الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرح أبوظبي للشباب يعلن الانطلاقة نحو نهضة فنية شاملة

مسرح أبوظبي للشباب يعلن الانطلاقة نحو نهضة فنية شاملة
11 مارس 2012
لأن إضاءة شمعة أفضل من التذمر من الظلمة، ولأن أهل البيت أدرى بتفاصيله، فقد تداعت مجموعة من المسرحيين الشباب إلى إطلاق جمعية ناشطة أطلقت عليها مسمى مسرح أبوظبي للشباب، وذلك كخطوة واثقة على طريقة الارتقاء بالمسرح الإماراتي نحو الأفضل، وتأمين الوسائل الضرورية لإزالة العراقيل التي تعترض سبل العاملين في المسرح، خاصة الشباب منهم. الفكرة أبصرت النور على يد المخرج منصور الظاهري، وهو صاحب تجربة فنية مميزة، وقد أنجز الكثير من الأعمال المثيرة للاهتمام، وحاز عنها العديد من الجوائز، يعاونه العديد من زملائه العاملين في الحقل الفني، والطامحين إلى ذلك، وكانت الخطوة الأولى التي بادرت إليها الجمعية الناشئة هي الانخراط في ورشة عمل تدريبية حول شؤون التمثيل وشجونه، خاصة عن المسافة الفاصلة بين المسرح والسينما، وخصوصية كل منها، استضافتها أكاديمية نيويورك للفيلم السينمائي في أبوظبي، وضمت ما يقارب العشرين مشاركاً الذين أبدوا رغبة في صقل مواهبهم الفطرية من خلال الدراسة الأكاديمية المتخصصة، لا سيما حين تكون على أيدي متخصصين عالميين يملكون من الخبرة والتجربة ما يجعل من معطياتهم العلمية إضافة قيمة إلى المشهد الإبداعي الطامح نحو الأرقى. أيد خبيرة يوضح المستشار التسويقي في الأكاديمية المضيفة، علي شهاب، أن الورشة تقام تحت إشراف متخصصين، وتأتي في سياق الأهداف الأساسية التي اختطتها الأكاديمية لنفسها منذ نشأتها، والمتمحورة حول تطعيم المواهب المميزة بالدراسة المنهجية التي تساهم في تحصينها، وتطويرها، مشيراً إلى أن المشاركين لاحظوا، ومنذ الأيام الأولى، الفرق الجوهري بين القدرات الذاتية المجردة، وبين الإمكانات المستندة إلى مفاهيم علمية مثبتة. يضيف شهاب أن الأكاديمية التي تتبع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تحرص دوماً على تقديم الدعم والمساندة لكل المشاريع الهادفة إلى رفع سوية المنتمين إلى مختلف القطاعات الفنية، التمثيل خاصة، موضحاً أن فترة الدراسة تتواصل على مدى أربعة أسابيع يتعلم الطلاب خلالها مختلف الأشياء الضرورية لإتقان مهنة التمثيل، وذلك على أيدي خبراء أمضى بعضهم عقوداً طويلة في المهنة، وعمل مع نجوم عالميين، حتى لم تعد خبرته وتمايزه موضع شك أو تساؤل. وإذ يشير شهاب إلى أن الاهتمام الأساسي للأكاديمية يتركز على السينما، فهو يؤكد أن للمسرح نصيبه من الاهتمام كذلك، وبالرغم من الفارق الموضوعي القائم بين القطاعين إلا أنه تبقى هناك مساحة مشتركة يفرضها اعتمادهما معاً على المقدرة التمثيلية للشخصيات العاملة في إطارهما، لذلك كان بديهياً أن تقام ورشة تخص فريقاً مسرحياً في أكاديمية تتولى تعليم التقنيات السينمائية. استثمار الحماس من جهته، يقول عبدالعزيز الشامسي، وهو عضو مؤسس في مسرح أبوظبي للشباب، أن الهدف الأساسي من إنشاء هذه الجمعية يتمثل في مساعدة المسرحيين الإماراتيين على تخطي العقبات المهنية والتقنية التي تعترض طريقهم، واستثمار الحماس والإصرار اللذين يميزان الناشئين منهم في تحقيق إنجازات ذات جدوى وقيمة، هذا مع الحرص على أن يكون الحراك الإبداعي الذي يمارس المسرحيون الإماراتيون نشاطاتهم عبره متمحوراً