السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشجيع الحوار الديني

27 يوليو 2009 02:43
ينظر البعض إلى المملكة العربية السعودية كما لو كانت مجتمعاً مغلقاً لا يتمتع إلا بالقليل من التنوع. إلا أن الجهود الكبيرة التي بذلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مجال الحوار بين الأديان، بدأت تغير هذه النظرة المتجنية. فقد شكلت مبادراته الثلاث بين الأديان السنة الماضية (مناشدة مكة للحوار بين الأديان، ومؤتمر مدريد العالمي حول الحوار، ومؤتمر الأديان في مقر الأمم المتحدة بنيويورك) سابقة قوية للمملكة عالمياً ومحلياً كذلك. وقد شارك ما يزيد على خمسمائة عالم وزعيم ديني من كافة أنحاء العالم الإسلامي، بمن فيهم مفتي المملكة وأمين عام رابطة العالم الإسلامي، في مؤتمر مكة، حيث أظهر الجميع دعماً قوياً لجهود الحوار التي يبذلها الملك عبدالله. وفي يوليو من السنة نفسها، بدأ العاهل السعودي مؤتمر حوار الأديان في مدريد وناشد مع مضيفه، الملك الإسباني، الشعوب المؤمنة حول العالم دحر وجهات النظر المتطرفة وإيجاد أرضية مشتركة ورعاية روح الإسلام. أما المشاركون في مؤتمر نيويورك للأديان، فكانت غالبيتهم من الزعماء السياسيين وليس الدينيين. هذا النوع من الحوارات ضروري لحل النزاعات، خاصة عندما تكون هناك حاجة لتوقيع المعاهدات والاتفاقيات بين الشعوب. ورغم التركيز على حوار الأديان، يجب ألا نفترض أنه وحده قادر على حل النزاعات، فنحن بحاجة كذلك لحلول سياسية. لذلك يشير كثيرون بأصابع التحذير نحو نزاعات لم يجرِ حلها في كشمير وفلسطين والبوسنة وغيرها من المناطق، حيث تتداخل أدوار الزعماء السياسيين والدينيين، ويستمر التوتر والعنف. ومن الآراء السائدة، أنه يتوجب أن يتبع الحوار في هذه الحالات مسارين اثنين: أحدهما يهدف إلى إيجاد بيئة من التفاهم من خلال التناغم الديني، والآخر لحل هذه القضايا على المستوى السياسي. وقد نجحت السعودية حتى الآن في التركيز بشكل أكبر على الحوار الديني. ويشعر العديد من الزعماء الدينيين المسلمين بالتفاؤل بمبادرات الملك عبدالله، والتي صُممت لتحقيق قيم مشتركة عبر خطوط دينية. إلا أن للمشروع نُقاده الذين يرون أن جهوداً كهذه قد تُقلل الطابع الديني للمملكة. وتواجه السعودية حصتها من التحديات حيال التعددية، فهي مكونة بالدرجة الأولى من المسلمين السنة، والذين يتبع معظمهم المذهب السلفي المحافظ. وهناك أقليات مهمة من الشيعة والصوفيين والإسماعيليين. وإلى ذلك تتكون جاليات وافدة كبيرة من المسلمين والمسيحيين والهندوس وغيرهم. اتخذت الحكومة بعض الخطوات لمواجهة هذا التحدي، حيث عقد، برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، برنامج لتدريب المدربين عنوانه «تشجيع ثقافة الحوار» يوليو 2009. وقام 1200 مدرب، بمن فيهم خمسمائة من الإناث، ومعهم المفتي الأكبر ورئيس مجلس الشورى (البرلمان) ووزراء ومسؤولون حكوميون، ببحث كيفية تحسين الحوار في المملكة العربية السعودية، واقترح وزير الثقافة والإعلام تطوير قناة تلفزيونية جديدة متخصصة في مجال الحوار. وفي العام 2003، أسس الأمير عبدالله يومها «مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني»، بهدف تعزيز الحوار غير الرسمي بين الطوائف الدينية المختلفة في المملكة، ولضمان حقوق الأقليات الدينية. وقد شهد المركز تدريب ما يزيد على 150 ألف سعودي وسعودية من مختلف الأقاليم. ويتوجب على الحوار السعودي، من خلال البناء على المبادرات القائمة، اتخاذ مسارين متوازيين، أحدهما للزعماء الدينيين لبحث القضايا الدينية في غياب مصالح المسارات السياسية وصراع القوى، ومسار آخر للسياسيين للتركيز على النواحي القانونية والدبلوماسية. نستطيع من خلال تمكين الزعماء الدينيين والسياسيين أن ندعم حملة الملك عبدالله من أجل القيم المشتركة واحترام الاختلافات، ورعاية التعددية داخل المملكة وحول العالم. فهد الحمودي نائب عميد البحوث الأكاديمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -الرياض ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©