السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بقرة لكل أسرة في تهامة.. تهزم الفقر والزيادة السكانية

بقرة لكل أسرة في تهامة.. تهزم الفقر والزيادة السكانية
26 يوليو 2009 23:43
تؤكد تقارير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن قد يواجه زمناً عصيباً خلال العقد الثاني من القرن الحالي، جراء عدم كفاية الغذاء في ظل الزيادة السكانية الهائلة، وتدني موجودات الموارد الطبيعية، الأمر الذي سيضع الحكومة أمام تحدٍ كبير بمواجهة زحف الفقر إلى بيوت قطاع واسع من الناس. غير أن الأمر يختلف إذا عرفنا أن كل أسرة فقيرة في غرب اليمن -تحديدا تهامة- قد وجدت بصيصا من الأمل للتغلب على الفقر ولتعيش في أمان بعدما سلبت منها الأراضي الزراعية من قبل نافذين! وبعد أن ظل التغلب على المشكلة حلما بعيد المنال، حصلت كل أسرة على بقرة حلوب عوضا عن الأرض في هذه المنطقة حيث الأرض الزراعية تحولت بفعل فاعل من المالكين الحقيقيين والبسطاء إلى ملكيات خاصة لأشخاص يطلق عليهم وصف الكبار مما دفع بالأهالي إلى الإعلان عن الحراك التهامي لمواجهة العوز. «الحراك التهامي» يتطرق الأخصائي الاجتماعي عبدالرقيب عبدالله محمد، لموضوع سرقة الأراضي قائلا: «إذا قمنا بإحصاء الجهات المتحالفة في مكافحة الفقر في اليمن سنجد صعوبة من كثرة عددها، إلا أنها في المقابل ظلت الأبعد عن المعالجات الحقيقية للمشكلة، لأنها لم تستهدف إعادة بناء الأسرة اليمنية، وتحويلها من أسرة استهلاكية للمعونات إلى أسرة إنتاجية تكافح فقرها بنفسها من خلال المشاريع الصغيرة التي تقدمها لها الجهات الداعمة، والمشكلة تتفاقم حين تنهب أراضي المنتجين وتسخر لغيرهم إذ تبدو المصيبة أكبر كما حدث في تهامة». ويضيف: «زادت في تهامة عمليات نهب أراضي المزارعين وبرزت مؤخرا حركة تدعى «الحراك التهامي» المصاحب لحالات التعبير عن الرأي والموقف بكافة الطرق السلمية التي كفلها الدستور اليمني والتي تدفع أبناء تهامة للخروج نحو النضال السلمي لاستعادة أراضيهم بدلا من المغالطات والسلب». ويلفت عبدالرقيب إلى أن «المواطن في تهامة خرج من دائرة الصمت بعد معاناة الفقراء الذين اعتكفوا في دهاليز الأزمة الاقتصادية وشرع بالرفض لكل ما خلفته عوامل نهب أراضيهم بالإلغاء والتهميش والتجاهل من أضرار مادية ومعنوية مست كافة شرائح المجتمع التهامي». سلب ونهب تتخذ الحركة التهامية من القوانين النافدة ومن الدستور مسوغا لنشاطها المدني السلمي في المطالبة بأراضيها الزراعية وإعادة الحقوق المنهوبة والمسلوبة ورفع كافة المظالم عن المواطنين. يقول درهم الجراحي- مهندس زراعي: «إن الذين اغتصبوا ونهبوا أراضي وخيرات تهامة وأبنائها ليصبحوا قادة بما حصدوه يقابلهم آلاف من الناس الذين حرموا من مساحات شاسعة في تهامة، ومن أبسط مقومات الحياة الحرة والعيش الكريم، لتبقى تلك المساحات مسرحا للنهب ولعمليات التهريب من وإلى اليمن كتهريب السلع والمشتقات النفطية إلى تهريب البشر والحجر، ناهيك عن الخمور والمخدرات والحشيش وما خفي كان أعظم». في حين تكتفي الحكومة بالقول إنه «لديها برامجها التنموية وخططها الطويلة الأمد التي تعول عليها في مكافحة الفقر». إلا أن كثيرا من المعالجات ظلت إما دون سقف الإنجاز، أو رهينة ظروف مستقبلية، أو غير ذات جدوى. وحتى المعونات الغذائية التي تقدمها الحكومة لا يمكن تنميتها. تجربة رائعة لا يعدم الإنسان الأمل بالخير كما يقول التهامي حسن زين، ويضيف: «إن المرء هنا يقف أمام تجربة أهل الخير وهي تجربة رائعة كما يتحدث عنها زين ونفذتها مؤسسة «التواصل التنموية» من