حول التراث والتقاليد الإماراتيين، خاصة أن لدولة الإمارات الكثير من مخزون الإرث الذي تفخر به، والذي يمكن توظيفه في سياق نهضة مسرحية تعد بالأفضل والأرقى. ويشدد الشامسي على أن التعليم الأكاديمي هو بند رئيسي في جدول أعمال مسرح أبوظبي للشباب، لكن الجهد المنوي بذله من قبل المؤسسين لا يتوقف عنده، بل يتعداه نحو متابعة سائر التفاصيل المشكِّلة لجوهر العمل المسرحي من إنتاج وتحضير ومتابعات يومية بما يؤول إلى قفزة نوعية في مسار المسرح الإماراتي، من المتوقع أن يشهد المهتمون تداعياتها خلال مرحلة قريبة مقبلة. تجربة السنين يأتي المدرب نورمان شوارتز من وراء اثنين وثمانين عاماً أمضى معظمها في مهنة السينما، يقف في الكواليس مساعداً الممثلين على بلورة شخصياتهم المهنية، ومساهماً في مهمة تكاد تكون الأصعب في عالم الضوء، وهي صناعة الممثل، ويقول عن التجربة التي قادته إلى أرقى استوديوهات هوليوود وسواها من المؤسسات السينمائية العالمية: السينما صناعة، ينطبق عليها كل ما يسري مفعوله على الصناعات الأخرى، مثل الجودة والبراعة والدقة، وإن كان أحد لا يستطيع تخطي الموهبة وما تمثله على هذا الصعيد، فإن أحداً بالمقابل لا يمكنه التعامل معها بوصفها مفتاح نجاح الممثل، ودليلاً على ديمومة هذا النجاح. يتوسع محدثنا في الشرح مستعيداً تفاصيل عبرت في حياته المهنية الشائكة: بناء الممثل يستدعي الإحاطة العلمية الدقيقة بمكامن قوته، وبعوامل ضعفه أيضاً، ومساعدته على تقديم أفضل ما لديه من قدرات في خدمة موقف ما، هذه المعطيات كلها تستند إلى مواصفات علمية بحت، وإلى معايير دقيقة تقبل المفاضلة في ما بينها، لهذا أمكن أن يكون هناك الكثير من النجوم في عالم السينما، وأن يصير الممثل الرئيسي اليوم ممثلاً مساعداً في الغد، والعكس صحيح، هذا بعض ما نعلمه لطلابنا في الورشة، ونضعهم عبره على طريق الاحتراف، ليعلموا ما الذي يتعين عليهم فعله، وما الذي يجدر بهم تفاديه ليحققوا أحلامهم المهنية.. شوارتز يشير إلى ميزة مضافة بالإمكان استغلالها في التجربة موضوع البحث، وهي تتعلق بكون أكاديمية نيويورك للفيلم في أبوظبي تتولى إنتاج أفلام تعليمية، مما يعني أن الفرصة متاحة أمام المتدربين للدخول في تجارب مهنية، وذلك ليس متيسراً في غالبية الدول. رصد الإمكانات من ناحيتها تشرح المدربة ناديا فارس أن فترة أربعة أسابيع، وهي الفترة المخصصة للدورة، ضرورية لمعرفة الإمكانات التي يتمتع بها كل من الخاضعين للدورة، وتحديد الثغرات التي يجب تجاوزها سعياً وراء تشكيل بنية فنية متماسكة، والأهم هي فترة مهمة تتيح للمشاركين معرفة ما إذا كانوا مهيئين فعلاً لخوض غمار التمثيل، ورصد ما ينقصهم ليصبحوا كذلك. فارس تؤكد، من خلال تجربتها، أن مهنة التمثيل ليست كسائر المهن، بل هي تنطوي على قدر من الخصوصية لجهة مراوحتها بين الموهبة من جهة والتدريب والممارسة من جهة أخرى، لذلك فيمكن الجزم دون خشية من خطأ أنه يصعب الرهان على تطور مهني بغياب التفاعل والتواصل الكيميائي بين الممثل ومهنته. تضيف فارس أن بوسع التمثيل مساعدة الشخص على اكتشاف ذاته، كما يمكن للممثل الحقيقي أن يختبر المشاعر المختلفة المشكلة للذات البشرية، والتعايش معها حتى في إطار نظري دون حاجة للخضوع العملي لمناخاتها، والممثل الحقيقي يحتاج لأن يكون واثقاً من نفسه أساساً، وأن يكون مقتنعاً بقدرة المخرج الذي يديره أيضاً، ذلك