الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنصف المزغني: تبدأ القصيدة بجمرة

المنصف المزغني: تبدأ القصيدة بجمرة
5 يونيو 2008 01:09
يتحدث الشاعر التونسي منصف المزغني عن الطقوس التي يعتمدها عند كتابة القصيدة فيقول: تولد القصيدة أحيانا في لحظات بعد أن تظلّ نائمة، ثم وفي لحظة لا اختارها تنتفض بداخلي لتسجّل ميلادها· أما قصائدي الطويلة فهي تبدأ بومضة أسارع بالتقاطها وتسجيلها على ورقة، وغالبا ما تأتي على شكل رديء، ولكني احتفظ بهذه الجمرة التي هي النواة الأولى التي يتشكل حولها القصيد··· ثم أنتظر· وولادة القصيدة هي بالنسبة لي تشبه ولادة المرأة، فليس هناك حرفية، إنما تتطلب جدلا بداخلي، ثم إعادة نظر في الفكرة الأولى الملتقطة والمسجلة· ويضيف المزغني: إنّ طقوسي عند الكتابة مرتبطة بطقسي الداخلي، فإذا كانت القصيدة موجودة وتندلع كالشرارة فإني أقولها، وإذا لم أجد ورقا عند لحظة انتفاضة القصيدة، فإني أكتبها بذاكرتي واعدّل واشطب بذاكرتي أيضا، وأحفظها، وفي أول فرصة تتوفر لي ورقة أدونها وأسجلها· وكثير من القصائد كتبتها في المطبخ، وبعضها تولعت الشرارة الأولى لها في المقهى، وبعضها في الشارع، وثمة قصائد تأتي عندما أكون بصدد القراءة: ترتطم الومضة مع ذاكرتي، فأغلق الكتاب وأذهب لكتابة القصيدة· إن الناس يستحمون كل يوم ولكن حمام ''أرخميدس'' هو الأشهر في التاريخ، وهناك مليارات التفاحات التي تسقط ولكن أشهرها تفاحة ''نيوتن'' لماذا؟ لانّ ''ارخميدس'' كان يغتسل ولكنه كان مهموما بمسألة فيزيائية، ''ونيوتن'' كان يتأمل سقوط التفاحة وفكرة الجاذبية ''نائمة'' في داخله، فلحظة طفو جسم ''أرخميدس'' ولحظة سقوط التفاحة هي لحظة الإبداع· كذلك حالي عندما أكون مهموما بمشهد أراه وكان نائما في أعماقي، عندها أحس بلحظة تشبه الحمى والهذيان والثرثرة وقول لا أعرف خاتمته، وبعد ابتعادي عن تلك اللحظة أنتبه إلى أن ما كتبته كان شيئا جميلا لا بد من رعايته أو يكون شيئا تافها، ولذلك فهي قصيدة صالحة للإجهاض لا للحضانة· فالمسألة كلها تتلخص كلها في جاهزيتي لقول شيء ما، والكثير من الحوادث والحالات التي مرت بي لم تثرني وأثارت غيري وبعض الأحداث الأخرى لم تثر غيري ولكنها أثارتني··· وأشعلت الشرارة التي تحولت الى جمرة ثم الى قصيدة· ويختم المزغني: وقد لاحظت ان الكثير من الشعراء اذا تقدم بهم العمر فإنهم يتعكزون على الضوء الإعلامي فيكتبون قصائد رديئة، وهذا خطأ وخيانة للإبداع، فالمرأة التي أنجبت عشرة أطفال لا يمكن ان نعتبرها أمّا محترفة لأن الطفل الحادي عشر سيمكث في بطنها تسعة أشهر· فالإبداع أمر جدي واذا تقدم الشاعر في السن فإن قوله يقل بينما الشاعر الشاب يظل يتدفق ويهذي حتى يقول الشعر· أما بالنسبة للكهل في مثل سني فإن عليه ان يكتب القصيدة التي لا مناص من كتابتها فقط· وليست العبرة أن يكون للشاعر قصيدة جديدة، وإنما العبرة ان يكون له قصيدة ولا بد أن نأخذ مسألة الإبداع بالجدية والصرامة والصناعة الضرورية لكل قصيدة، وهذه الصناعة تستوجب صناعة أخرى هي: صناعة إخفاق الصناعة·
المصدر: تونس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©