الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مواطنو جنوب السودان يأكلون أوراق الشجر لتجنب الموت جوعاً

مواطنو جنوب السودان يأكلون أوراق الشجر لتجنب الموت جوعاً
25 ابريل 2017 16:16
  لمشاهدة الصور اضغط هنا يواجه مئة ألف شخص في جنوب السودان مجاعة وشيكة، وسط حرب أهلية تحتدم. ويحقق الغذاء الذي تسقطه الطائرات بعض الارتياح، لكن في غياب اتفاق سلام يسمح بإمكانية وصول كل المساعدات الدولية، تضطر الكثير من الأسر لتناول أوراق الأشجار والجذور لتبقى على قيد الحياة. وتخوض ماريا نياموكا يومياً في المياه الموحلة، التي تصل إلى فخذيها في مستنقعات النيل الأبيض، بحثاً عن زنابق المياه لإبقاء أسرتها على قيد الحياة. وقالت ماريا «28 عاماً» وهي أم لثلاثة أبناء في ولاية الوحدة بجنوب السودان، وهي واحدة من المناطق الأسوأ تضررًا من المجاعة «دائماً ما يشكو الأطفال من أنهم جوعى...لكن ليس لدي شيء أعطيه لهم». وزنابق المياه وأوراق الأشجار الأخري والجذور التي يبحث عنها المواطنون، كل ذلك غالباً ما يفصل بين الحياة والموت، بالنسبة للمواطنين المحاصرين في الحرب الأهلية في البلاد، التي تستعر الآن منذ أكثر من ثلاث سنوات. وعادة ما تكون زنابق المياه، التي يطلق عليها اسم «ييل» في لغة قبيلة «النوير» المحلية مجففة ومطهوة، لكن يعطي الآباء للأطفال براعم خام لتجنب آلام الجوع. وتتناول معظم الأسر الطعام في المساء، نظرًا لان الأطفال لا يمكن أن يناموا، عندما يضطرون للذهاب للفراش وهم جوعى. وأعلنت الأمم المتحدة عن مجاعة في أجزاء من ولاية الوحدة في نهاية فبراير الماضي- وهي أول مجاعة يتم الاعتراف بها رسمياً في مختلف أنحاء العالم منذ عام 2011. ويحذر ستيفانو تيمبورين، مدير المساعدات الاجتماعية في جنوب السودان، بالأمم المتحدة «إذا لم يستجب المجتمع الدولي الآن، ستمتد المجاعة للكثير من المناطق في البلاد». وطبقا للأمم المتحدة، فإن هناك نحو مئة ألف شخص في جنوب السودان مهددون بشكل مباشر بالموت جوعاً ومليون آخرون على شفا ذلك. وأول الضحايا في الأغلب من الأطفال تحت خمس سنوات، حيث إن أجهزة المناعة لديهم ضعيفة. ويعتمد إجمالي 5ر5 مليون شخص على المعونات الغذائية. وتنتشر في قرية«جانيليل» أكواخ من الطين، الممتدة على نطاق واسع في غير اتساق، من دون كهرباء ولا شبكة هواتف محمولة ولا طرق مرصوفة، وطبيب واحد فقط لسكان القرية البالغ عددهم 50 ألف نسمة والمنطقة المحيطة. لكن حتى الأحياء المستقرة نسبياً مثل تلك لم يعد من الممكن الوصول إليها عن طريق البر بسبب القتال، لذلك يتم دعمها من خلال جسر جوي. ويتم توفير الشحنات الصغيرة من قبل برنامج الغذاء العالمي، باستخدام مروحيات، بينما يتم إسقاط الشحنات الأكبر من خلال المظلات من طائرات النقل. وتلك المساعدات الخارجية فقط تساعد في تجنب حدوث وفيات جماعية بسبب الجوع. وتنتظر طوابير تمتد بشكل غير منظم من مختلف أنحاء المنطقة لساعات في درجة حرارة 40 درجة مئوية للحصول على حزم المساعدات الغذائية. وتتألف الحصة الشهرية لشخص واحد من 900 ملليلتر من الزيت الصالح للأكل الغني بالفيتامين و15 كيلوغراماً من حبوب الدخن المستخدمة في صنع الخبز و5ر1 كيلوجرام من الفاصوليا أو العدس. وفي