خلال مشروعها «بقرة لكل أسرة» إذ إنها تقوم منذ عدة سنوات بمساعدة الأسر الريفية الفقيرة من خلال دعمها ببقرة، لتكون أحد مصادر الغذاء اليومي، علاوة على أنها في غضون عدة أشهر ستتوالد، وتصبح لدى هذه الأسرة أكثر من بقرة فيتضاعف منتوج الألبان، وغيرها من التفاصيل التي لو تأملنا فيها جيدا لوجدنا أن هذه البقرة التي قدمتها «التواصل التنموية» لم تنقذ أسرة واحدة فقط، بل جيلا من الأبناء والأحفاد الذين سيتكاثرون في نفس الأسرة». يقول زين: «تكاليف البقرة الواحدة لا تتجاوز الثمانمائة دولار، ومن هنا أسأل «أين مساهمة رجال المال والأعمال اليمنيين، وكذلك أشقائهم العرب الذين يدعمون المشروع من الكويت والبحرين وقطر؟ وهل يقوم المسؤولون في وزارة الزراعة بتنفيذ مشاريع مماثلة لمشروع مؤسسة التواصل التنموية أو في نفس جدواها على الأقل لتغطية ما نهب من أراض»؟ شروط وإجراءات عن اختيار الأبقار وكيفية توزيعها على الأسر المستورة، يقول رضوان التهامي: «يتم اختيار الأبقار تحت إشراف بيطري متخصص وضمن مواصفات ومعايير تحددها المؤسسة لتتم الاستفادة منها وتتخذ مجموعة من الإجراءات والشروط عند التوزيع منها اختيار البيئة المناسبة لتنفيذ المشروع كالأودية والمزارع، وكذلك رغبة الأسرة في رعاية البقرة والاهتمام بها وأخذ الضمانات اللازمة على المستفيد». ويضيف التهامي: «تبرم عقود بين المؤسسة والمستفيد يتم اعتمادها من المجلس المحلي بالمديرية الموزع فيها المشروع، وفيه يتم تحديد كيفية تقسيم نسب بيع المواليد بين المؤسسة والمستفيد، فإذا كان المولود ذكرا فيتم بيعه بعد فتره لا تقل عن أربعة أشهر ويسلم للأسرة المستفيدة 60% والمؤسسة 40% لمتابعة وتشغيل المشروع وشراء أبقار جديدة وعندما يصل عدد المواليد من البقرة خمسة مواليد تصبح البقرة ملكا مطلقا للأسرة المستفيدة». أهداف متعددة يشير إلى أهداف المشروع محمد علي العنتري- مشرف المشروع في مؤسسة «التواصل التنموية»، يقول: «إن هدف المشروع هو العمل على دعم الأسر المنتجة وتفعيلها وحصولها على مصادر للدخل لتحسين ظروف معيشتها، فالمؤسسة سعت إلى خلق فرص عمل متعددة، وأساليب بناءة في التخفيف من الفقر كخطوة من خطوات التنمية البشرية المستدامة. ويضيف العنتري: «إن مشروع «بقرة لكل أسرة» في ريف محافظة الحديدة، من أهم المشاريع التي سعت إلى تنفيذها المؤسسة بتمويل من (منظمة الرحمة العالمية- دولة الكويت) وفاعلات وفاعلي خير من قطر والبحرين، وهو يعتمد على إعطاء الأسرة الواحدة بقرة (كوديعة) فتستفيد من منتجاتها من الحليب واللبن والجبن والسمن التي تعتبر مصادر دخل مهمة وأساسية لكل أفراد الأسرة». وتجري متابعة مستمرة وتقييم دائم يقوم به الكادر المتميز للمشروع المتمثل في المندوبين وفي الجانب الصحي عبر بيطريين لمتابعة الحالات الصحية ورفع تقرير شهري ومفصل عن كل حـالة. وبعد مضي ثلاث سنوات من تنفيذ المشروع، يتم عمل دراسة تقييمية وإحصائية للمشروع فتحققت نسبة نجاح تقدر بــ80%. وتتضح مدى الاستفادة من المشروع من خلال نتائج استفادة الأسرة من الألبان والسمن وبيع المواليد. وأكد المختصون أنه «تتم الاستفادة حتى من المخلفات التي تعتبر من العناصر الأساسية في سماد الأرض الزراعية وبناء المنازل. لذا يعتبر هذا المشروع من المشاريع التي تساهم بفاعلية في التخفيف من الفقر والحد منه ودعم الأسر المنتجة وإيجاد فرصة عمل كفيلة برعاية الأسرة، ويستحق هذا المشروع أن يسمى «مشروع أم الأسرة». لما توفره البقرة من منتجات ضرورية في حياة الأسرة الريفية».
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©