الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصائد وتجارب وعثرات

28 ابريل 2010 20:59
أكد شاعر العامية المصري سيد حجاب الملقب “بالمناضل” في ندوة “ابداعات شعراء العامية في مصر منذ الستينيات” أن الشعر العامي المصري هو أحد ابداعات الثقافة العربية المحكية باللهجة العامية المصرية منذ عقود. وأرجع سبب تعلقه بالشعر العامي إلى اغاني الصيادين ومكتبة أبيه وقال: انا شاعر على باب الله والوطن والانسانية وبيئتي التي ولدت بها وبالتحديد في مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية لأب أزهري وأم تجيد القراءة والكتابة كان لها أبلغ أثر في حبي للقراءة خاصة أن بداياتي التعليمية شهدت حبسي في البيت بسبب انتشار مرض الكوليرا فالتهمت مكتبة أبي وكانت عامرة بأمهات الكتب التي رغم قراءتي لها لم أفهمها الا عندما عدت لقراءتها في الكبر. واضاف: الشعر بدأ بداخلي كنوع من التحدي بسبب المطارحات الشعرية التي كان يعقدها أبي في البيت معي ومع أخوتي وهو نوع من المبارزة الشعرية التي تبدأ بالقائه بيتا وعلى الذي يليه أن يقول بيتا آخر بشرط أن تبدأ حروفه بآخر حرف في البيت السابق. وعندما لم تكن الذاكرة تسعفني كنت ارتجل بيتا ثم بدأت كتابة أول قصيدة وكانت عن مقاومة الاحتلال وأنا في الحادية عشرة من عمري عندما قتل طفل في مثل سني عقب إحدى العمليات الفدائية طالبت فيها بالجلاء التام ثم تطور الامر معي عندما علم أبي أنني اكتب شعرا وقال انني شاعر بالسليقة ولدي موهبة يجب أن أنميها بالدراسة ليبدأ تعليمي قواعد العروض. وقال: وفي مدرسة أحمد ماهر الثانوية كان ثاني درس تلقيته على يد استاذ الرسم وكان مشرفا على الفرق الرياضية وكان يجمعنا في غرفته ويسمعنا اسطوانات الموسيقى لكبار الموسيقيين في العالم وأحيانا يعطينا درسا عن الفن التشكيلي وعندما لاحظ انني اكتب شعرا أخذ كراستي وعرضها على استاذ اللغة العربية قائلا انه لا يفهم في الشعر وسوف يساعدني بعرضها على مختص وعلمني درسا بأنه ليس من العيب أن يقول الكبار إنهم لا يفهمون في مجال ما بل الخطأ أن يتحدثوا فيما لا يعرفون، ثم قال لي عندما أعاد لي كراستي الشعرية بعدما اثنى عليَّ مدرس اللغة العربية، انه ينصحني ان لا أكتب فقط عن المشاعر الانسانية لأن أول قصيدة سوف تكون جميلة والثانية أحسن وفي الثالثة سوف أتحول الى صنايعي بدلا من اكون فنانا. ثم وجهني الى كتابة قصائد عن الصيادين مؤكدا أن داخل كل واحد منهم مشاعر تكفي لكتابة 10 قصائد وهو ما نفذته خاصة إنني أنتمي لفرع العائلة المتعلم بينما كان هناك فرع آخر من الصيادين الذين كانوا لا يجيدون القراءة والكتابة الا انهم كانوا يملكون كنزا من تجارب ومعارف اكتسبوها من رحلات الصيد اليومية في البحيرة. وهو ما جعل همومهم أحد مصادر شعري الاساسية ثم دخلت مرحلة أخرى بدأت مع التحاقي بكلية الهندسة بجامعة الاسكندرية التي كانت تعج في ذلك الوقت بالعديد من الاتجاهات الفكرية والوان الفنون كالمسرح والموسيقى وفن الباليه. وأضاف سيد حجاب: في مدينة الاسكندرية تفتحت عيني على اشعار صلاح جاهين لدرجة أنني سافرت خصيصا الى القاهرة لأقابله في أحد المقاهي الثقافية وهو ما تكرر مع الشاعر بيرم التونسي لكنني تراجعت عن لقائه بعد ما وجدته دائم التبرم. وفي تلك المرحلة تميزت اشعاري بانها مزيج بين الفصحى والعامية الى ان ركزت على شعر العامية لتكون أولى قصائدي بعنوان “الفجر آذن” وبينما كانت القاهرة تشدني بندواتها الثقافية شاء القدر ان التقى بشاب اسمر صعيدي يدعى عبدالرحمن الابنودي ارتبطت معه بصداقة قوية وتبادلنا القراءات النقدية في الندوات الثقافية وبعدها قدمني الدكتور محمد مندور في برنامج اذاعي لقي اعجابا كبيرا. وقال الشاعر سالم الشهباني ممثل الاجيال الشابة من شعراء العامية في مصر انه لا يستطيع أن