركب: وهو مجموعة من العمليات العقلية المعقدة التي تضم التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتفكير فوق المعرفي، ويستخدم للإشارة إلى المستويات الثلاث العليا من تصنيف بلوم للأهداف التربوية والتي تضم مهارات التحليل والتركيب والتقويم. فتعلم التفكير الناقد يجعل من الأفراد مواطنين قادرين على إيجاد واقتراح الحلول المناسبة، وهو يجعل الأفراد أكثر قدرة على الإدلاء بآرائهم إزاء التصرفات والقرارات المختلفة بطريقة بناءة، مما يجعل لهم دوراً فاعلاً في المجتمع. من مهارات التفكير الناقد ــ الاستنتاج: وهو القدرة على إيجاد معلومات جديدة من المعلومات المتوافرة بالاعتماد على التشابه. ــ المقارنة بواسطة إيجاد التشابه والاختلاف بين مفهومين أو أكثر بعد وصف كل منهما وصفاً شاملاً. ــ التحليل: من خلال تجزئة البنود إلى أجزاء مهمة صغيرة ووصف كل منها. ــ الترتيب والتصنيف: بالاعتماد على معيار معين يتم ترتيب المفاهيم والأحداث بدلالة هذا المعيار. ــ اتخاذ القرار: حيث يتم ذلك من خلال التعرف على القضية أو المشكلة وفرض الفرضيات وتقييم مزايا ومساوئ كل منها بهدف الوصول إلى الخيار الأفضل. أما التفكير الإبداعي فيعرفه علماء التربية بأنه الأسلوب الذي يستخدمه الفرد في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار حول المشكلة التي يتعرض لها، «الطلاقة الفكرية» وتتصف هذه الأفكار بالتنوع والاختلاف «المرونة» وعدم التكرار، بل أفكار تتسم بالندرة، وإنها غير مسبوقة «الأصالة». وبالعودة إلى مهارات التفكير الإبداعي سالفة الذكر»المرونة، الطلاقة، الأصالة» يجب علينا ألا نغفل العصف الذهني، وهو مهارة من المهارات الأساسية التي تنمي التفكير وترتقي بالعقل وتوسع أفق الإدراك، وتزيد بممارسته من القدرة على توليد الأفكار في القضايا المختلفة علاوة على تيسير حل المشكلة التي يواجهها الفرد وذلك بعمل علمي منظم متقن. وتعرَّف جلسات العصف الذهني على أنها وسيلة للحصول على أكبر عدد من الأفكار من المشاركين لمعالجة موضوع معين من الموضوعات خلال فترة زمنية قصيرة. ومما هو جدير بالذكر أن القضايا التي يعالجها العقل البشري نوعان: أ ــ قضايا مغلقة لها إجابة واحدة صحيحة أو طريقة واحدة للحل، وتحتاج إلى نوع من التفكير المنطقي. ب ــ قضايا مفتوحة ليس لها إجابة واحدة صحيحة أو طريقة واحدة للحل، وعندما تحتمل إجابات متعددة، وتحتاج إلى نوع من التفكير الإبداعي، وهذه يصلح معها أسلوب العصف الذهني. النقد المباشر يفقد الثقة بالنفس ويتحدث صالح الجرمي عن أبرز المبادئ التي تقوم عليها طريقة العصف الذهني ويقول: 1- إرجاء التقويم، إذ لا يجوز في المرحلة الأولى تقييم الأفكار وتوجيه النقد إلى الفرد المتكلم، لأن ذلك يفقده الثقة في النفس، ويولد في نفسه الخوف والشعور بالتوتر، مما يعيقه عن التفكير الإبداعي والوصول إلى فكرة أفضل. 2- إطلاق حرية التفكير: ويتم ذلك بتوفير جو يسوده الهدوء والاسترخاء يشجع على التخيل وتوليد الأفكار، ويكون ذلك من خلال عدم التحفظ أو الخوف من النقد مهما كانت الأفكار غريبة وطريفة أو غير واقعية. 3- الكم قبل الكيف: أي الحرص على الحصول على أكبر قدر ممكن من الأفكار مهما كانت جودتها، حيث إن الأفكار غير الواقعية قد تثير أفكاراً أفضل لدى الآخرين. 4- البناء على أفكار الآخرين: أي الاستفادة من أفكار الآخرين لاكتشاف أفكار جديدة مبنية عليها. التفكير الإبداعي من الحديث عن استراتيجية العصف الذهني يقودنا حتماً إلى التحدث عن حل المشكلات، وهذا المفهوم يقصد به مجموعة العمليات التي يقوم بها الفرد مستخدماً المعلومات والمعارف التي سبق تعلمها، والمهارات التي اكتسبها في التغلب على موقف معين بشكل جيد. إن أسلوب حل المشكلات هو أسلوب يضع المتعلم في موقف حقيقي يُعمل فيه ذهنه بهدف الوصول إلى حالة اتزان معرفي، وتولد هذه الحالة دافعية يسعى المتعلم إلى تحقيقها، وتتم هذه الحالة في أغلب الأحيان عند وصوله إلى حل أو إجابة أو اكتشاف، لذلك يقولون في تعريف حل المشكلات بأنها كل نشاط عقلي هادف مرن يتصرف فيه الفرد بشكل منظم في محاولة لحل هذه المشكلة. بقي أخيراً أن أقول إن الله تعالى قد وهب الإنسان قدرات عظيمة واستعدادات جمة، لكن البعض لا يدركها، وآخرون قد لا يجدون من يوقظها في أذهانهم أو هم أنفسهم لا يريدون استثمار تلك الطاقات والملكات، مما ينتج عن ذلك ضعف تلك القدرات والملكات واضمحلالها مع الوقت، في حين لو تم استثمارها بالشكل السليم لكانت تاجاً للفرد وثروة للمجتمع، وهذا يبرز دور المنظومة المجتمعية في هذا المضمار إذ إن معيقات التفكير السوي ومهاراته المختلفة، وكذلك ميسراته كثيرة، حيث العوامل والظروف التي تحيط بالمتعلم، تلعب دوراً مهماً في عملية الإعاقة والتيسير كالأسرة والمعلم والمنهاج المدرسي والنظم التعليمية والمجتمع.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©