الطبري.. إمام المؤرخين والمفسرين

محمد أحمد (القاهرة) مؤرخ ومُفسر وفقيه، من أئمة أهل السنة والجماعة، وصاحب أكبر كتابين في التفسير والتاريخ، هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، يكنى بأبي جعفر، اتفق المؤرخون على أنه لم يكن له ولد يسمى بجعفر، بل إنه لم يتزوج أصلاً، ولُقب بالطبري نسبةً إلى طبرستان في دولة أذربيجان. سمات النبوغ ولِد سنة 224هـ - 839م في آمُل عاصمة طبرستان، ولاحظ والده في طفولته سمات النبوغ، فوجَّهه إلى الدراسة، ، فتفتح عقله سريعاً.. قال: «حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة». طلب العلم أخذ الطبري يرحل في طلب العلم، فتعلم الفقه ببغداد، والمغازي والسير في الكوفة، ثم توجه لمصر، وفي طريقه إليها مرَّ ببيروت، وقضى بها عدة أيام حتى قرأ القرآن برواية الشاميين، وفي مصر تلقى العلم، وكان يتاجر بقية الوقت ليأتي برزقه. كان الطبري يتمتع بحافظة نادرة، ويجمع عدة علوم، ويحفظ موضوعاتها، وقال عنه أبو الحسن سري بن المغلس: والله إني لأظن أبا جعفر الطبري قد نسي مما حفظ إلى أن مات ما حفظه فلان طول عمره. الورع والزهد عُرف عنه الورع والزهد، والبُعد عن مواطن الشبهات، واعتمد في معيشته على ريع أرضه وبستانه الذي خلَّفه له والده، وقال عنه ابن كثير: «كان من العبادة والزهادة والورع والقيام في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم، من كبار الصالحين، يكتفي بالقليل من الطعام أثناء طلبه للعلم. الثروة العلمية التي تركها الطبري تدل على غزارة علمه، وسعة ثقافته، فكان أكثر علماء عصره نشاطاً في التأليف، ومن هذه المؤلفات: (جامع البيان في تأويل القرآن) المعروف بتفسير الطبري، و(تاريخ الأمم والملوك) المعروف بتاريخ الطبري». أما تفسير الطبري فيعتبر ذا منهج خاص، فهو يذكر الآية أو الآيات من القرآن، ثم يعقبها بذكر أشهر التفسيرات التي قالها الصحابة والتابعون، ثم يذكر روايات أخرى متفاوتة الدرجة في الثقة والقوة. مكانة عالية حظي الطبري بمكانة عالية، وأثنى عليه الأئمة والمؤرخون والمفسرون، فقال عنه الذهبي: «كان ثقة حافظًا صادقًا، رأساً في التفسير، إماماً في الفقه والإجماع والاختلاف، عَلاَّمةً في التاريخ وأيام الناس، عارفًا بالقراءات واللغة. ولم يقبل الطبري المناصب خوفاً أن تشغله عن العلم ، وفي أواخر حياته تعرض لمحنة شديدة وظل محاصراً في بيته حتى تُوفّي في عام 310هـ - 923م».