يحكم على جيله من شعراء العامية الجدد من أمثال محمد خير ورامي يحيى بعكس جيل الستينيات من شعراء العامية الذي نستطيع معرفة همومهم وأفكارهم ومقارنة ما انتجوه بالظروف التي كانت تمر بها مصر في تلك الفترة سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية. وأضاف انه يدين لتكون جينات الشعر العامي فيه لبيئته البدوية في جنوب سيناء التي نشأ فيها حيث كانت التجمعات البدوية تشهد ارتجالات شعرية في الافراح والاعياد باللهجة البدوية ولا يزال يتذكر والده حينما أخذه في أول أيام دراسته الابتدائىة قائلا له بلهجته البدوية بيت شعري يعني ضرورة تذكر طريق الذهاب والعودة من والى المدرسة لانه لن يأتي معه مرة أخرى ليريه الطريق. واشار الى دور الشارع القاهري في صقل موهبته الشعرية حيث انتقل إلى العاصمة ليكمل تعليمه. موضحا ان عبارات السجع التي يستخدمها الباعة الجائلون لترويج بضائعهم ولفت نظر المارة كانت تستهويه بدرجة كبيرة. وقال الشهباني أنه يعتبر نفسه وجيله من المحظوظين بسبب اختراع النت والفيس بوك الذي مكنه من التواصل وعرض الابداعات إلا أن تلك الوسيلة كان لها مردود سلبي تمثل في انتشار المعروض من الشعر بدرجة جعلت من الصعوبة في كثير من الاحيان معرفة الجيد والرديء. وأكد انه انتج خلال الفترة الماضية ثلاثة دواوين في الشعر العامي أولها بعنوان “ولد خيبان” حول حياته الجامعية والثاني “الملح والبحر” ويتناول البيئة وحياة أهل الدلتا والثالث عن شهور السنة القبطية. مضيفا انه في اعماله تأثر بمثلث الرعب في الشعر العامي المكون من فؤاد حداد وبيرم التونسي وصلاح جاهين. وقال الشاعر مسعود شومان أن مدينة الشعر سوف تظل دائما خربة لانها تخضع لعمليات الهدم والبناء لاننا مفرطون في تقديرنا لإنفسنا مما جعلنا نغفل شعراء عظام ساهموا فيما وصلنا اليه من تطور وكلنا يعرف رباعيات صلاح جاهين كأحد أشهر نماذج الشعر العامي رغم ان هناك العديد من الشعراء الذين أجادوا تأليف الشعر العامي في مصر مثل فؤاد قاعود. واضاف: تجربتي الشعرية بدأت على يد محفظ القرآن في مدينة شبين القناطر وهو لم يكن محفظا فقط ولكنه كان حريصا على تعليم آداب الاسلام في مجموعة من الحكايات. وفي المرحلة الاعدادية بدأت كتابة الشعر العامي بكلمات ساذجة في بنت الجيران وفي الثانوية قابلت أحد اساتذتي الذي لمس موهبة لدي فحرص على تعليمي العروض لكي اتمكن من وزن الابيات موسيقيا. ثم التحقت بكلية الحقوق وتعرفت على الكبار في مجال الشعر العامي وسجلت رسالة الماجستير في مجال الفلكلور وشعرت من خلالها بمدى الظلم الذي يتعرض له شعر العامية لصالح شعر الفصحى لدرجة اننا لا نجد دراسات تجمع الشعر العامي في مصر رغم اهميته حيث يدخل ضمن ثقافة الموروثات الشعبية والتي من خلالها استطيع تفسير شفرات العبارات التي تقولها أمي ببساطة وبلا دراية بأصلها لذلك أعتقد أننا في حاجة لاستعادة خريطة شعر العامية في مصر لانه من غير الممكن ان نفقد التراث الشعري لبيرم التونسي وفؤاد حداد. وقدم الشاعر محمود الشاذلي نفسه على انه يمثل جيل السبعينيات من شعراء العامية في مصر قائلا: ملامح هذا الجيل من شعراء العامية تميزت بالإندماج في الحركة الوطنية والمشاريع القومية في ذلك الحين وعبرت عن آلام واحلام البسطاء من المواطنين. مشيرا إلى ان تجربته في تأليف والقاء الشعر العامي بدأت على يد الشاعر سيد حجاب بالتحديد حيث تخصص اولا في القاء الشعر بالفصحى. الا انه بعد قراءته لديوان “الصياد والجنية” غير وجهته الى تأليف الشعر العامي الذي شعر بأنه الاقوى في التعبير عما بداخله من أفكار وهموم. مضيفا ان مسيرته مع الشعر العامي انقطعت لعدة سنوات بعد ما تلعثم أمام جمع من شعراء العامية في القاء قصائده وكان بينهم سيد حجاب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©