السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سطوة العنف.. الملونة

سطوة العنف.. الملونة
28 ابريل 2010 21:10
استمتع عشاق الفن بأحدث اللوحات الفنية التي أبدعها الشاعر والفنان التشكيلي المغربي المعروف عزيز أزغاي، هذا الشاب الذي كرّس حياته للشعر والرسم، فأزغاي حفر اسمه في مدونة الشعر المغربي والعربي بإصداره العديد من الدواوين الجميلة واللافتة نذكر منها: “لا أحد في النافذة “، و”كؤوس لا تشبه الهندسة”، و”رصاص الموناليزا يليه أكبر من قميص” كما شارك عزيز أزغاي في عدد من المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه. وفي معرضه “ممرات” الذي أقيم في رواق محمد الفاسي بالرباط، يطل علينا هذا الرسام/ الشاعر بأحدث لوحاته الفنية وهي تحمل بصمة هذا الفنان القوية والمحفورة بعمق، حاملة رؤيته الثاقبة تجاه العالم والأشياء فالشاعر أزغاي ينحت تفاصيل لوحته بروحانية تنهل من اليومي والسوداوي والمهمّش. لوحة أزغاي تلبس فيها القصيدة ثوبها الأسود وتحمل صراخها الأبدي. وقد أفاد عبد العزيز أزغاي من تجربته الشعرية ونهل منها الكثير من الرؤى. وقد منحته هذه الازدواجية ثراء كبيرا على مستوى التقاء الانفلاتات المشتركة بين الجنسين، وكذا القدرة الكبرى على تجاوز ما هو حسي إلى ما هو مجرد وغير ذلك مما تتيحه التجربة الشعرية في الكتابة. وهذا ما يؤكده الناقد الجمالي فريد الزاهي حين قال في كلمته الافتتاحية إن عزيز أزغاي يدخل “حثيثا إلى مجال الإبداع التشكيلي بعد أن مارس الشعر ردحا من الزمن؛ أو هو يلجه ويتجذر فيه لكي يجعل منه مقامه الوجودي. فبين القصيدة واللوحة ثمة تواشجات تسهو عنها اللغة وتقف عند عتباتها أحيانا، لتحول اللوحة مجازا إلى لغة. وإذا كان الشاعر يحمل ورشته بين دفتي ذاكرته فإن التشكيلي، وهو يطل علينا بين الفنية والأخرى كي تصدح فينا القصيدة، يغدو صاحب موطن أو مغارة يدعونا إليها لنتقاسم معه متعة وحرقة تكوُّن اللوحة، أو ليهب لناظرينا ما امتلأت به اليد في عز صولتها”. أعمال أزغاي الحالية تنتمي إليه إطلاقا، لأنها تخرج من عتمة ذاته وشروخها الدفينة. إنها نافذته التي فيها تتزاحم أحيانا المعاني من غير صخب، وتتراكب الدلالات من غير تناكر. وكأننا به يبني عالمه باستكناه طبقاته الخفية، ينثرها رذاذا على السطح ويسترسل في الحجب المتواصل... لعبة التغطية والكشط، الحجب والكشف هذه، لعبة يجعل منها الفنان مدخله الجمالي إلى تشكيل اللوحة. وهو يستعمل الماء كما المصور الفوتوغرافي كي “يكشف” عن الصورة... مستعيدا بذلك ذلك التعاضد الرمزي بين الماء والخلق، وبين الماء واللذة، وبين هذه الأخيرة والعنف والألم... إنها حركية مائية تخضع كل شيء للجة التفاعل والتداخل، والتحول والانبثاق، بما يكفي لكي نلامس معه تخوم النور... ويرى فريد الزاهي أن الصراع مع المادة وفيها يحول اللوحة لدى أزغاي إلى حلبة لاستدعاء المعاني الخفية، تلك التي تكاد لا تستجلى ولو بفاحص النظر، أو بالأحرى تلك التي لا تستنبط إلا في غيوم الوجدان. هذا الطابع العنيف، المأساوي أحيانا، هو ما يضعنا بين الفينة والأخرى أمام فضاء شبه سديمي، تكاد العين لا تقف فيه إلا على صحراء وتموجات المادة اللونية، وأشباح المعاني وأطياف الكينونات الهاربة. والحقيقة أن هذا النزوع أكثر ملاءمة لأزغاي وأشد مفارقة لمنزعه الشعري. هذا المنزع المتولع بتقلبات وانقلابات الأشياء يجد مقابله هنا في حضور اليومي بعناصره العادية والرمزية، الذاتية والغيرية، من الكأس إلى “الحرف”، ومن السلم إلى المنار.... إنه يومي يتخذ شيئا فشيئا طابعا متساميا بل متعاليا، بحيث نشهد في اللوحة منحى يدفع بالأشكال نحو التسامق وتسلق سماوات الروح.. ولو أن اللوحة أحيانا تنحو نحو الامتلاء والفيض، ولو أن المساحات تتجدول فيما يشبه البُحّة، فإن الاشتغال على اللون في تساوق مع الشكل يعتبر أيضا مدار التجربة التي يخوضها أزغاي بالكثير من الجموح وبطابع مأساوي خصيب يبيح له أن يعري عن ذاته في شبه اعتكاف واستبطان ستظهر آثارهما الفنية الكلية بصورة أوضح...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©