الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجمهوريون يحيون أسوأ أفكارهم!

31 مارس 2018 21:57
أحياناً ما يبدو الحزب الجمهوري الأميركي ملزماً وعازماً على إثبات أن كل انتقاد وكل سخرية يوجهها الحزب الديمقراطي له هي صحيحة تماماً. وهذه واحدة من تلك المرات الكثيرة التي يحدث فيها ذلك. ففي صباح يوم الأربعاء الماضي، أشارت مجلة «بوليتيكو» إلى تطور مذهل تماماً في سجل محاكاة الذات السياسية: «أفادت مصادر عديدة بأن الجمهوريين في مجلس النواب سيشرعون في تقديم تعديل على الموازنة العامة عند عودتهم من العطلة. وهذا يأتي في أعقاب مشروع موازنتهم البالغة 1.3 تريليون دولار، ومشروع قانون الضرائب الضخم. لكن لماذا يفعلون هذا في الوقت الحالي تحديداً؟ نحن نعتقد أن هذا يرجع إلى اقتراب موسم الانتخابات، وأنه سيكون من المفيد أن يعود المشرعون في الحزب الجمهوري إلى ديارهم وهم قادرون على القول لقواعدهم الانتخابية إنهم صوتوا لدعم توازن الموازنة الفيدرالية بما يخدم مصالح هؤلاء الناخبين، حتى وإن كانوا قد صوتوا لزيادة الإنفاق التقديري بشكل كبير، ولم يمسوا الإنفاق على الاستحقاقات، الذي قالوا لسنوات إنه محرك العجز في الموازنة الأميركية». هذا يشبه اقتراح دونالد ترامب حول قيادة حملة لجعل الزنا فعلاً غير قانوني! قد يتطلب تعديل الموازنة المتوازنة بالنسبة للدستور أن تكون الموازنة الفيدرالية متوازنة كل عام، بغض النظر عن أمور مثل: عدم الاقتراض، وعدم إنفاق أي أموال زائدة على ما تحصل عليه الحكومة من الضرائب. إنها واحدة من أسوأ الأفكار التي اقترحها أي شخص في واشنطن على الإطلاق، لكنها عبثاً تصدر من الحزب الجمهوري. في عهد الرئيس ترامب، اتبع الجمهوريون استراتيجية الموازنة نفسها، المكونة من ثلاثة أجزاء، والتي اتبعوها في عهد الرئيسين رونالد ريجان وجورج دبليو بوش: 1- تخفيضات ضريبية كبيرة، غالباً لصالح الأغنياء والشركات الكبرى. 2- زيادات هائلة في الإنفاق العسكري. 3- تغيير طفيف في مسار الإنفاق المحلي ومن الطبيعي أن يؤدي هذا إلى عجز كبير، نظراً لزيادة الإنفاق وخفض الإيرادات. والاعتقاد بأن هذا يؤدي إلى شيء مختلف يشبه القول بأن فقدان الوزن ينتج عن تناول المزيد من الطعام وممارسة تمارين أقل! وربما يتجاوز العجز تريليون دولار في العام المقبل. لكن الحقيقة أن العجز لا يمثل مشكلة حقيقية. صحيح أن هناك تكاليف فائدة، لكنها في المستوى الحالي نفسه لا تؤدي إلى خروج الاستثمارات الخاصة، ولا تقمع الاستثمار. ونريد على المدى الطويل أن نحافظ على العجز في مستوى معقول، لكن اتخاذ خطوات جذرية لخفضه على المدى القصير، وهي خطوات ذات عواقب كارثية محتملة، سيكون إجراءً غير عقلاني ويصعب فهمه. وهذا تماما ما سيفعله تعديل الموازنة، لأسباب ليس أقلها إنه سيتطلب أن نخفض الإنفاق تحديداً في الأوقات التي نحتاج فيها إلى الإنفاق الحكومي أكثر من غيره. وإحدى الطرق للتفكير في ذلك هي من خلال النظر إلى العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات. وكما تعلم، فإن جميع الولايات تقريباً لديها قوانين تقضي بموازنة ميزانياتها كل عام. وبينما قد يبدو هذا مثل فرض حصافة مالية مثيرة للإعجاب، فإنه يعني أيضاً أنه عندما يكون هناك تراجع اقتصادي وانخفاض في الإيرادات، تكون الولايات مطالبة بجعل الأمور أكثر سوءاً من خلال تقليص الخدمات. هل فقدت وظيفتك؟ إن العيادة المجانية الكائنة في منطقتك ستغلق أيضاً، وسيتم تسريح الموظفين الحكوميين، ما يعني أنهم لن ينفقوا أموالاً أيضاً، لذا فإن دخول الشركات المحلية ستنخفض، ما يعني تراجع العائدات بشكل أكبر، مما يؤدي إلى تقليص الخدمات بشكل أكبر، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان الوظائف. ومن الممكن التخفيف من حدة هذا السيناريو جزئياً من قبل الحكومة الفيدرالية، التي عادة ما تفتح دفتر شيكاتها خلال فترات الركود وتقدم المساعدات للولايات حتى تتمكن من الاستمرار في توفير الخدمات المختلفة. وهذا ما حدث أثناء الكساد العظيم. والآن تخيل ما يمكن أن يحدث إذا كان هناك، أثناء الكساد القادم، تعديل في الموازنة المتوازنة. ستجف إيرادات الدولة، ولن يقتصر الأمر على عدم وجود مساعدة من قبل الحكومة الفيدرالية، بل إنها أيضاً ستطبق تخفيضاتها القاسية على الخدمات، ما يجعل الكساد أسوأ بالنسبة للجميع وأطول فترة. وهناك بالفعل سببان لأن تقوم بدعم تعديل الموازنة؛ الأول هو أن تعتقد أن السيناريو الذي وضعته سيكون في الواقع أمراً صحياً على الرغم من المعاناة الإنسانية الضخمة التي ينطوي عليها، لأنه لن يترك لنا خياراً سوى خفض برامج مثل الرعاية الطبية لكبار السن والفقراء، والضمان الاجتماعي من أجل موازنة الموازنة. والثاني هو أنك تعرف أنها ستكون كارثة، لكنك أيضاً تعرف أن هذا لن يحدث أبداً، والأكثر من ذلك أنك تعرف أن الناس لا يفهمون حقاً التداعيات. فلماذا يبدأ الجمهوريون في الدفاع عن هذا الآن؟ ربما يكون لهذا علاقة بحقيقة أنه على الرغم من أنهم يسيطرون على الكونجرس والفرع التنفيذي، إلا أن أفكارهم نضبت بالنسبة للأشياء التي يرغبون في القيام بها. *كاتب في صحيفة «أميركان بروسبيكت» الإلكترونية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©