السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد الحفيظ عزيز: التحنيط أكثر من عملية حفظ

عبد الحفيظ عزيز: التحنيط أكثر من عملية حفظ
28 يوليو 2009 00:59
لا مستحيل في عالم الحيوان بعد اليوم، فقد صار بإمكانك معانقة الحيوانات المتوحشة والطيور الجارحة، والتقاط الصور الفوتوغرافية معها، ولكن إياك أن تزعم أمام الآخرين أنك بطل لا يعرف الخوف، لأنهم سرعان ما سيكتشفون أنك تعانق دمية أو تمثالاً أو حيواناً محنطاً، فما هو التحنيط ؟ وما أهميته؟ وهل يمكنك أن تحنط حيواناً عزيزاً فقدته؟ «الاتحاد» التقت المحنط الباكستاني عبدالحفيظ عزيز الذي يعمل في هذا المجال منذ ما يزيد على أربعين عاماً. وفي جعبته الكثير من الحكايا. بدايات يتحدث عبد الحفيظ عن بداياته مع التحنيط فيقول: «تعلمت التحنيط منذ صغري، حيث كان يعمل والدي في تحنيط الحيوانات بكلية حكومية في باكستان، وكنت أرافقه وأساعده وأتعلم منه، وعندما أتقنت التحنيط صار لي عملي الخاص في كلية الطب البيطري في جامعة بغداد، ولم أكن حينها أتجاوز العشرين من عمري». مشوار طويل يضيف محدثنا: «لقد تنقلت بين دول متعددة، للعمل وزيادة الخبرة لأن فن التحنيط بحر واسع له أسراره، التي مهما تعلمها الإنسان يشعر أنه لا يزال في البدايات.. فقد سافرت إلى ليبيا حيث عملت محنطاً لطلبة المدارس في وزارة التربية والتعليم، وكذلك عملت محنطاً لسنوات عدة في متحف طرابلس، إلى أن حصلت على منحة دراسية لمدة سنتين من الحكومة الأميركية تلقيت من خلالها دورات مكثفة في فن التحنيط الحديث، وترتيب هياكل الديناصورات وغيرها، فزادت خبراتي ومعارفي، ثم تنقلت مجدداً بين ليبيا ونيجيريا وأخيراً جئت إلى جامعة الإمارات، وعملت في متحف التاريخ الطبيعي فيها، أحنط للطلبة لما يزيد على عشر سنوات، ثم انتقلت إلى هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها في أبوظبي، ومنها إلى الدائرة الخاصة لأعمال الشيخ زايد «رحمه الله»، ثم إلى هيئة البيئة في أبوظبي وصولاً إلى متنزه العين للحياة البرية الذي أقوم فيه بعمل دورات تدريبية لطلبة المدارس والجامعات في فن التحنيط، بالإضافة إلى تحنيط الحيوانات النافقة في المتنزه». التحنيط وأهدافه يشير عبد الحفيظ إلى أن التحنيط ابتداع يوناني يُعنى بحفظ جلود الحيوانات، وهو ينطوي على أهداف تتمثل في الدراسة والتعليم بالإضافة إلى المحافظة على هيئات الحيوانات المنقرضة كالديناصورات، أو التي تعتبر في طريقها للانقراض، مثل وحيد القرن وغيره، ليتم عرضها في النهاية بالمتاحف. ويكشف عبد الحفيظ أنَّه توقف عن التحنيط بالأسلوب القديم الذي تعلمه من والده، لأنه يسبب أمراضاً قاتلة تصيب الجهاز التنفسي تسببها المواد الكيميائية التي تستخدم في التحنيط مثل النفثالين والفورمالين وغيرها، وتعلم التحنيط الحديث الذي يعتبر على الرغم من ارتفاع تكاليفه أكثر أماناً على الصحة، وأكثر دقة وتطابقاً مع الحيوان الحي. بين الجديد والقديم كما يشرح الفروقات بين آلية التحنيط بالأسلوب القديم والحديث فيقول: «كان التحنيط في الماضي مستنداً إلى عمل شق طولي في بطن الحيوان الميت، ثم سلخ جلده واستخراج أحشائه وجمجمته، ثم استخلاص ماء جسمه وتجفيفه بمواد تحنيط خاصة، يلي ذلك عمل شبكة معدنية داخلية، ثمَّ حشو فراغات الجسم بمواد الفلين أو القطن وغيره، قبل خياطة شق البطن. أما التحنيط الحديث فهو مدروس ودقيق حيث يتطلب أخذ قياسات دقيقة لكل عضو من أعضاء الحيوان بعد نفوقه، ومن ثم يُصار إلى عمل مجسم لهذا الحيوان من الجبس أو الطين أو البلاستيك بحيث يكون نسخة طبق الأصل عن الحيوان، وهذا يتطلب مهارة عالية في تشكيل الحيوانات، بعد أن يتم عمل قالب بحجم المجسم نفسه من الجبس أو الفايبر جلاس، وتُصب فيه رغوة البلاستيك أو الورق فينتفخ بسرعة ويزداد حجمه ويصبح قاسياً جداً. بعد فك القالب نحصل على مجسم أقوى من السابق للحيوان الميت، وبحجمه الطبيعي نفسه، ونكون قبل ذلك قد نزعنا الجلد عن الحيوان بعد أخذ قياساته، ثم نخضع هذا الجلد لعملية دباغة بأجهزة خاصة، والدباغة هنا لا تعني الصباغة بل التنظيف والتنقية من الروائح، بعدها نلبس الجلد للمجسم الأخير، ونخيطه بطريقه فنية بخيط وإبرة خاصين بهذا الغرض، ونركب للحيوان عينين اصطناعيتين مطابقتين للأصل». يأخذ عبد الحفيظ على الدول العربية عدم اهتمامها بالتحنيط بالشكل الكافي، ويعتبر أننا لا نزال في البدايات مقارنة بالدول الغربية التي تعقد الدورات والندوات والتجارب الكثيرة في هذا المجال، ويتمنى ختاماً لو يطرح التحنيط كمساق تعليمي يدرس في الجامعات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©