الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نهاية حرب «سوات»... بداية جديدة في باكستان!

نهاية حرب «سوات»... بداية جديدة في باكستان!
25 يوليو 2009 00:53
قبل شهور قريبة جداً بدت باكستان وكأنها على وشك الانهيار. فقد عزز مقاتلو حركة «طالبان» شوكتهم وقبضتهم على الإقليم الشمالي من البلاد، بينما بدأوا زحفهم إلى عمق الأراضي الباكستانية، بشن هجمات قاتلة في أنحاء متفرقة منها. لكن، ورغم تحسن الوضع الأمني في وادي سوات بفضل الجهود الحربية التي بذلها الجيش الباكستاني هناك، فإن النجاح الذي حققه الجيش في وادي سوات، ترك تأثيراته على توازن القوى السياسية الضعيف أصلاً في باكستان. ويذكر أن حكومة إسلام آباد المدنية، كانت قد أجرت تصويتاً بين أعضائها على التنازل عن سلطتها على وادي سوات لحركة «طالبان» في شهر أبريل الماضي، ضمن آخر مسعى لها للحد من معدلات العنف هناك. وإثر ذلك التنازل الحكومي مباشرة، أعلنت «طالبان» تطبيق الشريعة الإسلامية، وأغلقت مئات من مدارس البنات، وبثت عبر شبكة الإنترنت صورة فيديو لتنفيذ حكم الجلد على فتاة دون سن العشرين أدينت بارتكاب جريمة الزنا، ما أثار رعب الجمهور الباكستاني والدولي على حد سواء. ومما نشر من أخبار مرعبة عن وادي سوات، جز رؤوس العديد من أفراد قوات الشرطة المحلية. ولم تكتف حركة «طالبان» بإقليم سوات، بل واصلت زحفها نحو إقليم «بونر» الذي لا يبعد عن العاصمة إسلام آباد سوى 60 ميلاً. عندها ارتفعت احتجاجات وانتقادات الشارع الباكستاني لما رأى فيه المواطنون تقاعساً واضحاً من جانب الجيش في محاربة عدو داخلي تقوى شوكته يوماً إثر الآخر، في مقابل إطالة مواجهة عسكرية لا معنى لها مع عدو خارجي هو الهند. بل اشتدت انتقادات المراقبين والمعلقين في الداخل والخارج للدعم السري الذي قيل إن الجيش الباكستاني وأجهزة مخابراته يقدمانه لحركة «طالبان» وغيرها من الجماعات الإرهابية الأخرى، بقصد إثارة التوترات مع الهند. غير أن إدارة أوباما تمسكت بفرض شروط وقيود على استمرار المساعدات العسكرية المقدمة لباكستان، ورفضت التوقيع على شيك مفتوح لإسلام آباد، خال من القيود والالتزامات التي يجب أن تفي بها هذه الأخيرة. عندها كان قد بدا الجيش الباكستاني وكأنه تحول إلى خطر داخلي يهدد بدمار باكستان، جراء تزايد نفوذه وتضخم ميزانيته الحربية. استجابة منه لتلك الاحتجاجات والانتقادات، وعلى إثر وقوع هجمات عديدة على منشآته وجنوده، بدأ الجيش عمليات مكافحة التمرد في وادي سوات، في شهر مايو المنصرم. وبحلول شهر يونيو تمكن من فرض سيطرته على عدة مدن في الإقليم، وأوشك على تحقيق نصر حاسم على مقاتلي «طالبان» في الإقليم، ليعلن نهاية عملياته خلال شهر يوليو الحالي. وقد قوبل هذا الجهد الحربي بعاصفة من التغطية الإخبارية. فمن ناحية، هناك تنامي القلق على أوضاع نحو مليوني لاجئ من الذين خلفتهم الحرب. ومن الناحية الأخرى نال الجيش ما يستحقه من ثناء على الجهد الذي بذله في خوض الحرب الصحيحة، أي الحرب ضد «طالبان». لكن، ورغم تحسن الوضع الأمني في إقليم وادي سوات، تظل معضلة باكستان الرئيسية تراوح مكانها: فمنذ تأسيسها، حافظ الجيش على نفوذه السياسي الذي مكنه دائماً من منافسة الحكومات المدنية في إسلام آباد. وبسبب ما حققه من إنجازات حربية في وادي سوات، فمن الواضح أن ميزان القوى السياسية يميل الآن لصالح الجيش مرة أخرى. وعليه فلم يتضح بعد ما إذا كان الجيش سيكون راغباً في العودة إلى ثكناته العسكرية، بعد زوال غبار المعارك التي دارت مؤخراً في وادي سوات. فالمعروف عن الجيش أنه ينتزع السلطة بقوة الانقلابات العسكرية في كل مرة يحدث فيها اختلال لميزان القوى السياسية لصالحه. وكانت آخر هذه المرات عندما بدا الجنرال برويز مشرف وقواته آخر أمل لإنقاذ البلاد من دوامة الفوضى والفساد السياسي التي شهدتها في عام 1999. أما اليوم، فمن الملاحظ تراجع ثقة الشعب الباكستاني في حكومته، وأول مظاهر ذلك انخفاض نسبة التأييد الشعبي لحكومة الرئيس آصف زرداري إلى حوالي 20 في المئة فقط. ويعود السبب إلى عجزها عن التصدي للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وكذلك عجزها عن تحسين أوضاع لاجئي وادي سوات، أو إعادة بناء المنازل والقرى التي سوف يعودون إليها. وفوق ذلك كله توجه إليها اتهامات فساد، إضافة إلى تزايد الخلاف داخل صفوفها. وهناك عامل آخر يفسر هذا الضعف الذي تعانيه حكومة إسلام آباد الحالية. يتلخص هذا العامل في احتمال أن تكون هذه الحكومة قد خرجت من اللعبة السياسية أصلاً منذ هزيمة «طالبان»، وذلك بسبب عجزها عن منع مقاتلي الحركة من التسلل إلى وادي سوات، ثم تنازلها للحركة عن سلطة الحكومة المركزية على الإقليم لصالح الحركة فيما بعد. وبدا الآن أن الجيش هو الذي أنقذ مواطني الإقليم من ترهيب «طالبان» وبطشها بهم. مهما يكن، فالظاهر الآن أن الجيش وحكومة إسلام آباد يعملان معاً. لكن ليس معروفاً بعد المدى الذي سيستمر فيه التعاون بين الطرفين. وفي الوقت الحالي يضع الجيش يده على يد الحكومة في إقليم وزيرستان. لكن من شبه المؤكد أن نهاية الحرب على «طالبان» ستشهد بداية الحرب بين الطرفين حول السلطة في إسلام آباد. كاثرين ألوالا كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©