الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجدة عيدة» أفضل تلميذة في الوطن العربي

«الجدة عيدة» أفضل تلميذة في الوطن العربي
28 ابريل 2010 00:41
وقف الحضور عن بكره أبيهم شيباً وشباباً، نساءً ورجالاً “إكباراً وتقديراً” لهذه المرأة النموذج، التي اختارت التعليم ميداناً لمعاركها مع الحياة ، ومسرحاً لإبداعها الفطري، وفي اللحظة التي أعلن فيها عريف الحفل عن اسمها وجائزتها كأفضل “تلميذة” على مستوى الدولة والوطن العربي في مجال تعليم الكبار. في هذه اللحظة كان الأمر عادياً، وما أن ذكر أن عمرها (63 عاماً) حتى “دوّت” قاعة مركز دبي للمؤتمرات بالتصفيق. انتزعت الوالدة عيدة هديب مبارك محمد الظنحاني الطالبة بالصف الأول الإعدادي بمركز تعليم الكبار بدبا الفجيرة، الإعجاب والتقدير من الحاضرين. وكانت عيدة في شموخها مثل الجبال الرواسي لحظة تسلمها الجائزة من سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية. لم تكن رحلة الأمانة العامة للجائزة سهلة في التنقيب عن مثل هذا النموذج الذي يبعث فينا الأمل، وخاصة في أجيالنا الجديدة من النشء الذين تقل دافعيتهم يوماً بعد يوم للتعليم. نعم فقد أخذت “عيدة” على عاتقها أن تكد وتكدح في صمت، ونجحت جهود التنقيب بالوصول إلى مثل هذا النموذج الذي اختار السكون بعيداً عن الشهرة. وعلى الرغم من أنها خاضت تجربة ثرية في حقل التعليم قدمت خلالها للوطن ثلاث “مبدعات” هن بناتها منهن مهندسة ومعلمتان، وجميعهن سجلن مراتب علمية متميزة في رحلة التعليم ، إلا أنها “آثرتهن” على نفسها، وقادتهن إلى العلا. تضحك الوالدة عيدة وتقول “لا تصدق أنني امرأة حديدية، أو أن رحلة التعليم عندي تمضي مثل السكين الحاد في قطعة الجبن”، هذا غير صحيح، فأنا في النهاية طالبة وتلميذة مجتهدة”. وتابعت “كثيراً ما مرت عليّ أيامٌ يأكلني فيها القلق خوفاً من هذا الامتحان أو ذاك، فأنا متميزة في اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والجغرافيا، والتاريخ، والاجتماعيات، ولكن تواجهني صعوبة كبيرة في اجتياز اللغة الإنجليزية، والرياضيات”. وأكدت “بمساعدة بناتي داخل المنزل، وأيضاً وقوف المعلمات إلى جانبي أشعر بأنني أمتلك زمام المبادرة تجاه هاتين المادتين لدرجة أنني أتحدث الإنجليزية الآن بكثير من الثقة على عكس بعض زملائي وزميلاتي من الأحفاد والحفيدات من طلبة المدارس الحكومية!” عيدة حفظت القرآن الكريم منذ صغرها، وكانت تعلمه للصغار، ومع انشغالها بعائلتها ورعاية أسرتها عملت في وزارة التربية والتعليم كـ “عاملة بسيطة” في إحدى المدارس. اختارت هذه الأم لنفسها أن تكون إلى جانب منارة العلم حتى ولو لم يكن معها قلم أو قرطاس. وتمضي السنوات الطويلة ورحلة الحياة ومعها تنجز بناتها الثلاث مراحل علمية تلو الأخرى حتى حصلن على شهادات جامعية عليا في الهندسة والتربية وما زالت بعضهن تواصل دراستها العليا في الماجستير. وببلوغ بناتها إلى مراتب تعلمية عاليه راود الأم حنين إلى مقاعد الدراسة التي كانت بالنسبة لها “كالبستان” ترعاه كل يوم صباحاً ومساءً، عندما تستقبل الطلبة في باكورة الصباح محملين بالأمل، وتربت على أكتافهم عند الظهيرة أثناء انصرافهم من المدرسة. قالت الوالدة عيدة: يكفيني من التعليم هؤلاء الأبناء والبنات الذين يزينون راية الوطن بجدهم وعطائهم. وبعد سنوات وفي مركز دبا الفجيرة لتعليم الكبار وجدت الأم ضالتها، وبدأت السلم من جديد. لم تلق بالاً لهؤلاء الذين حاولوا “جداً أو هزلاً” أن يفتوا من عضدها، ومضت في طريق العلم متسلحة بما أنعم الله عليها به من حفظ القرآن الكريم، وأحاديث نبوية شريفة. وخلف ستارة مسرح قاعة المؤتمرات في دبي لقنتني أمي عيدة درساً جديداً قائلة “ما أجمل أن يحتوي صدرك حلماً، وما أجمل أن تجاهد نفسك لتحقيق هذا الحلم”. وأضافت “هذا بالضبط ما حدث معي في رحلتي للتعليم، فأنا اليوم على مشارف الثالثة والستين من عمري، وأشعر أنني لا زلت “ابنة 14 عاماً” فقد حباني الله بالحيوية وحب الناس والتواصل معهم”. وأوضحت “أسعد لحظات حياتي هي عندما أجلس على طاولتي داخل الصف وأجد أن معلمتي في الصف واحدة من التلميذات اللاتي تخرجن على يدي قبل أعوام”.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©