مختلف أنحاء البلاد، يعاني آلاف الأطفال من سوء التغذية إلى حد أنهم لن يتمكنوا أبداً من النمو بشكل كامل، مما يهدد جيلاً ضائعاً بأكمله في المستقبل. والوضع أكثر خطورة في منطقتي ماينديت ولير الشماليتين في ولاية الوحدة حيث تم الإعلان عن مجاعة كاملة. لكن نظرًا لان القوات الحكومية والمتمردين يقاتلون هناك بشكل نشط، فإن الجهات التي تقدم المساعدة لا تتمكن من الوصول بسهولة إلى المحتاجين. وقال الطبيب الكيني، جيلداه موكيرا من اللجنة الدولية للإنقاذ «ليست المشكلة فقط الجوع وحده. نتيجة للجوع، تضعف أجهزة المناعة للأشخاص وتحدث العديد من أشكال العدوى الاخرى». والإسهال والملاريا وأمراض أخرى يمكن أن تكون مميتة، لاسيما بالنسبة للأطفال الضعفاء، ويزداد الوضع سوءًا بسبب انتشار الكوليرا والبحث اليائس للعثور على أي قوت. وأضاف موكيرا «في الوقت الحالي، يحاول الناس تناول أي شيء يمكن أن يجدونه». وهناك دول أخرى في شرق أفريقيا مثل إثيوبيا أو الصومال تعاني حاليًا من أزمات الجوع الناجمة عن الجفاف-لكن الأزمة في جنوب السودان من صنع الإنسان. وبالدعم الدولي، حصل جنوب السودان الغني بالنفط على الاستقلال من السودان في عام 2011. لكن في أواخر عام 2013، بدأ صراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير، الذي ينتمي لجماعة «دنكا» العرقية ونائبه حينذاك رياك مشار من قبيلة «النوير». وسقط عشرات الآلاف ضحايا لعنف بدوافع عرقية بشكل كبير بين المعسكرين. ومنذ ذلك الحين، يواجه جنوب السودان أكبر أزمة لاجئين في أفريقيا، وفر نحو 6ر1 مليون شخص للخارج. وجميع الجهود الرامية لتحقيق حل سلمي للصراع معلقة حالياً وقال ديفيد شيرير، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لجنوب السودان «ما نحتاج إليه بشكل عاجل الآن هو هدنة» وبعدئذ يمكن للجهات التي تقدم المساعدة أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في أكثر المناطق التي تواجه صراعات. وطبقا لأرقام الأمم المتحدة، هناك حاجة لنحو 5ر1 مليار يورو هذا العام لاحتواء أزمة الجوع في جنوب السودان، لكن حتى الآن تم توفير ربع هذا المبلغ فقط. وجنبًا إلى جنب مع تقديم الإغاثة الفورية من الجوع، تحاول بعض منظمات الإغاثة أيضا مساعدة السكان في إطعام أنفسهم مرة أخرى. وتساعد منظمة «ويلت هنجر هيلف» الألمانية غير الحكومية في بناء حدائق من الخضروات وتوزيع بذور المحاصيل. لكن هناك دعماً مالياً ضئيلاً لمزيد من مشروعات المساعدات على المدى الطويل، طبقا لتيمبورين من الأمم المتحدة. وبينما البحث عن زنابق المياه هو الحل الأخير للكثيرين، فإن المستنقعات الواسعة للنيل مازالت تقدم أملاً آخر. وهناك سمك، لكن بالكاد لدى أي شخص شباك أو سنانير، لذلك وزعت الأمم المتحدة الآلاف من معدات الصيد في المناطق التي تجتاحها المجاعة. وبوث بول، الذي فر من منطقة «ماينديت» مع أسرته من بين هؤلاء الذين لجأوا إلى المستنقعات للبقاء على قيد الحياة. وهو يعرف أن هناك أكثر من زنابق المياه فقط، إذا تسنى لمساعدات إضافية فقط مثل معدات الصيد أن تصل إليه، وأضاف بول «32 عامًا» «حينئذ يمكنني في النهاية أن أطعم أطفالي مرة أخرى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©