الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقوبات ضد روسيا.. زخم يتراجع

6 يونيو 2016 00:27
كلما اقترب موعد تجديد عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، تنتعش التكهنات بشأن ما إن كانت بعض البلدان قد تخرج عن الإجماع الأوروبي وتصوِّت ضد القيود المالية والتجارية التي يفرضها الاتحاد على روسيا. ولئن كان الأرجح أنه لن يكون ثمة منشقون عن هذا الإجماع الأوروبي هذه المرة، فإن تخفيف القيود محتمل ووارد جداً في المستقبل القريب. في ديسمبر الماضي، جرى تمديد العقوبات إلى الحادي والثلاثين من يوليو. عقوبات تشمل حظراً على سفر بعض المسؤولين الروس وأصدقاء الرئيس بوتين وتجميداً لممتلكاتهم، إضافة إلى قيود على الوصول إلى أسواق القروض بالنسبة لبعض الشركات الروسية. وهذا الشهر سيبحث الاتحاد الأوروبي تمديد العقوبات لستة أشهر أخرى. ورسمياً، هناك أسباب وجيهة لتمديد أوتوماتيكي للعقوبات؛ فاتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في مينسك، التي يطالب الاتحاد الأوروبي روسيا وأوكرانيا بتطبيقها قبل رفع معظم العقوبات، ما زالت معطلة، وما زال ثمة قتال يومي، والشروط السياسية -أن تنهي روسيا دعمها للتمرد في شرق أوكرانيا، وأن تمرر أوكرانيا تشريعاً لجعل الانتخابات ممكنة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون- لم يتم استيفاؤها بعد. لكن بوتين لا يبدو أنه سيتزحزح عن موقفه قيد أنملة، ففي اجتماع لمجلسه الاستشاري الاقتصادي مؤخراً، قال وزير المالية السابق أليكسي كودرين للرئيس إن الوقت حان لـ«تخفيف التوتر الجيوسياسي»، مضيفاً أن البلاد أخذت تتأخر اقتصادياً وتكنولوجياً، وأنها في حاجة لأن تكون جزءاً من سلسلة القيمة العالمية. لكن بوتين كان مختلفاً بشدة مع هذا الرأي وقال لكودرين إن روسيا لن تبيع سيادتها، وإن الشركات الأجنبية ستواصل الاستثمار في روسيا إنْ شعرت بأن ذلك سيعود عليها بالربح. والواقع أنه لأكثر من عامين، ومنذ أن أمر بضم القرم من أوكرانيا، يأمل بوتين أن يهدأ غضب الغرب في الأخير، ويرفع العقوبات، ويستأنف علاقاته العادية مع روسيا، لكن تلك الآمال تحطمت، حتى الآن، بسبب الموقف المتشدد للإدارة الأميركية، التي تنظر إلى العقوبات باعتبارها رادعاً ضد مزيد من الاعتداءات الروسية، وبسبب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي غضبت من معاملة بوتين لأوكرانيا، غير أن هاتين العقبتين أخذتا تتآكلان وتضعفان اليوم. فواشنطن تشعر بخيبة أمل بسبب تصلب أوكرانيا، ذلك أن فيكتوريا نولاند، المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية المكلفة بالعلاقات مع أوكرانيا، التقت مع المعارضة عدة مرات عندما كانت تدفع المسؤولين والمشرِّعين لتطبيق الجزء الخاص بهم من اتفاق مينسك، لكن النخبة الأوكرانية لا تصدق أن بوتين سيفي بالجزء الخاص به من الاتفاق، وهذا التصلب، إلى جانب أزمة أوكرانيا السياسية المستمرة، والإصلاحات الاقتصادية غير الكافية، وتفشي الفساد، أدى إلى تقلص الدعم في واشنطن، وإلى ذلك، فإن المؤسسة الأميركية منشغلة بالانتخابات الرئاسية هذه الأيام. ومن جانبها، فقدت ميركل الكثير من الرأسمال السياسي اللازم لتمويل مواقفها التي تحكمها المبادئ. فمن أجل كبح تدفق اللاجئين السوريين على ألمانيا، أبرمت ميركل اتفاقاً أوروبياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا تختلف سياساته الداخلية كثيراً عن سياسات بوتين. والحال أن الوقوف في وجه بوتين يبدو للألمان نوعاً من أنواع «الكيل بمكيالين»، سواء سياسياً أم اقتصادياً. وإلى ذلك، فإن شركاء ميركل الأصغر في الائتلاف الحكومي، الديموقراطيون الاجتماعيون، بقيادة وزير الاقتصاد سيجمر جابرييل، لطالما آثروا تخفيفاً للعقوبات المفروضة على روسيا. واليوم، ووفق مجلة «دير شبيجل» المؤثرة، فإن مكتب ميركل ربما بات مستعداً لتخفيف العقوبات جراء ضغط الشركات الألمانية. تخفيف قد يشمل، مثلاً، السماح للمسؤولين الروس بالسفر إلى أوروبا، أو تمديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات لفترة ثلاثة أشهر فقط بدلاً من ستة، ما يترك الباب مفتوحاً لتسوية مبكرة للنزاع. وفي هذه الأثناء، يبحث كل من الكريملين وشخصيات أوروبية مؤثرة عن سبل للشروع في تخفيف التوتر بدون فقدان ماء الوجه، ولئن كان من شبه المؤكد أن العقوبات سيتم تمديدها –إذ لا يريد أي بلد الانشقاق حول هذه المسألة في وقت توجد فيه على أجندة الاتحاد مواضيع أكثر خطورة، مثل أزمة اللاجئين والاستفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب منه– فإن تخفيف العقوبات يبدو مرجحاً في الأشهر المقبلة. *محلل سياسي روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©