الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا.. استراتيجية جديدة للعمل الإنساني

19 مارس 2014 01:04
يفترض بالغزو الروسي لأوكرانيا أن يُنهي تماماً أوهام الإدارة الأميركية حول تعاون موسكو لوقف الحرب في سوريا، كما عليه أيضاً أن يحمل البيت الأبيض على بلورة استراتيجية جديدة للتعامل مع إحدى أقسى الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين والتي ما فتئت تتمدد من سوريا إلى باقي الدول المجاورة، ذلك أنه في غياب استراتيجية أميركية للتعاطي مع الوضع الإنساني المتردي ستتفاقم الأزمة الإنسانية وتسوء أكثر. ورغم إصرار المسؤولين الأميركيين على مدى السنوات الثلاث الماضية على انعدام الحل العسكري في سوريا، وتمسكهم بوهم أن روسيا ستقنع الأسد بفسح المجال أمام تشكيل حكومة انتقالية وتنظيم انتخابات حرة، إلا أن هذه الآمال كلها تحطمت على صخرة مباحثات «جنيف- 2» للسلام عندما رفض الروس الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد، وكما أن بوتين لم يتردد في استخدام القوة العسكرية في أوكرانيا لضمان بقاء حلفائه وعودتهم إلى السلطة، فإنه أيضاً سلح الأسد في سوريا وشجع نظامه على البقاء في السلطة والحفاظ عليها بأي ثمن. وهكذا سهُل الأمر على بشار الأسد للولوغ في دم السوريين والذهاب بعيداً في استعداده لارتكاب جرائم حرب وقتل المواطنين فقط للبقاء في الحكم، حيث حاصر المدن والبلدات، وجوع سكانها، واستهدف المدنيين من خلال قصف مناطق سكنية، دون أن ننسى استخدامه غازات سامة لقتل السوريين. ولم تتوانَ طائرات النظام، في سياق التشجيع الروسي والتقاعس الدولي، عن ضرب المدارس والمستشفيات، وسعت ميليشياته لقتل الأطباء في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، وكل ذلك مع إصرار الأسد على مرور المساعدات الإنسانية عبر آليات النظام ومن خلال الحكومة في دمشق، فيما تخشى وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا ومعها المنظمات الأخرى التي تنشط في مجال الإغاثة الإنسانية تحدي الأسد، لأن ذلك يعني منعها من العمل وإغلاق مكاتبها، والنتيجة أن المساعدات لا تصل أبداً للفئات الأكثر احتياجاً ما دام النظام يتحكم في التوزيع، ويبقى هدف الأسد من سياسة التجويع والمحاصرة إخلاء المدن والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة وتهجير سكانها إلى البلدان المجاورة، وبهذا الأسلوب يأمل الأسد في دفع المعارضة للاستسلام، ووقف المساعدات التي تقدمها بعض الدول العربية، وقد كان وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد ميليباند، الذي يرأس حالياً لجنة الإغاثة الدولية، واضحاً عندما وصف الحرب بأنها «من دون نهاية ودون سقف». لكن وبرغم الفظائع والأرقام المهولة المعبرة عن حجم الأزمة الإنسانية في سوريا يواصل بشار الأسد حربه على الشعب ليتجاوز عدد القتلى 130 ألفاً وليرغم 2.3 مليون سوري على مغادرة البلاد، وهو ما ترتب عليه أعباء مالية واجتماعية كبيرة على البلدان المجاورة أكانت العراق، أو تركيا، أو الأردن، أو لبنان، وفيما تزعمت الولايات المتحدة العمل الإغاثي في سوريا بتخصيصها حوالي 1.7 مليار دولار، إلا أن الأموال وحدها لن تعالج الأزمة المستفحلة، وهو ما دفع بمجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي تشمل الحزبين معاً وعلى رأسهم السيناتور روبرت كيسي إلى مطالبة أوباما بصياغة «استراتيجية جديدة للعمل الإنساني» في سوريا. وعن هذه الاستراتيجية قال السيناتور كيسي «لقد بات من الضروري تبني مقاربة أكثر حزماً»، مضيفاً أنه بسبب «المشاكل المتوقعة في عملية إيصال المساعدات إلى السوريين» فإنه يتعين إضفاء بعض القوة على القرار الأممي الأخير القاضي برفع الحصار عن المناطق المأهولة والسماح بوصول المساعدات عبر الحدود دون الحاجة للمرور عبر دمشق، وهو ما يقودنا إلى النقطة الثانية في دعوة السيناتور الأميركي التي يقول فيها إنه «بالنظر إلى حجم المعاناة علينا تغيير الدينامية في ساحة المعركة حتى نُنجح عملية الإغاثة الإنسانية ونخفف من معاناة الناس». وفي هذا السياق أكد السيناتور كيسي أن الوقت قد حان لضمان وصول السلاح إلى أطراف المعارضة التي يتم التحقق من توجهاتها المعتدلة وذلك حتى يتمكن الثوار من حماية المناطق المدنية والرد على نيران النظام في أفق تسهيل استفادة المدنيين من المساعدات الإنسانية الضرورية، ورغم الصعوبات التي تنطوي عليها عملية التسليح في ظل تشرذم المعارضة، إلا أنه لا بد من المحاولة، فبدون مساعدة حقيقية للثوار سيواصل الأسد قصفه للمدنيين بدعم وإسناد من موسكو وطهران، كما أنه سيوغل في تهجير الجزء الأكبر من السكان محملا الدول القريبة أعباء لا تطاق، لذا يتعين على إدارة أوباما التعجيل بصياغة استراتيجية إنسانية جديدة في سوريا قبل نجاح الأسد. ‎ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©