أنه لا عمل ناجح دون تكامل كلي بين الأطراف المنتجة له، كذلك يتميز التمثيل عن باقي المهن الأخرى بكون الممثل ملزماً بالخضوع للحظة، مستوعباً دائماً وجود مسافة ما بينه وبين الشخصية التي يجسدها، ومستعداً دوماً لردم الهوة الفاصلة بين الواقع والخيال.. أبعد من الحياة توافق فارس على أن تفاصيل الحياة الراهنة تنطوي على قدر من التمثيل، فسلوكيات الإنسان المعاصر، وبفعل التعقيدات المعاشة، لا تأتي معبرة بدقة عن دواخله ونوازعه الحقيقية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تعاظم القدرات التمثيلية لدى كل منا، إذ قد لا يجد أحدنا إمكانية للتعبير بدقة عن شخصية محددة، وتقمص الانفعالات المنطقية التي تأتي على صورة استجابات للتأثيرات الحياتية المختلفة. أما عن مستلزمات الممثل فتقول فارس أنه يحتاج لدقة الملاحظة، ومتانة الذاكرة، وسعة المخيلة، أما العنصر الأساسي برأيها، فهو حسن استخدامه للحواس الخمس التي يملكها، وربما كان عليه أن يبتدع حاسة سادسة تتيح له فرصة التقاط مدى تفاعل المتلقي مع أدائه. أكثر من هواية بدوره يوضح عبدالله الريامي، وهو أمين صندوق مسرح أبوظبي للشباب، ومشارك في الورشة، أنه سبق له تأدية بعض الأدوار التمثيلية في السينما المحلية، كما شارك في بعض الأعمال الإعلانية، لكن المسرح ظل بعيداً عنه لاعتبارات شتى، ويضيف أن الورشة تعلم المشاركين فيها الفرق بين الممثل المسرحي ومثيله السينمائي، وتمنح الدراسة الأكاديمية مكانتها المستحقة في سياق المخاض الفني، حيث يتخطى التمثيل عبرها حدود كونه وسيلة لإشباع هواية، ليصير عملاً محترفاً يماثل الأعمال الأخرى التي يقبل عليها أصحابها بعد أن يكونوا قد درسوا تفاصيلها، واطلعوا على جوانبها الغامضة. منصة للقادم كذلك تشرح سارة الجنيبي، التي سبقت لها المشاركة في فيلم سينمائي إماراتي أنها تنوي المتابعة في خوض تجربتها السينمائية وصولاً إلى الاحتراف، لكن تجد من الضروري معرفة الفوارق بين المسرح والسينما، وهو بعض ما تقدمه الورشة التي تشارك بها، كما تمنحها الكثير من المعلومات التي تنوي تطبيقها في حياتها العملية.. من جانبها تؤكد اليازية الحمادي، وهي ابنة الفنانة فاطمة الحوسني، أنها سبقت لها المشاركة في مسلسل تلفزيوني سعودي، إنها متفرغة للتمثيل، وتنوي احترافه بالرغم من أن والدتها لا تشجعها على الأمر. وإذ تشدد اليازية على أن التلفزيون هو الذي يشكل حاضنة أحلامها المستقبلية، لكنها ترى أن مشاركتها في الورشة قد أكسبتها الكثير من المعلومات التي كانت غائبة عنها، والتي ستكون مساهمة بصورة أساسية في تعزيز حضورها المهني. نهضة المسرح أكد عبدالله بوهاجوس، وهو مشارك في عدد كبير من المسرحيات الإماراتية، أن نهضة المسرح تستدعي تعاوناً وتنسيقاً بين مختلف القطاعات المهتمة والمعنية من عام وخاص، مشيراً إلى وجود تعطش حقيقي في صفوف الشباب المهتم بالمسرح لقيام حركة مسرحية ناشطة، وذلك يستدعي التصدي لمختلف التفاصيل المساهمة في التشكيل المسرحي، والتي يجسد الممثل واحداً منها، وإن كان الأهم، فثمة حاجة للاهتمام بالكتابة المسرحية، وبالديكور والإضاءة والمؤثرات الوتية، وبتقنية الإخراج المسرحي كذلك، أي ببناء ما اصطلح على تسميته بالبنية التحتية للعمل المسرحي الذي لا يسعه النجاح دون توافر وتكامل هذه العوامل مجتمعة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©